التقسيم الإداري جعل بعض البلديات تبحث عن "الهوية" مازالت العديد من بلديات تيسمسيلت ضحية التقسيم الإداري الذي جعلها تعيش تحت خط المعاناة والفقر نظرا للتهميش الذي عانت منه لعقود من الزمن رغم قربها من عاصمة الولاية، إلا أنها ماتزال تكابد مشاكل عدة، أبرزها غياب مشاريع ومخططات المحلية بكل أطيافها. ليبقى المواطن بها ينتظر هبوب رياح التنمية لإعادة ما أفسده المنتخبون السابقون. الاحتباس التنموي يلازم بلدية بوقارة منذ عقود لا يعرف الزائر إلى بلدية بوقارة التابعة لولاية تيارت، إن كانت مجمعا سكنيا أم دوارا، حيث يستحيل إيجاد تصنيف لها نظرا لغياب كل معالم التنمية الحقة، فسكانها يعيشون أوضاعا مزرية يستعصي وصفها بسبب تهميش وتجاهل السلطات بالولاية لهم وعدم تكفلها بحل مشاكلهم التي تراكمت على جميع المستويات، إذ لا تولي مصالح الولاية أدنى اهتمام بالمنطقة ولم تكلف نفسها خلق أي مشاريع تنموية أو مرافق حيوية. فالمجالس المنتخبة المتعاقبة عجزت عن تلبية حاجيات المواطنين بفعل الديون المتراكمة وقلة الإمكانيات، وفي غياب الدعم والأغلفة المالية والبرامج الإنمائية ولم تجد إلا التكفل بتسيير ملف الشبكة الاجتماعية ومصلحة الحالة المدنية، علما أن التقسيم الإداري الذي فرض عليهم أن يكونوا تابعين لولاية تيارت بدل تيسمسيلت، عمق معاناتهم نظرا لبعد المسافة بين بلديتهم ومقر ولاية تيارت وحول أيامهم إلى جحيم لم ينفع معه سرد أوجاعهم وآهاتهم، المتصلة أساسا بالإطار المعيشي الذي غابت عنه جل شروط وضروريات الحياة الكريمة بهذه البقعة التي لا تحمل من البلدية سوى الإسم، البعيدة عن عاصمة الولاية والبعيدة عن اهتمامات مسؤوليها بفعل الاحتباس التنموي الذي لازمها منذ عقود وأوقعها في دائرة النسيان، في مشهد يعكس بوضوح تام قطع صلة الرحم مع أكثر من 9 آلاف نسمة تحتضنها البلدية. الزائر لبلدية بوقارة، التي لا تبعد عن مقر ولاية تيسمسيلت إلا ب 10 كيلومترات، رغم أن هذه الأخيرة تابعة إقليميا لولاية تيارت لا يكاد يصدق أن الدولة خصصت 144 مليار دج لتنمية مثل هذه البلديات المحرومة، خاصة أن هذه الأخيرة لاتزال تفتقد لأدنى الضروريات فطرقات هذه المدينة وأرصفتها توحي بآثار الدمار الشامل، حيث أصبح يتعذر على أصحاب السيارات عبور الكثير من الشوارع التي لم يتغير وضعها منذ نصف قرن.. ناشد سكان بلدية بوقارة، التي يعود تأسيسها إلى ما قبل الاستقلال، المسؤولين تكليف أنفسهم مرة عناء زيارتهم للاطلاع على أوضاعهم المزرية والتي ساهم في تكريسها، حسب اعتقادهم، زمرة المسؤولين المتعاقبين الذين انغمسوا في قضاء مصالحهم بعيدا عن همومهم ومشاكلهم. ففي الوقت الذي تستفيد فيه بعض بلديات الولاية من مشاريع سكنية معتبرة، فإن نصيبهم لا يتجاوز ذر الرماد للعيون، فالاستفادة من مناصب تشغيل الشباب والشبكة الاجتماعية أمر بات يقتصر على فئات محدودة من المحظوظين دون غيرهم من أبناء البلدية الذين يظلون تحت رحمة البطالة، والتي فاقت نسبتها في هذه البلدية 50 في المائة. أمر آخر يعتقد السكان أنه سبب بلائهم وحرمانهم، ويتعلق بالتقسيم الإداري المجحف الذي يجعل منهم تابعين إقليميا لولاية تيارت والتي يبعدون عنها بأكثر من 70 كلم، في حين أن بعدهم عن ولاية تيسمسيلت لا يتجاوز الكيلومترات العشرة، وهو ما يدفع اليوم هؤلاء لمناشدة السلطات العليا لإعادة النظر في هذا التقسيم الجائر الذي لا يخدم مصالحهم، والذي يدفع حتى رياضييها للتسجيل ضمن رابطة تيسمسيلت، على خلاف ما تنص عليه القوانين. وفضلا عن هذا فإن مصالح سكان بلدية بوقارة باتت مرتبطة ببلدية تيسمسيلت باعتبارها أقرب إليها حتى من دائرة حمادية التي تتبع لها، لدرجة أنك تجد من يعتقد أن البلدية فعلا تابعة إداريا لولاية تيسمسيلت، وهذا ما يفسر حجم المعاناة التي يعيشها قرابة 09 آلاف مواطن تحدثوا بنبرة أسف وحزن على إسقاط بلديتهم من الاستفادة من مختلف برامج التنمية، رغم نداءاتهم المتكررة التي رفعوها للسلطات الولائية التي أغمضت عينيها لمطلبهم الهادف لوضع بوقارة ضمن مصاف البلديات الأخرى لا غير أو إلحاقها بولاية تيسمسيلت.. حيث جدد هؤلاء الذين مزقت أصواتهم وصرخاتهم الصمت وحتى الصبر، مطلب تدخل المسؤول الأول في البلاد أملا منهم في رفع الستار عن معاناتهم المتواصلة، التي اصطدمت بتجاهل المسؤولين الذين غرقت كل وعودهم وعهوده الجوفاء، فلا مكتبة ولا دار للثقافة ولا مرافق ترفيهية ولا طرق صالحة ولا تهيئة مبرمجة بمقابل شباب بطال وتنمية منعدمة والسلطات المحلية نائمة تتفرج على مشهد مأسوي.. فالحياة والموت عنوان مشترك لدي سكانها في ظل تجاهل الصريح ومبرمج. وإلى ذلك يبقى تدخل السلطات العليا أكثر من ضروري للوقوف عن كثب على حجم المهازل والكوارث التي تعد واحدة من شواهد التخلف التنموي هناك. التقسيم الجائر يجعل بلدية برقوق في رحلة بحث عن ”الهوية” مازال سكان قرية برقوق، التابعة لدائرة برج بونعامة في تسمسيلت، تعيش جحيما حقيقيا فرضه التقسيم الإداري الفوضوي لحدودها، جراء انقسام أراضيها بين ثلاث مناطق تعود إداريا إلى بلديات برج بونعامة، سيدي سليمان، وبني لحسن، وثلاثتهم تابعين لدائرة برج بونعامة، حيث غابت بهذه القرية كل مشاريع التنمية الريفية التي من الممكن أن تستفيد منها قراهم. وما زاد الطين بلة أن رؤساء البلديات الثلاث يتعاملون مع القسم الراجع لتراب بلديتهم، على أنه منطقة حدودية قليلة السكان لا حق لقرية برقوق في التنمية كون أغلبهم يجلبون المياه الصالحة للشرب على ظهور الدواب من الحنفية الوحيدة بالمنطقة، رغم مرور القناة الرئيسية للمياه الشرب القادمة من سد الكدية الرصفة والمتجه نحو تسمسيلت بوسط القرية، ناهيك عن غياب أي دعم لبناء سكنات ريفية تحفظ ما تبقى لهم من كرامة، بسبب أن غالبية السكان الراجعين إداريا لبلدية برج بونعامة يملكون أراض صالحة للبناء تقع في القسم الآخر من القرية التابع إداريا لبلدية بني لحسن. بينما السكان التابعون لهذه الأخيرة يملكون أراض في القسم الراجع إداريا لبلدية سيدي سليمان، ما يجعل الراغب في الحصول على دعم في مجال البناء الريفي مضطرا لتحويل إقامته من بلدية إلى أخرى في نفس القرية.. معضلة لا يمكن لأحد أن يفهمها إلا القائمين على عملية رسم الحدود بالولاية، حتى أن المعاملات الإدارية واستخراج الوثائق كشهادة الميلاد كل عائلة تستخرج وثائقها من البلدية التابعة لها. ويبقى الحل الوحيد بالنسبة لسكان قرية البرقوق أن تتنازل بلديتان عن القسمين التابعين لها من القرية لصالح بلدية واحدة، حتى تستفيد من مشاريع تنموية تخرجهم من بؤرة العزلة والتهميش.