* قال إنّ ”غونثالث كان يُسمع المغاربة ما يريدون، ثم ينفذ ما يراه مناسبا” كشف خورخي ديسكايار، مدير المخابرات الاسبانية الأسبق، والذي عمل سفيرا لدى المغرب ما بين سنتي 1997 إلى 2000، في كتاب يحمل عنوان ”حياة بين الدبلوماسيين والجواسيس، تستحق العناء” أصدره مؤخرا عن دار النشر ”بلانيتا” وشُرع في بيعه في الفاتح من أكتوبر الحالي، أنّ العاهل المغربي محمد السادس أخفى عن قادة الجيش والمخابرات المغربيين، قرار غزوه جزيرة ثورة والتي تعرف أيضا بليلى، وهو ما ادهش الإسبان خلال اتصالاتهم الأولى بالسلطات المغربية. واستحضر ديسكايار في كتابه أهم الاحداث التي ميزت مسيرته الدبلوماسية كما كشف فيه بعض خبايا العلاقات بين الرباطومدريد. فعلى الرغم من أنه لم يعمل سوى أربع سنوات مديرا لمركز المخابرات الإسباني، نجده ركز على هذه المرحلة بالذات لأهمية المجال وكم الأسرار التي اطلع عليها. وفي فصل بعنوان ”تأملات حول المغرب”، يقول ديسكايار إن أهم سفارة خارجية لإسبانيا هي واشنطن ثم فرنسا وسفارة إسبانيا في المغرب لأنها تتميز بحساسية خاصة. ويعترف بأن تقارير السفراء الإسبان في باقي السفارات الأوروبية ومعظم الدول لا تلقى عناية في وزارة الخارجية باستثناء تقارير سفارة إسبانيا في الرباط التي تُقرأ بتمعن. ”جيراننا يعرفوننا قليلا فحسب” وبخصوص العلاقات المغربية - الإسبانية، عرض ديسكايار طريقة فهم كل من رئيسي وزراء اسبانيا السابقين، فيليبي غونثالث، وخوسيه ماريا أثنار للمغاربة، حيث قال أن غونثالث كان ذكيا ومرنا، يُسمع المغاربة ما يودون سماعه، ثم ينفذ ما يراه مناسبا، مشيرا إلى أنّ خلفه أثنار لا يملك هذه الميزة، الأمر الذي تسبب في مشاكل. كما تعرض الكتاب لرؤية المغاربة لجيرانهم الإسبان التي يرى بأنه يغلب عليها سوء الفهم والأحكام المسبقة بسبب سبتة ومليلية، وهيمنته على الصحراء الغربية، كما تطرق الكتاب لأزمة غزو المغرب لجزيرة ثورة القريبة من سبتة، وما ترتب عنها من انعكاسات سلبية على العلقات الثنائية بين البلدين، والتي قال بشأنها أنّ المغرب لم يفكر في العواقب وعلّق مستهزئا ”جيراننا يعرفوننا قليلا فحسب”. ففي 11 يوليو 2002 أقدم جنود مغاربة على احتلال الجزيرة بحجة مراقبة الهجرة غير الشرعية بحسب تصريحات رسمية. فكان رد الجيش الإسباني محاصرة الجزيرة برا وجوا واعتقال الجنود المغاربة وتسليمهم للسلطات المغربية عند حدود سبتة كمهاجرين غير شرعيين، في خطوة تأكيدية لسيادة إسبانيا على سبتة ومليلية وجزيرة الثورة أو ليلى. وتجلى ضعف الموقف الديبلوماسي المغربي أمام التكتل الاتحاد الأوروبي وراء إسبانيا، الأمر الذي اعتبار انتصارا ديبلوماسيا وسياسيا لإسبانيا وانتكاسة للملك محمد السادس، يوم زفافه. وتابع القول: ”يبدو أن الملك محمد السادس ومن معه، قرروا احتلال الجزيرة في اجتماع بإقامته الصيفية في المضيق القريبة من سبتة في أعقاب زيارة فرقاطة إسبانية صخرة الحسيمة، ما اعتبره تحديا يستوجب الرد”. وبرر ديسكايار لجوء الجيش الإسباني إلى القوة لطرد الجنود المغاربة من الجزيرة لتفادي تفكير قصر الرباط في ولوج جزر أخرى تخضع للسيادة الإسبانية. بلير استغل الموقف وجرّ مدريد إلى الحرب ضد العراق وكشف مدير المخابرات الإسبانية الأسبق، استغلال رئيس الوزراء الإسباني الأسبق توني بلير تأثيرا أزمة الجزيرة للتأثير على أثنار وجرّه إلى صف جورج بوش وتديك تشيني وكولين باول في حربهم ضد العراق، وبهذا تخلت إسبانيا عن محورها مع باريس. وروى ديسكايار أنّ وزير الخارجية الفرنسي دومنيك دو فيلبان كان يتصل حتى ثماني مرات يوميا لحل النزاع لصالح المغرب. وختم ديسكار فصل لمحته عن العلاقات المغربية الإسبانية بارتياحه لتجميد المشاكل بين البلدين، لكنه لم يستبعد تدهورها مجددا بحكم التاريخ منها مطالبة المغرب بسبتة ومليلية واحتلاله للصحراء الغربية، إلى جانب الفساد المتفشي في المغرب ومشكل لا سيما وأنّ المغرب يعدّ أكبر مصدر للقنب الهندي إلى أوروبا.