صادق، أمس، وزراء خارجية الدول الكبرى الست وإيران ممثلة في وزير خارجيتها محمد جواد ظريف رسميا على نص اتفاق تاريخي حول برنامج النووي الايراني. وقالت مسؤولة العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي، فدريكا موغريني، ووزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، ببيان مشترك في مؤتمر صحفي عقداه في فيينا، أن الاتفاق التاريخي هو صفقة جيدة للجميع من شأنها أن تستعيد الثقة المتبادلة وتفتح آفاقا جديدة وتنهي نزاعا استمر أكثر من عشر سنوات وتساهم في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة والعالم. وأضاف البيان أن إيران تعهدت بموجب الاتفاق بعدم السعي أبدا لتطوير أسلحة نووية، حيث تفرض قيود على مشروعها النووي مقابل رفع تدريجي للعقوبات الدولية الاقتصادية. ويقضي الاتفاق برفع العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة على إيران، مقابل موافقتها على فرض قيود طويلة المدى على برنامجها النووي، الذي يشتبه الغرب بأنه يهدف إلى صنع قنبلة ذرية. وأوضحت مصادر دبلوماسية لرويتر إن طهران قبلت بخطة تقضي بعودة سريعة للعقوبات خلال 65 يومًا؛ إذا لم تلتزم باتفاقها. وعبر الرئيس الإيراني، حسن روحاني، عن سعادته بما تم التوصل إليه في المفاوضات حول البرنامج النووي لبلاده مع دول 5+1، لافتا إلى أن نص الاتفاق يسمح لطهران بالاحتفاظ بأكثر من 6000 جهاز طرد مركزي، بعد أن كانت مطالب الطرف الآخر بتخفيض عددها إلى ألف جهاز فقط. وأوضح روحاني في الكلمة التي ألقاها إلى الشعب الإيراني عقب الانتهاء من المفاوضات وإعلان الاتفاق أن 5000 من أجهزة الطرد المركزي ستبقى في منشأة ناتانز وأكثر من ألف جاز آخر في منشأة فاردو. وتمثل الرد الإسرائيلي في وصف نائب وزير الخارجية، تسيبي حوتوبيلي، الاتفاق برضوخ تاريخي للغرب تجاه ”محور الشر بقيادة إيران.” وأكدت نائب الوزير حوتوبيلي أن إسرائيل ستعمل بكل الوسائل الدبلوماسية من أجل منع إقرار الاتفاق. وعقب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على الاتفاق مؤكدا أن ”الاتفاق سيئ له أبعاد تاريخية”، متعهدا بإنه ”سيعمل كل ما بوسعه لكبح مطامح إيران النووية”، وقال في مستهل لقائه مع وزير الخارجية الهولندي أن إيران ”ستتلقى بفضل هذا الاتفاق الآلاف من مليارات الدولارات التي ستمكنها من مواصلة عدوانها وإرهابها في المنطقة والمعمورة جمعاء”. وفي هذ السياق قال دبلوماسي إيراني- طالبا عدم ذكراسمه- ”كل العمل الشاق أثمر وتوصلنا لاتفاق”. لكن رفض إسرائيل أكبر حليف للولايات المتحدة في المنطقة جاء سريعا. أوباما يهدد الكونغرس ويطمئن الخليج وإسرائيل وأكّد الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال مؤتمر صحفي عقده أمس الثلاثاء، أن اتفاق إيران مع القوى الكبرى حول البرنامج النووي ”يمنع طهران من الحصول على سلاح نووي”، و”يضمن استقرار دول الخليج وإسرائيل”. وأضاف متوعدا الكونغرس أنه سيستخدم حق النقض ضد أي تشريع يمنع تنفيذ الاتفاق النووي الإيراني. واعتبر أوباما أن السياسة الأمريكية هي التي انتصرت وهي التي أدت إلى تغيير جوهري في السياسة العالمية، مؤكدًا أن أمريكا منعت إيران من امتلاك سلاح نووي. وتعهّد الرئيس الأمريكي بالمحافظة على الغلبة العسكرية لإسرائيل، وديمومة حمايته لها ما دام في الحكم، مشددا على أنّ الاتفاق لا يبني الثقة بين إيران والدول الكبرى فقط ولكن يبني أيضًا للحقائق المستقبلية. واعتبر أوباما ”أن عدم وجود اتفاق مع إيران يعني مزيدا من الحروب في منطقة الشرق الاوسط”. وأوضح أنه سيتم الإبقاء على ”العقوبات المتعلقة بدعم إيران للإرهاب”، وأشار إلى استمرار ”حظر الأسلحة 5 أعوام.. والحظر على الصواريخ الباليستية 8 أعوام”. باريس تصف الاتفاق بال”قوي” وسفيرها لدى إسرائيل يرفض انتقادات نتنياهو ومن جهته قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، أمس في تصريحات إلى جريدة ”لوموند” الفرنسية، إنَّ الاتفاق النووي بين القوى الكبرى وإيران سيكون ”قويًّا بما يكفي” لعشر سنوات على الأقل وإنَّ القوى الكبرى ستتابع عن كثب كيف ستستخدم إيران أموالها بعد رفع العقوبات. وأضاف فابيوس أن موقف فرنسا ”الحازم مكَّن من التوصُّل لاتفاق قوي بما يكفي للعشر سنوات الأولى على الأقل”. وحول ما إذا كانت إيران ستسعى لزعزعة استقرار المنطقة مستخدمة الأموال التي ستحصل عليها بعد رفع العقوبات قال: ”هذا سيكون أحد الاختبارات وسنكون حذرين للغاية”. وأشار إلى أنَّه قد يتوجَّه في زيارة إلى طهران دون تحديد الموعد، نافيًا أن تقوم إيران بمعاقبة الشركات الفرنسية رغم موقف باريس القوي في المحادثات. ومن جهته رفض السفير الفرنسي في تل أبيب باتريك مازوناف الانتقادات التي أدلى بها نتنياهو بشأن الاتفاق مع إيران. وقال انه من الافضل بالنسبة للعالم وإسرائيل التوصل الى اتفاق يشمل فرض قيود ومراقبة القدرات النووية الايرانية على حالة لا يتم فيها عقد أي اتفاق، ما يسمح لإيران بتطوير أسلحة نووية دون أي قيود. وعقب السفير الفرنسي على ما قاله نتنياهو من أن الدول الكبرى كانت تريد التوصل إلى اتفاق بأي ثمن فقال أن المفاوضات مع ايران تستمر منذ اثني عشر عاما ولذلك لا يمكن القول أن الدول الغربية ساذجة.