عادة ما نضع كلمة ” إسرائيل ” بين مزدوجين في مقالاتنا فهذا حتى لا يفهم منا أننا نعني الاعتراف بذلك الكيان العبري المغتصب، وذلك خضوعا واحتراما لإرادة الأمة كل الأمة التي أجمعت على أن ذلك الكيان هو كيان عدواني ودخيل وغير شرعي، هذه هي بعض مقاطع الأبجدية التي تعلمناها منذ ما يزيد عن سبعين عاما، ولكننا نلتفت يمينا وشمالا فنجد أن أكثر الدول العربية معترفة بها، أما غير المعترفة إذا استثنينا الجزائر وسوريا ولبنان والسودان، فإنها تقيم علاقات سرية وشبه علنية مع هذا الكيان حتى وصل الموس إلى لحية الفلسطينيين أنفسهم، وقبل أيام نشرت وكالات الأنباء للمحمود العباس تصريحا يقول فيه بالحرف الواحد: ”إن السلطة الفلسطينية” الوطنية ”تنسق أمنيا مع هذا الكيان بنسبة تزيد وانظروا جيدا لكلمة ”تزيد” على المائة بالمائة”، وعندما أطلقت إسرائيل قبل أيام سراح ستة وعشرين أسيرا تم اختطافهم قبل أوسلو المشؤومة أقيمت الأفراح والليالي الملاح على أن هذا إنجاز لاتفاق أوسلو، ولكن بعد ما يزيد عن ثلاثة عقود، وهنا نقول وباختصار أنه ليس لأحد الحق باعتبار هذا إنجازا لأنه صفقة بلا مقابل وفي كل المقاييس، وفي نفس الوقت نقلت وكالات الأنباء أن إسرائيل قامت بمداهمات واسعة في الضفة الغربية وهذا يعني أنها تكون اعتقلت أضعاف مضاعفة لما تم الإفراج عنهم، ونحن نعلم والدنيا كلها تعلم أن الداخل من الفلسطينيين إلى سجون الإحتلال لايمكن أن يرى النور بعد ذلك إلا بعد مايزيد عن عقود ثلاثة إن بقي على قيد الحياة وفي خطاب متلفز للمحمود العباس يقول فيه بالحرف الواحد إننا لن نعقد أي اتفاق مع إسرائيل وفي سجونها أسير واحد وهذا كلام أجوف وخالي من أي معنى وبالتالي لا مصداقية له ولا قيمة... إلى هنا أظن أن ذكاء القارئ العربي يدرك جيدا معاني ما ذكرناه وأشرنا إليه والذي قد لايفهمه العربي والتركي والكونغولي معا هو الحديث عن التنسيق الأمني القائم بين إسرائيل وسلطة رام الله، ورجال الأمن والسياسة يفهمون بالطبع أكثر مما نفهم، ولكننا عندما نسلط بعض الضوء على ما كان يتم الإعلان عنه أيضا من أن السلطة الفلسطينية قامت في كثير من الأحيان باعتقال مناضلين من حماس والجهاد الإسلامي وهم في طريقهم كما كانت تزعم السلطة نفسها إلى القيام بما من شأنه الإخلال بالإتفاقيات الأمنية المعقودة مع السلطة وهي تلك التي تحدث عنها أبو مازن، في ظل ذلك التنسيق، ومعنى هذا أن من بنود التنسيق شيئا من هذا، ويحلو للمرء التساؤل عما إذا كانت الاغتيالات التي تقوم بها إسرائيل في صفوف المجاهدين الفلسطينيين تندرج في إطار بعض بنود هذا التنسيق فهل نحن بعد ذلك بحاجة لتوضيح المزيد ؟ بالطبع لا !.