حازت الجزائر خمس جوائز في مهرجان الاسكندرية السينمائي في دورته ال 31 الذي اختتم أول أمس، حيث نال الفيلم الطويل ”البئر” أربع جوائز في مسابقة ”نور الشريف” للفيلم العربي، وحصل الفيلم على جوائز أحسن إخراج لطفي بوشوشي، وسيناريو محمد ياسين، وتمثيل ناديه قاسي، بالإضافة إلى جائزة أحسن فيلم، كما فاز في مسابقة الفيلم العربي الوثائقي الطويل الفيلم الجزائري ”آخر كلام” بالجائزة الأولى. كان العديد من المتابعين للمهرجان قد رشحوا الفيلم الجزائري بقوة لنيل جوائز المهرجان، وهو ما حصل فعلا، حيث استطاع لطفي بوشوشي من اكتساح الجوائز بفيلمه ”البئر” الذي نال إعجاب المختصين. وتدور أحداث فيلم ”البئر” عبر ساعة ونصف من الزمن في عام 1960، حيث يروي قصة جنود من الجيش الفرنسي يشتبهون بقرية على أنها تؤوي مجاهدين قاموا بالقضاء على كوموندوس فرنسي، فيجد سكان القرية أنفسهم محاصرين من قبل جنود المستعمر الفرنسي، حيث يحاولون الخروج منها إلا أن كل محاولاتهم باءت بالفشل وتعرض أصحابها للموت، وبسبب الحصار الممارس عليهم من طرف الجنود الفرنسيين طيلة أيام يصاب سكان القرية بالعطش والجوع حتى يصل بهم الحد إلى اختيار الموت للخروج من معاناتهم. ويعد المخرج لطفي بوشوشي من المخرجين الجزائريين الذين استطاعوا إثبات أنفسهم على الساحة السينمائية الجزائرية مؤخرا، وذلك منذ بداية عمله كمخرج مساعد أول في العديد من الأفلام الطويلة لمخرجين أمثال مرزاق علواش ومحمد شويخ. وفي ما يخص فيلم ”آخر الكلام” الذي نال جائزة أحسن فيلم وثائقي طويل للمخرج الجزائري محمد زاوي، فيحكي الأيام الأخيرة للروائي الجزائري الراحل الطاهر وطار، حيث نقل الزاوي اللحظات الأخيرة ل”عمي الطاهر” في فرنسا أين كان يقضي فترة علاجه هناك. وفي سياق متصل فقد ذهبت جائزة أحسن ممثل، للفنان علي سليمان، عن الفيلم الفلسطيني ”المريخ عند شروق الشمس”، كما فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة الفيلم المغربي ”نصف سماء”. وفاز بجائزة أحمد الحضري، للمخرج الأول، مناصفة فيلم ”رسائل الكرز” السوري للمخرجة سلاف فواخرجي، وفيلم ”صمت الراعي” من العراق. ونال الفيلم الألباني ”أقسمت أن تكون عذراء” بجائزة أفضل فيلم بالمسابقة الدولية لمهرجان الإسكندرية السينمائي ال31، وفاز بجائزة فاتن حمامة لأفضل ممثلة منافصة بين نورا يوسف من سوريا، والألبانية الباروبتشوفا، وأفضل إخراج لفيلم ”هيروس” من سلوفينيا، وأفضل سيناريو للفيلم الألباني ”أقسمت أن تكون عذراء”. وذهبت جائزة كمال الملاخ للعمل الأول للفيلم الفلسطيني ”سارة”، وحصد جائزة لجنة التحكيم الخاصة فيلم ”الرابعة بتوقيت الفردوس” من سوريا للمخرج محمد عبد العزيز. وفى مسابقة الفيلم العربي الوثائقي الطويل فاز الفيلم الجزائري ”آخر كلام” بالجائزة الأولى، ونال فيلم ”سماء قريبة” للمخرجة الإماراتية نجوم الغانم على جائزة لجنة التحكيم الخاصة. وفى مسابقة الفيلم القصير لدول حوض البحر المتوسط، فاز الفيلم التونسي ”تزوج روميو من جوليت” بجائزة أفضل فيلم روائي قصير، ونال الفيلم الإيطالي القصير ”الجمال” تنويها خاصا، وفاز الفيلم اللبناني ”بانج بانج” بجائزة لجنة التحكيم لأفضل فيلم روائي قصير، وبالنسبة للفيلم التسجيلي القصير بنفس المسابقة فاز الفيلم المصري ”حياة طاهرة” بجائزة أفضل فيلم تسجيلي قصير. وفى مسابقة الفيلم العربي القصير فاز الفيلم التونسي ”ارجع للسطر” بجائزة أفضل فيلم روائي قصير، بينما تم منح فيلم ”الإمام” الكويتي تنويها خاصا، ونال الفيلم العراقي ”لا يوجد قتلى” جائزة لجنة التحكيم. لطفي بوشوشي: ”البئر” يجسد الصراع الأبدي بين حكم العسكر والإرادة الشعبية تحدث المخرج الجزائري لطفي بوشوشي، في أحد حواراته الصحفية في مهرجان الاسكندرية، عن الصعوبات التي واجهته أثناء تصوير العمل، وقال أنه اختار اسم ”البئر” لأن العمل يعبر عن عمق كل الأحداث التي يتناولها. وكشف عن سبب عدم وجود رجال في الفيلم، والرسالة الأساسية التي يحملها العمل ويقدمها للجمهور الجزائري وغيرهم من الدول الأخرى. وأضاف بوشوشي أنه تناول معاناة سكان قرية صغيرة معظمهم نساء وأطفال في الحصول على الماء لهم ولحيواناتهم، بعد أن طوقتهم قوات الاستعمار واستحال عليهم استغلال البئر الوحيدة التي ألقيت بها جثث جنود، ويقف سكان هذه القرية أمام استمرار الحصار ونفاد الماء المخزن لدى الأسر وموت الماشية وظهور علامات جفاف على أجساد الصغار تعتزم النساء، وفي مقدمتهن ”فريحة” و”خديجة” التي فقدت ابنتها خلال الحصار على رفع التحدي ومواجهة رصاص قناصي الكتيبة الفرنسية المحاصرة للقرية. وتتمكن النساء من رفع راية التحدي والخروج من القرية تتقدمهن الثنائي ”فريحة” و”خديجة” اللتان أرغمتا الشيخين ”بلقاسم” و”بن عودة” على الالتحاق بالركب. ورغم استشهاد الأربعة إلا أن إصرار البقية على المرور أفشل الجانب الآخر ”جنود الاستعمار”. ويكشف العمل حقيقة التعامل بين إرادة الشعبية وسلاح المستعمر الفرنسي للجزائر، والعمل يعمل الجميع كيف يدافعون عن أنفسهم وعن وطنه في وقت واحد. وعن اعتماده على النساء كشخصيات رئيسية في الفيلم، قال بوشوشي إن وجود الرجال في عمل يتحدث عن الاستعمار ليس له فائدة، فالحبكة السينمائية تحتم أن لا يوجد رجال في هذه الفترة فأغلبهم متوفي والبقية مهاجرون في الجبال وأماكن بعيدة عن الاستعمار، وكل ما يهم في العمل هو النساء والشيوخ الذين يظهرون المعاناة التي عاشها الشعب وقتها. وبشأن التسمية، أوضح المخرج بأن ”البئر” يعبر عن عمق كل شيء، وخاصة وجود البئر الذي تم إلقاء جثث الاستعمار به. وفي سياق متصل قال بوشوشي أنه ليس ببعيد أن يشارك بالفيلم في مهرجانات عالمية، ولكن السبب وراء ذلك هو أن قصة العمل توجد في كل بلد إدارة شعب وعسكر سواء والاثنين يقفان مواجهين لبعض، وسبب آخر هو اعتبار تصنيف العمل عالميًا نوعًا من الدعاية. وعن مشاكل التصوير قال بوشوشي أن التمويل كان المشكلة الوحيدة التي واجهته أثناء التصوير، لأن تكلفة الفيلم عالية، وما خلاف ذلك كان سهلا وسلسا لأن الإخراج يعتبر ملعبه الخاص، والفريق الذي تعامل معه كان متفهما لكل شيء. وتوقع المخرج فوز فيلمه بجوائز المهرجان لأنه مشارك في جوائز السيناريو والديكور والتصوير والإخراج.