دعا أمس رئيس حركة البناء الوطني، مصطفى بلمهدي، إلى الحفاظ على الدولة بالتفريق والتمييز بينها وبين السلطة، والتنافس في إطارها يكون بين البرامج والأحزاب في إطار الشفافية، وبعيدا عن التحايل والتزوير الفاضح أو الذكي، في إطار الديمقراطية التي لا تزال حسبه أملا وحلما لم تتحول إلى واقع. وشدد بلمهدي، خلال إشرافه، أمس، على افتتاح أشغال المؤتمر الولائي للشباب بسكيكدة، على ضرورة إعادة بناء المنظومة القانونية على أساس سيادة الشعب، واستقلالية السلطات، وخدمة الإدارة للمواطن وليس لترهيبه، وترشيد الحكم، وحماية الثروة، والتداول على السلطة مكان تدويرها، وإقامة دولة المؤسسات التي تجعل المواطن يشعر ويتمتع بالأمن الاجتماعي، ويشارك في تثبيت الأمن القومي والخروج من المعالجات الأمنية للملفات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وتنطلق هذه الإصلاحات - حسب ذات المتحدث - من إصلاح دستوري حقيقي ينطلق من قناعة المواطنين ووعيهم ويستوعب مختلف المراحل التي مرت بها البلاد، ويؤسس للجمهورية الثانية بما يتماشى مع تطلعات الشباب، ويستوعب التطور والحداثة التي تشهدها البشرية، إصلاح دستوري حقيقي يعطي المواطن الثقة في دولة القانون، وكرامة الإنسان، ويعطي الفرصة للإبداع، وترقية روح المواطنة والوطنية التي أصبحت مستهدفة من الكثير من الجهات، موضحا أن الإصلاح المطلوب ليس إصلاح النصوص وحدها وإنما إصلاح الإطار الإداري والسياسي أيضا، والعودة به إلى مقاييس التنافس والكفاءة، والرقابة والمرافقة. من جهة أخرى، قال رئيس الحركة إن الجانب الاجتماعي الذي أراده المجاهدون في نداء أول نوفمبر لا الاشتراكية حققته ولا الانفتاح الاقتصادي حققه لسبب بسيط هو الفساد المالي الذي لم يتوقف واستمر في العهدين، الذي يقتات منه المتلاعبون بالثروة الوطنية، داعيا كل المخلصين لمحاربته رحمة بالأجيال القادمة. وأكد على ضرورة حماية المرجعية الثورية، والانتقال إلى الشرعية الشعبية بعيدا عن وصاية حكومات باسم الشرعية الثورية، مبرزا أن هذه الحكومات هي التي مكنت للغة الفرنسية، وعطلت قانون تجريم الاستعمار، ولم تفلح في إعادة أرشيف الجزائر وهمشت الأسرة الثورية في القرار السياسي، وعطلت اللغة العربية بالتجميد، وأبعدت المنظومة التربوية عن المرجعية الثورية، وقال إن الحكومة لا يحق لها أن تستغبي الشعب في تمرير المشاريع المشبوهة تحت أية وصاية. وفي سياق منفصل، دعا بلمهدي إلى ترقية التعاون الإقليمي، وفق تبادل واضح لمصالح ثقافية وتنمية وأمن مشترك، مبرزا أن المشتركات الثلاث لا تخدم أجندات خارجية وستعمل على عرقلتها وتعطيلها ومحاربتها، مما يفرض علينا الحرص المستمر وتنويع العلاقات، وتفعيل القيم الإسلامية، وترقية دور التعاون بين مكونات المجتمع المدني في هذا الحوض الحضاري، الذي يمكن أن يقود القارة الإفريقية بالاتجاه الصحيح، ولا يتركها فريسة لمشاريع الابتزاز الأجنبية المتكررة.