تكشف الأسماء التي أعلنت مشاركتها في ندوة الانتقال الديمقراطي المزمع انعقادها اليوم، بفندق مزفران، عن تمكن المعارضة ممثلة في تنسيقية الحريات، ولو إلى حين، من تجاوز خلافاتها الإيديولوجية داخل الأسرة الحزبية الواحدة، بالالتقاء حول طاولة مشتركة تتطلع إلى فتح نقاش حر بعيدا عن دوائر السلطة لإحقاق "نظام سياسي شرعي وديمقراطي". بعد شد وجذب بين التنسيقية والإدارة حول الترخيص لعقد الندوة المقررة اليوم، سجلت شخصيات وطنية وحزبية أسماءها لحضور أكبر تجمع سياسي من نوعه يضم مختلف الحساسيات الإيديولوجية والمتباعدة. وما يشد الانتباه هو قرار جبهة القوى الاشتراكية وهي أقدم حزب معارض، المشاركة في الندوة ليجلس إلى جانب حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية على طاولة واحدة، وهما الخصمان إلى وقت قريب، بعدما كان الأرسيدي يتهم الأفافاس بالتواطؤ مع السلطة في قضايا تخص منطقة القبائل، كما أن الناشط السياسي المعارض مقران آيت العربي، الذي يختلف مع أعضاء حزبه السابق التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية حيث احتدمت الخصومة بينهم، أكد أول أمس تلقيه دعوة من التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي للحضور، موضحا أن مشاركته تأتي ”قصد مواصلة النضال، والمساهمة مع المعارضة في تفكيك نظام التحكم والاستبداد بالوسائل السلمية، وفي بناء دولة القانون الوضعي، وتكريس الحريات العامة وحقوق الإنسان والمواطن، ومن أجل إعادة الكلمة للشعب السيد”، وفق بيانه. الندوة المرتقب أن يحضرها أزيد من 300 شخصية وطنية، ستجمع رؤساء حكومات سابقين كانت أطياف من المعارضة ”الاستئصالية” على غرار علي يحيى عبد النور وسعيد سعدي وقيادات من الفيس المحظور، تنبذهم بسبب مواقفهم السياسية آنذاك، فعلى غرار أحمد بن بيتور، ومولود حمروش وهما معا رئيسان سابقان للحكومة، فإن مشاركة قطب قوى التغيير، الذي أنشأه رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس هو الآخر، سيعطي حضوره نفسا جديدا لهذه الندوة. وبينما رفض علي بلحاج، القيادي الثاني في الفيس المحظور، أكد عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم أن قيادات من الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة أعلنت مشاركتها في الندوة، كما أكد عبد المجيد مناصرة حضور جبهة التغيير، وهما الحزبان اللذان أخفقا قبل سنوات في تجسيد الوحدة بين حمس والتغيير من أجل لم شمل التيار الإسلامي. وردا على الانتقادات الموجهة للتنسيقية باختيار توقيت عقد الندوة مع مشاورات أويحيى لاستقطاب مختلف الشخصيات الوطنية، قال مقري إنها ”ليست في منافسة مع المشاورات التي يقوم بها أحمد أويحيى”، مردفا أن اتخاذ عموم الأحزاب والشخصيات قرار عدم المشاركة فيها لا علاقة له بالعمل المشترك الذي تقوم به المعارضة، كما أن كل حزب أو شخصية اتخذ قراره من خاصة نفسه وداخل المؤسسات بالنسبة للأحزاب دون تشاور مسبق بين هؤلاء جميعا، وأن هذا الاستعداد الواسع للمشاركة في ندوة الانتقال الديمقراطي اتخذها كل طرف بمحض إرادته ولم تقم التنسيقية إلا بجهد الإقناع وحسن إعداد الأرضية المشتركة المعروضة للنقاش والإثراء، وفق قوله. أمين لونيسي قال إن معالم تغيير الخريطة السياسية بدأت تتضح، سفيان جيلالي: نجاح ندوة الانتقال الديمقراطي يفرضعلى السلطة احترام المعارضة أكد رئيس ”جيل جديد”، جيلالي سفيان، في تصريح ل”الفجر”، أن عدد الشخصيات التي ستحضر ندوة الانتقال الديمقراطي والحريات المزمع عقدها اليوم، ستفرض على السلطة اعتماد المعارضة مستقبلا كشريك قوي وسلطة مضادة لا يمكن الاستهانة بها. وأوضح أن معالم تغيير الخريطة السياسية بدا واضحا حتى وإن حاولت السلطة تجاهله. وأضاف جيلالي سفيان أن المعارضة اليوم موحدة أكثر من أي وقت مضى، مشيرا إلى أن الندوة هي تحول سياسي مهم في الجزائر، حتى وإن حاولت السلطة تجاهل هذا الواقع الذي أصبح حقيقة اليوم. وتوقع أن تتوج الندوة بالنجاح ”لأن الجميع تعالى عن الحسابات السياسية والإيديولوجي ةوالحزبية ووضعها جانبا من أجل مصلحة الجزائر فقط ومستقبلها، وإنجاح مشروع التغيير الديمقراطي الهادئ”. وذكر رئيس جيل جديد أن المعارضة تفوقت في هذه الجولة عن السلطة، التي تعقد في الجهة الأخرى مشاورات سياسية من أجل تعديل الدستور الذي تريد من ورائه ككل مرة كسب الوقت لا أكثر، واستدل بنوعية الأحزاب والشخصيات الوطنية التي تتحاور معها من أجل ما يعرف بالدستور، مبرزا أن ندوة الانتقال الديمقراطي، تاريخية بكل المقاييس، حيث سيقدم كل طرف صوته وآراءه وتحليله، وستتغلب فيها لغة الحوار والعمل الجماعي والتنسيق، وهي خطوة ستتوج بنتائج كبيرة تتبلور في المستقبل القريب، على مستوى إعداد الدستور وتنظيم الانتخابات وغيرها من الترتيبات التي تتطلبها مراحل الانتقال الديمقراطي الهادئ والسلمي.