سافر جمهور قاعة ابن زيدون، برياض الفتح بالعاصمة، إلى الزمن الأندلسي وحضارة غرناطة، عبر وصلات موسيقية أندلسية رقيقة، أمتعته طوال الحفل الفني الذي قدمته جمعيتا “دار الغرناطية” من القليعة و”ابن باجة” من مستغانم ، في إطار السهرة الثانية لفعاليات المهرجان الثقافي الوطني للموسيقى الأندلسية “الصنعة” السابع المستمر إلى غاية ال10 من الشهر الجاري بالقاعة ذاتها. سهرة اليوم الثاني، من المنافسة الرسمية على الجائزة الأولى لهذه الفعالية التي تشارك فيها 8 فرق موسيقية من مختلف ربوع الوطن، حضرها أولّ، أمس، جمهور غفير يعشق النوبة الكلاسيكية والتراثية الأصيلة، صنعتها جمعيتا “دار الغرناطية“ وابن باجة” بقيادة متألقة للموسيقي عبد الوهاب أوساي، حيث أمتعتا الحضور بباقة منوعة من الأغاني الأندلسية. فقدمت “دار الغرناطية “ نوبة سيكا التي استهلتها بمصدر “ياناس أما تعذروني” تلاه بطايحي “زاد الحب وجدي” وهو ما ألهب الحضور العاصمي الذي تفاعل بقوة مع الأداء من حيث الصوت واللحن العذب الذي سافر به إلى حضارة الأندلس ببلاد اسبانيا، تحت وقع آلات موسيقية حديثة تم دمجها في هذا اللون الكلاسيكي العريق في الجزائر والذي اعتاد على آلات عتيقة خاصة به. كما أدت استخبار “قتلني بغيرشرع”و” بعده درج سيكا “ريم نظرتني” ثم تلاه انصراف “لولاك ما همت وجدا” وانصراف ثاني “يا ساقي لا تغفل” ، ولم تتوقف عند هذا الحدّ بل راحت تشدو تألقا وطربا حينما غنّت “يفرج ربي” وانصراف “طياري مسرار” قبل أن تسدل ستار شدوها “يامن درى من نعشق”. بالمقابل تألقت بدورها جمعية “ابن باجة” من مسك الغنائم وأدت نوبة “حسين التي افتتح بها الجوق عرضه وتنقلت كذلك بين لمصدر حسين “باح سري” ثم بطايحي حسين “عشقتك من نظيرة” ودرج حسين “يا طايحي قم”. ومما قدمته على ىالرحكح أناب عن التزامها بتقاليد مدرسة الصنعة للعاصمة التي تعمل جمعية “ابن باجة“ من مستغانم على إبرازها والتمسك بها، حيث واصلت الفرقة غناءها بأداء استخبار عراق ثم انصراف حسين بعنوان “آه لولاك ما” قبل أن ينهيه بخلاص “يا أهلا الحمى” على وقع التصفيقات الحارة من الجمهور العاصمي. تجدر الإشارة أنّ جمعية “ابن باجة” التي تأسست في 2002 وتحمل اسم الفيلسوف العربي المسلم ابن باجة تعتبر إحدى أهم جمعيات الفن الأندلسي في الجزائر إذ ورغم حداثتها إلا أن لها بروزها مميز عكسته مشاركاتها المختلفة في المهرجانات الوطنية والدولية، حيث نالت سنة 2011 عل الجائزة الأولى من هذا المهرجان في نسخته الخامسة. وتعدّ “الغرناطية” التي تأسست بالقليعة في 1972، من أعرق جمعيات الموسيقى الأندلسية في الجزائر، عمرها اليوم 40 سنة، كانت كلها تميزا وتألقا على المستوى الوطني والدولي.