تشهد مختلف بلديات العاصمة حالة من الفوضى والاكتظاظ وطوابير لا تنهي تنطلق في الساعات الأولى من الصباح ولا تنتهي إلا بعد غلق المكاتب، والسبب أطنان من الوثائق التي يحتاج إليها المواطن غداة كل دخول اجتماعي، خاصة الطلبة وتلاميذ المدارس الذين يجدون أنفسهم غداة كل دخول اجتماعي، مجبرين على تقديم ملفات بها وثائق تبدأ بشهادة الميلاد الأصلية وتنتهي ببطاقة الإقامة وغيرها من الوثائق التي سبق أن اعترف وزير العدل نفسه بأن أغلبها لا مبرر لها إداريا. وكان الوزير قد وعد بتحفيف الإجراءات البيروقراطية بالتقليل من الوثائق، غير أن وعود الوزير بقيت حبرا على ورق وما زالت معاناة المواطنين متواصلة. في جميع بلديات العاصمة تصادفك طوابير طويلة عريضة، تتعالى أصوات الناس واحتجاجاتهم، بينما يقابلها صراخ الموظفين الذين يتبرأون من الحالة الخارجة عن نطاقهم. أغلب الواقفين في الطوابير تلاميذ المدارس وطلاب الجامعات الذي أتوا لتجديد ملفات التسجيل المدرسي والجامعي، مع ما تحتويه من أطنان من الوثائق، من شهادة الميلاد الأصلية وليس نهاية ببطاقة الإقامة وشهادة عدم العمل وغيرها. هذه بلاد ”الكواغط” يؤكد الجميع متذمرين من قضاء يومهم راكضين من مصلحة إلى أخرى من أجل تصحيح خطأ في شهادة ميلاده، لأن استخراج وثائق الميلاد عن طريق الحاسوب صار نقمة عوض أن يكون نعمة، فالأخطاء ترتكب بالجملة في كتابة الأسماء وتواريخ الميلاد، وحتى المعلومات المتعلقة بالحالة المدنية فكم من أعزب وجد نفسه متزوجا والعكس، وطبعا تصحيح هذه الأخطاء يستغرق وقتا وجهدا. أغلب من وجدناهم في البلدية واجهتهم مشاكل مماثلة، ما يعني أن تحسين الإدارة والخدمة العمومية والقضاء على البيروقراطية ما يزال مجرد كلام وتصريحات إعلامية وأن إنهاء معاناة المواطنين لن يكون غدا.