من السذاجة بمكان أن ننظر إلى الصمت الإسرائيلي حيال أي حدث شرق وسطي على أنه صمت اللامبالي أو الذي لا يعلم أو الذي لا يعنيه الحدث، وهذه للأسف هي الأفكار السائدة لدى الكثيرين منا ممن تعشش فيهم الأمية السياسية والجهالة التاريخية والضحالة الثقافية، ولا عجب فغالبية العرب هم من هذا القبيل وخاصة المسيسين منهم وهذا هو العجيب والمستهجن في الأمر! إذ كيف يكون المرء مسيسا وهو على هذا الجانب من الغباء ؟ وللجواب على ذلك ينبغي أن نفرق بين السياسي الرسمي والسياسي المقحم على عالم السياسي والسياسي ”المتعربش” على جدران السياسة، والمحصلة أن الجميع وجوه متعددة لدولار أمريكي واحد، فكيف إذن نتغافل عن الدور السياسي الإسرائيلي الفاعل في عمق الحدث الشرق وسطي ؟ وهل وجدت إسرائيل أساسا إلا لأن تكون فاعلة لا مراقبة ومخططة لامتفرجة ومستفيدة لا متضررة ؟ هذه هي وظيفة إسرائيل وأنا هنا لست بصدد فتح مدرسة إبتدائية لتعليم السياسة لمبتدئين ولكنني أطرح البديهيات التي لايمكن لإثنين أن يختلفا حولها فإسرائيل لاتكون سعيدة بجار عربي قوي حتى ولو كان مصر مبارك السادات ليمتد، ولا بجار فاعل على الساحة كما كان عليه الجار السوري ولا بجار يكون صاحب قرار كما هو الحال بالنسبة للجار السوري أيضا وهذا ينطبق على الجار القريب كما ينطبق على العربي البعيد كما هو الحال بالنسبة للجزائر التي بعثت ذات يوم بجنودها ليقاتلوا إلى جانب المصريين إذن فإسرائيل لايرضيها جار قوي وصاحب قرار ولا يرضيها عربي أو مسلم يمكن أن يكون هذا حاله، لأن إسرائيل وجدت لتكون قوية وفاعلة ومؤثرة وبنظرة لما يدور حولها ندرك وللتو أنها لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تكون ذلك العضو الصامت الخانع المحايد البعيد عن جوهر ما يحدث حوله بل أكثر من ذلك هي لاترضى بأن يكون غيرها ولو كانت أمريكا محركا لذلك الحدث، ومن هنا ندرك أنها هي من حرك الحدث في سوريا وهي المستفيدة منه على المديين المتوسط والبعيد غير أن هذا لن يكون إلى الأبد فسوريا والنظام السوري تحديدا إذا بقي وهو باق لابد وأن يكون في مستقبله أفضل مما كان عليه في ماضيه فالخريطة العربية لابد وأن تتغير لصالح هذا النظام لسبب بسيط وهو أن الذين كانت تراهن عليهم إسرائيل وأمريكا قد انكشفوا وسقطت أوراقهم وبان زيفهم، وحتى يتكون الجنين في رحم المخابرات الصهيو أمريكية الذي سوف يكون بديلا لمن انتهى دوره تكون الخريطة قد تبدلت هي الأخرى ولصالح الشعوب ولصالح النظام السوري ومعه المقاومة فأوراق التين قد اصفرت وسقطت وأشجار التين في الطريق لتصبح عارية تماما، والخلاصة أن إسرائيل هي الصانعة والمخططة والفاعلة وأدواتها عربية مئة بالمئة من النوع العابر للخليج والنفط والعالم كل العالم فلا يتوهمن أحد أن إسرائيل هي غافلة كالعرب أو متغافلة كحكامنا والعديد من شهود الزور والمستقبل سوف يكون لنا ولأجيالنا شاء من شاء وأبى من أبى.