تباينت آراء الطبقة السياسية المعارضة حول التعديل الحكومي، بين من يرى أنه يندرج في إطار ترتيبات تهم البيت الداخلي للجماعة الحاكمة، ومن قال أنه مجرد استمرار لحالة الترقيع ومحاولة الخروج من حالة الانسداد، وأجمع أغلبهم على أنه تغيير فاقد للنظرة الاستشرافية. انتقد رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، التعديل الحكومي وقال أن هذا التعديل لا يتعلق بنية تطوير الأداء الحكومي، وإنما هو ترتيبات تهم البيت الداخلي للجماعة الحاكمة، وقالت حمس في بيان لها، أن هذا التعديل لا يستجيب للمتطلبات المتعلقة بالخروج من حالة الركود الاقتصادي أو عدم القدرة على تحقيق التنمية أو على تحقيق انسجام مفقود داخل الفريق الحكومي، ولا أي متطلب آخر منطقي، مشيرة إلى أن الأوضاع الاقتصادية ماضية في تدهورها عبر مختلف المجالات، كما لا تزال مخاطر تراجع الإنتاج وسقوط أسعار البترول تهدد مستقبل البلد. وأضاف البيان أن هذا التعديل لا يتعلق بنية تطوير الأداء الحكومي وإنما هو ترتيبات تهم البيت الداخلي للجماعة الحاكمة، علاوة على أن الأداء لا يمكن تطويره ضمن منظومة سياسية رسمية معطوبة أكل مصداقيتها وشرعيتها التزوير الانتخابي والفساد الشامل والفشل الدائم. بن فليس: التغييرات الحكومية بلغت درجة من التفاهة تجعلها تستعصي على أي قراءة سياسية منطقية قال زعيم حزب طلائع الحريات قيد التأسيس، علي بن فليس، إن التعديل الحكومي هو مواصلة لحالة الترقيع وفرار من حالة الانسداد التي تميز الوضع العام، لأن النظام السياسي القائم غارق في اللامعقول، مضيفا في بيان تسلمت ”الفجر” نسخة منه، أن التغييرات الحكومية بلغت درجة من التفاهة تجعلها تستعصي على أي قراءة سياسية منطقية، مشيرا إلى أن هذه التغييرات تتعاقب وتتشابه دون معنى ويصعب إعطاء أي تفسير سياسي. وواصل بيان رئيس الحكومة الأسبق بأنه ”من نفس المنظور وفي الوقت الذي تتفاقم فيه أزمة نظام حقيقية وتزداد تدهورا، يصعب التحقق من قدرة هذا التغيير المنعدم لأي مغزى سياسي معلن والمشحون بالنوايا المخفية، على تخفيف واحتواء أزمة النظام هذه”. وتابع بأنه ”إذا استثنينا اجتماع مجلس وزاري مصغر واجتماعا برتوكوليا للتوقيع على قانون المالية، فإن مجلس الوزراء لم يجتمع منذ قرابة السنة يوما بيوم، وبعض الوزراء ممن غادروا الحكومة لم تكن لهم ولو فرصة واحدة للمشاركة في مجلس وزراء بشكله القانوني”. وخلص إلى ”إن الجزائر أمام تسيير لشؤون الدولة بطريقة لا تليق بمقامها، ولهذا التسيير مجازف ويطبعه غياب الإمعان والتبصر كما يحمل من المخاطر ما لا يجوز الاستهتار به أو إساءة تقديره”. جيلالي سفيان: التعديل جاء لحل مشاكل في قلب الحكومة أكد رئيس حزب جيل جديد، جيلالي سفيان، في تصريح ل”الفجر”، أن التعديل الحكومي تقني محض لبعض الوجوه وليس تعديلا وزاريا، حاول من خلاله الرئيس بوتفليقة نزع فتيل الصراعات الكامنة بين الوزراء، والتقليل من الجدل القائم، مضيفا أنه ”في نظري هي طبخة داخلية صيفية فقط ستتغير بحلول الخريف”. وفي رده على تساؤل متعلق بسبب إقالة بعض الوزراء وكذا الاحتفاظ ببعضهم، قال جيلالي سفيان إن ”هذه التعديلات لم تأخذ بعين الاعتبار أي معايير، وإنما كانت فاقدة لخطة استشرافية، وغير موضوعية”. تواتي: غضب الشعب لن ينتهي بتعديل حكومي من جهته، علق رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، موسى تواتي، في اتصال مع ”الفجر”، بأن التعديل يندرج في إطار سياسة ”التغيير من أجل التغيير”، مشيرا إلى أن الأمر لن يغير شيئا في الوضع العام الذي تعيشه البلاد، كما أنه - حسب تواتي - لا يخفف من حدة الغضب الشعبي وخاصة الطبقة العمالية، في ظل فشل العديد من الوزراء في تسيير قطاعاتهم. وأضاف أن ما تعيشه الجزائر حاليا هو نتيجة منطقية لبرلمان مزور فاقد للشرعية ومتكون من أغلبية أخذت على عاتقها تحمل المسؤولية، إلا أنها لم توف بذلك. خديجة قوجيل
الأرسيدي اعتبر أنه جاء للتغطية على قضايا الفساد العدالة والتنمية: التعديل الوزاري لإعطاء مسحة تزيينية على قطاعات لضعف أدائها أوضح المحامي والعضو القيادي في حزب العدالة والتنمية، عمار خبابة في تصريح ل”الفجر”، أن الغرض من التعديل الذي مس بعض الوزارات وليس الحكومة، ”لأنه ليس لنا حكومة بالمفهوم السياسي والدستوري والقانوني المتعارف عليه”، جاء لإعطاء مسحة تزيينية على بعض القطاعات وليس الكل، بسبب ”ضعف أدائها في نظر الحاكم الفعلي في التعاطي مع الفشل الذي طبع عمل كل القطاعات من دون استثناء، وعوض البحث في أصل الداء والمرض وهو معروف لدى الجميع، وهو نظام الحكم بفعل تآكل آلياته”. وأضاف النائب خبابة أن الحل يكمن في الذهاب إلى تغيير حقيقي للنظام، يرتقى فيه إلى مجتمع تسوده الحريات الفردية والجماعية، وفي انتقال ديمقراطي حقيقي، يبدأ بتنصيب هيئة وطنية مستقلة عن جميع الأطراف لتسيير الانتخابات، وإجراء انتخابات رئاسية مسبقة تليها صياغة دستور توافقي يعرض على الاستفتاء الشعبي تحت إشراف الهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات، ومواصلة تمكين الشعب من اختيار ممثليه وفقا لهذا الدستور. أما التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، فيرى في التعديل الحكومي أنه يكرس حالة الانسداد الحقيقي التي تعيشها السلطة، وتترجم سياسة الهروب إلى الأمام بسبب قضايا الفساد التي تلاحق الكثير من المسؤولين الكبار، مبرزا أن ”التغيير لم يرد على انشغالات المواطن، والغرض الأساسي منه هو تحويل الأنظار عن الأمور الحقيقية التي تهم المواطن والرأي العام والوضع بصفة عامة”.