بدأت وسائل إعلام جادة، غربية وعربية، تشكك في صحة فيديو قطع رأس الصحفي الأمريكي فولي الأسبوع الماضي، وقالوا إنه فبركة قامت بها المخابرات الأمريكية لتوسع من دائرة الرعب من تنظيم “داعش” المنسوب إليه هذه الجرائم والجرائم الأخرى المقترفة في العراق. وأظهرت المقارنة بين الشخص ذي البدلة البرتقالية الذي قيل إنه قطع رأسه على يد التنظيم، وصور الصحفي الذي سبق وأن اختطف قبل هذا في ليبيا، بدت واضحة ولم تكن لنفس الشخص مثلما تبديه المقارنة. إن صحت هذه الإدعاءات، فإن أمريكا صانعة هذه التنظيمات والتي تدعي أنه تشن حربا عليها في العراق، تكون تخطط لشيء ما في المنطقة، وفي سوريا تحديدا التي قيل إن الصحفي قتل على ترابها وكان مختطفا بها. فمنذ أيام قال قائد أركان الجيش الأمريكي إن الحرب على الدولة الإسلامية لابد أن تشمل التنظيم في سوريا أيضا وأن يتركز عشرات الآلاف من المقاتلين من أزيد من 50 جنسية بما فيها الأمريكية. وها هو وزير الخارجية السعودي يقول أيضا إن بلاده لم تعد تهدف إلى إسقاط النظام في سوريا، وهذا بعد أزيد من ثلاث سنوات من تمويل وتسليح بلاده الجماعات الإرهابية ومن إصدار فتاوى تشجع على الذهاب للقتال في سوريا ضد نظام بشار. كلام وزير الخارجية السعودية يذهب في نفس الاتجاه مع مواقف الخارجية الأمريكية التي بدأت تعرض تعاونا على نظام بشار ضد داعش والجماعات المتطرفة الأخرى، وقالت إنه لابد من أن يوجه الطيران الأمريكي ضربات ضد التنظيم في سوريا، وهو ما تجاوبت معه سوريا. وقال وليد المعلم إن سوريا ترحب بالتعاون مع المجتمع الدولي بما فيه الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا في الحرب على التنظيمات الجهادية والدولة الإسلامية، شرط أن تتم العملية بمشاركة الجيش السوري، وإلا فإن أي تدخل لا يتم وفق هذا الشرط يعتبر عدوانا على بلاده، و”سنتصدى لأي طيران يقصف مواقع في سوريا” من دون موافقه بلاده التي هي مستعدة للتعاون في تطبيق قرار مجلس الأمن 2170 المتعلق بالحرب على التنظيمات الإرهابية، والذي يهدف إلى وقف التمويل عن هذه التنظيمات واستقطابها للمزيد من المقاتلين في وسورياوالعراق. فهل هذا الموقف الحذر والمشروط للطرف السوري يعني أن سوريا تكون تنبهت لمخطط أمريكي ما، تهدف من ورائه أمريكا لإيجاد أي فرصة لتوجه ضربات جوية في سوريا، قد تستهدف مواقع استراتيجية بدعوى توجيه ضربات لداعش، وتسجل في إطار ما بات يعرف من قبل الجيش الأمريكي ب”النيران الصديقة” أو كأضرار جانبية أو أخطاء غير متعمدة. لأنه إن صح أن الفيديو مفبرك مثلما قلت، لم يبق أمام أمريكا من خيارات إلا النصب والكذب لتنال من النظام السوري بعدما استحال عليها إسقاط بشار لما يتوفر عليه من دعم دولي إيراني، روسي وصيني، عكس الأنظمة العربية الأخرى التي سهل إسقاطها لعدم توفرها على صداقات استراتيجية، ومنها نظام القذافي. ما زلت أشك في أن تكون الحرب التي تقودها أمريكا على هذا التنظيم والتنظيمات الأخرى جادة، وما هي إلا ذريعة للإسراع بتنفيذ المخطط الذي وضعته للمنطقة بكل الطرق الممكنة مهما كانت درجة المقاومة في هذه البلدان، وعلى رأسها النظام السوري، وما قضية التقرب من نظام بشار إلا ذريعة لتفجيره من الداخل؟!