كشف المتدخلون خلال اليومين الدراسيين المنظمين من طرف وزارة الصحة والسكان بباتنة حول داء السيليكوز الناتج عن مهنة صقل الحجارة، أن بلدية تكوت لوحدها عرفت وفاة 84 ضحية إلى غاية السداسي الأول من السنة الجارية، بالإضافة إلى الكثير من حالات الوفاة الناتجة عن الداء ببعض بلديات ولاية باتنة، والتي وصل عددها إلى 110 ضحايا. تعد بلدية تكوت من أهم المناطق التي تشهد استفحالا لداء التكلس الرئوي بسبب الإقبال المتزايد لشبان البلدية على احتراف مهنة صقل الحجارة، في غياب البدائل وانتشار البطالة في أوساطهم، إذ أن الإحصائيات الخاصة بممارسي المهنة تشير إلى وجود ما يقارب ال 900 شاب لايزال يشتغل في صقل الحجارة ببلدية تكوت رغم إدراكه لمخاطرها، كما أن معظم هؤلاء الممارسين ينتشرون في جل الولايات الكبرى بالجزائر، علما أن بلدية تكوت الواقعة على بعد 80 كلم من عاصمة الولاية تحتوي مقالع للحجارة وصخورا كبيرة يعمد الشباب الى اقتلاعها بواسطة آلات خاصة وصقلها بما يناسب أذواق أصحاب المنازل الفخمة والفيلات، مقابل مبالغ مغرية بالنسبة لهؤلاء الشبان. في هذا السياق، أشار الدكتور عبد السلام فريد، إلى أن زحف الداء خلف 42 أرملة و96 يتيما، دون الأخذ في الحسبان بعض الحالات الأخرى المسجلة بباقي بلديات الولاية، مضيفا أن مديرية الصحة لولاية باتنة نظمت في 2007 حملة لتشخيص داء السليكوز مست 359 صاقل حجارة، من بينهم 176 يحمل أعراض المرض منهم 21 مصابون بتعقيدات صحية، مشيرا أن ولاية باتنة ككل تسجل إلى غاية اليوم 925 ممتهن في صقل الحجارة من بينهم 350 مصاب بالسليكوز، 59 مصابا منهم يحمل تعقيدات بمرض السل و7 يخضعون للتنفس الاصطناعي. وقد تحدث بعض الأطباء عن وجود بعض الحالات المصنفة في خانة الميؤوس منها، حيث لاتزال المصالح الطبيية المختصة تعلن بين وقت وآخر عن وفاة مصاب بداء التكلس الرئوي. وكانت مجموعة من المهتمين و أولياء الضحايا والممارسين قد طالبوا بوضع مخطط استعجالي واضح من طرف السلطات الرسمية بولاية باتنة، من أجل وقف مهنة الموت، أو على الأقل توفير أدوات وأجهزة حديثة تقي ممارس هذه المهنة من خطر الموت، أو حتى إنجاز مصحة مختصة في الأمراض التنفسية بالمستشفى الجديد الجارية الأشغال به للتكفل بالمرضى. وأكدت مصادر من البلدية أن الحملات التي تقوم بها للتحسيس بخطورة هذا المرض تبقى غير فعالة، بل تتجاوز إمكانيات البلدية المادية والبشرية، مطالبا الجهات المعنية بالتدخل العاجل لوقف الموت ”المقنن”، فيما رفعت مؤخرا مهتمون لائحة من المطالب إلى الجهات المعنية، من أهم ما تضمنته اعتبار ضحايا السيليكوز كضحايا مأساة وطنية، واستفادة الشباب الذي يشتغل في مهنة الموت من قروض ”أونساج” و”كناك” بدون فوائد ربوية، لتشجيعهم على ترك المهنة وتغيير النشاط، وإعادة فتح مصانع أريس ومركز الصناعات التقليدية ببلدية غسيرة.