هل هناك تحضير لعدوان ثلاثي على إيران ؟ تعودنا منذ نعومة أظافرنا السياسية والحزبية أن اليسار هو ذلك التيار المعادي للأمبريالية والفساد والسلطة القمعية، وهو المحب للعدل والسلام وحرية الشعوب وحق تقرير المصير، وتعلمنا أيضا أن اليسار هو الفكر الإشتراكي وهو أيضا المعادي للتبعية، وقرأنا أيضا أن اليسار الفرنسي كان الكثير من أجنحته مؤيدا للثورة الجزائرية، وأن الأحزاب اليسارية في العالم ما أن تفوز في انتخابات ما حتى تسارع لرسم إستراتيجيتها على أساس عقائدي مؤيد لكل حركة أو انتفاضة ضد الظلم، هذا هو اليسار الحقيقي وتلك هي مبادؤه وخياراته، أما شأننا مع غيموليه وهولاند فهي على العكس من ذلك تماما، فغي موليه شن حربا على مصر لوقوفها مع الثورة الجزائرية، وهولاند هذا الحائر بين مشية الغراب ومشية الحجل يذرع الدنيا لتتغلب عليه سيرة الغراب، حيث ينقل معه أين حل شؤمه ونعيبه، فقبل حين جاء إلى الجزائر واعترف بوحشية بلده ضد شعبنا إلا أن غطرسته أبت عليه الاعتذار لأنه أجبن من ذلك والاعتذار يحتاج إلى شجاعة الرجال، تلك الشجاعة التي لايمتلكها، ولكنه ذهب إلى أبعد من ذلك فورط الجزائر أو كاد بأزمة مالي وكان ما كان وها هو اليوم وكمن يعيد أمجاد غي موليه اليساري المزيف فيقصد فلسطينالمحتلة لا ليقف مع الشعب الفلسطيني المقهور، بل ليقف في القدس متحديا إرادة الأمة العربية وبالطبع ومعها الفلسطينيون، مؤكدا أن القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، وفوق هذا كله جاء إلى أصدقائه ليعلن تحالفا جديدا بينه وبين الصهاينة ومعهما بعض العرب العاربة من نفطيي الخليج أنه ضد أي تفاهم مع إيران وأنه على استعدا للعمل على تفشيل أي اتفاق مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي عانت أكثر من ثلاثين سنة من الحصار الظالم، لا بسبب برنامجها النووي السلمي بل بسبب طردها للسفير الإسرائيلي من أرضها، ودعمها غير المحدود للمقاومة، ويبدو أن الرجل أراد أن يذكرنا بالعدوان الثلاثي على مصر بسبب موقف هذه الأخيرة إلى جانب الثورة الجزائرية، وهذه المرة هو بصدد إنشاء حلف ثلاثي جديد يهدد به إيران ويشهر في وجهها سيف الخيار العسكري التآمري، والحليف الثالث هذه المرة لإسرائيل هو من أشارت إليه الصحافة الأوروبية وللأسف الشديد بلد عربي خليجي كان ينبغي أن يقف إلى جانب إخوانه، ولكن للأسف فإن ”فرخ البط عوام” كما يقولون وإذا ما شن عدوان ثلاثي هذه المرة على إيران فإن ذلك يكون بسبب موقف إيران المساند للثورة الفلسطينية تلك الثورة التي لاتفصلها أي مسافة عن الثورة الجزائرية ذلك أنهما من رحم واحد، وحتى لا نغمط الشعب الفرنسي حقه فإن كل المعطيات تشير إلى هبوط شعبية الرجل إلى الحضيض، ولعل تهوره يقوده إلى نفس مصير غي موليه الذي اختفى عن خشبة المسرح السياسي بعد العدوان الثلاثي على مصر فهل يعيد التاريخ نفسه ومن باريس ؟