شكلّ موضوع اللقيط ومعاناته في المجتمع التونسي وصراع أصحاب المال والنفوذ، فكرة الفيلم الموسوم ب"باستاردو"، للمخرج التونسي نجيب بلقاضي، الذي لم يتوان عن معالجة الظاهرة بشكل جريء وصريح، كشف غياب الدولة والحياة البائسة والمتوحشة التي يعيشها ثلة من التونسيين. صورة سواداوية وقاتمة تلك التي طرحها نجيب بلقاضي في ”باستاردو” الذي احتضنت عرضه أول أمس قاعة الموڤار بالعاصمة، ضمن مسابقة الأفلام الطويلة في مهرجان الجزائر للسينما المغاربية في دورته الثانية التي تستمر حتى ال11 من الشهر الجاري، بمشاركة 38 فيلما يتنافس على ”الأمياس الذهبي”. فيلم ”باستاردو” يحللّ طوال 116 دقيقة، بصورة سينمائية جميلة وسرد مميز للأحداث، مأساة اللقيط داخل المجتمع التونسي والحياة بشكل عام وسط أحد الأحياء المهشمة في العاصمة تونس، من خلال قصة رضيع ”لقيط” أنقذه صالح عندما وجده مرميا في قمامة، فتولى تربيته وأطق عليه اسم ”محسن” الذي أصبح شابا يعمل حارسا بأحد المصانع، يعدّ واحدا من بين مئات الشباب التونسيين الذين يعانون التهميش والإقصاء والبطالة، ما يدفع البعض إلى احتقارهم والتقليل من قيمتهم. سعي ”باستاردو” أو ”محسن” لإثبات نفسه كان صعبا، حيث قرر تركيب محطة إرسال للهاتف النقال فوق منزله، بإقناع من ابن حيّه سائق الطاكسي ”خليفة” حتى يحسن وضعيته المعيشية وكذا حالة سكان حيّه، لكن يفاجئ بصديق دربه ”لرنوبة” الذي لم يتقبل فكرة أن ينجح باستاردو في حياته.. هنا بدأ الصراع بين أصدقاء الأمس، فبعد أن كان ”لرنوبة” يتحكم في زمام الحي تتحول زعامته بشكل ما إلى ”باستاردو” الفتى الفقير، لاسيما أنّ منزله مواتيا بما فيه الكفاية لتركيب الهوائي على سطحه. تتصاعد أطوار الصراع بين الطرفين من أجل زعامة الحي، ”لرنوبة” المملوء بالحقد والضعف معا والمدعوم من أمّه ”الشريرة” التي تدفعه دوما لعدم إفلات الزعامة وقبضة يده على الحي الفقير، لكن ”باستاردو” الذي تغرم به فتاة تدعى ”بنت السنقرة”، غريبة الأطوار والتصرفات وتعاشر ”لرنوبة” من أجل المال، حتى أنّ الجميع يظن أنّها مجنونة غير أنّ الفتاة تقع في حب من طرف واحد ل”باستاردو”، هذا الأخير يكنّ مشاعر جياشة لفتاة أخرى تسمى ”مرجانة”، التي لا تعيره أي اهتمام.. وبالتالي يصور الفيلم وسط الصراع على السلطة قصص حب زائفة بل متناقضة ليست كحب قيس لليلى أو عبلة لعنتر، أو روميو وجولييت. ومع توالي الأحداث يقتل ”لرنوبة” خليفة الذي كان يحلم بأن يعيش حياة رغيدة، أمّا محسن فبات سيدا ولم يعد ”لقيطا” ومات بأزمة قلبية بسبب الإشعاعات المنبعثة من الهوائي دون أن يحصل على قلب مرجانة..