شهدت سنة 2015 العديد من الأحداث التي ألقت ظلالها على المواطن الجزائري، وساهمت في تغيير سلوكه وتعاملاته.. فمن ضجة إعلامية حول ظاهرة اختطاف وقتل الأطفال التي حولت آباء وأمهات إلى ”بودي غارد” لأبنائهم وزعزعت الروابط الأسرية وزرعت الشك وعدم الثقة حتى بين أقرب المقربين، إلى ما خلّفه قانون المالية الجديد من تخوف المواطن من المستقبل وما سيفرزه من إجراءات تزيد من حدة ”شد الحزام”. ورغم الضغط الذي يتعرض إليه الجزائري في حياته اليومية، يترك لنفسه فسحة للترفيه ليهرب من واقع مرير لم يجد له حلا. ولعل فيديو الشيخ بن عمر وهو يردد عبارة ”تاكلي الجاج” مرسوم في ذاكرة الجميع ويتذكر عصاه قبل أن يقدم على أي فعل. حاولنا من خلال هذا الملف التركيز على أهم المواضيع التي شغلت الرأي العام خلال 2015:.
مطالب بتطبيق عقوبة الإعدام للحد من انتشار الظاهرة 2015 سنة اختطاف الأطفال.. سيناريوهات إجرامية وبراءة تدفع الثمن * الجزائر تحتل مراتب متقدمة ب247 طفل مختطف هذه السنة
”اختطاف الأطفال” موضوع أخذ أبعادا خطيرة وصخبا إعلاميا، وحاز اهتمام جادا من الجهات الأمنية العليا، ورغم أنه ليس وليد هذه السنة غير أنه خلالها تفاقم وبات ظاهرة مرعبة أرقت الأولياء وجعلت شغلهم الشاغل مرافقة أطفالهم في كل خطواتهم. قأصبحت الجزائر تحتل مرتبة متقدمة في قائمة الدول العربية التي تعاني من ظاهرة اختطاف البراءة، حيث تشير إحصائيات منظمة الأممالمتحدة للطفولة إلى أن الجزائر سجلت من سنة 2001 إلى سنة 2012 أكثر من 900 حالة اختطاف لأطفال تتراوح أعمارهم بين 4 و16 عاماً، منهم مائتي حالة فقط خلال العامين الماضيين. في حين سجلت مصالح الأمن منذ مطلع السنة الجارية 52 حالة اختطاف للأطفال، بينهم 22 طفلا تعرضوا للقتل. وتشكل نسبة الإناث حوالي 75 بالمائة من عمليات الاختطاف. كما تم تسجيل 195 حالة اختطاف للأطفال، بينهم 143 بنات و53 ذكور في العام الماضي، لتصبح الحصيلة منذ سنة 2014 إلى غاية نهاية هذا العام، 247 طفل مختطف. ولعل قصة أنيس بورجم من شلغوم العيد هي الأكثر مأساوية، حين غاب الطفل البالغ من العمر خمس سنوات في 15 سبتمبر الماضي، أين كان يلعب بجوار بيته، وبعد أيام من اختفائه وبعد عملية بحث وتمشيط واسعة تم العثور عليه جثة هامدة بالقرب من مجرى للصرف الصحي قرب البيت، والغريب في الأمر أن نتائج التشريح لم تفض إلى وجود آثار لعنف أو محاولة اعتداء. جريمة أخرى كانت الأغرب والأعنف، انفجرت بعد اكتشاف جثة الطفل عبد الرحيم قرين ذي السنتين، مشوهة ومنكل بها، والأدهى في الأمر أن الجاني هو والد الضحية المنفصل عن زوجته، الذي اعترف أنه فعل ذلك انتقاما من طليقته. وبعد فك لغز عبد الرحيم، ها هي جريمة اختطاف أخرى غرضها تصفية حسابات شخصية بين والد الطفل وأحد رفاقه، هذا الأخير الذي قام بخطف أمين ياريشان ذي ال8 سنوات وهو متجه إلى المدرسة، وبعد التحريات تبين أنها عملية تصفية حسابات قديمة و”مفبركة” بين شريكين. وبعد تزايد قلق الأولياء على أبنائهم باتت أبواب المدارس الابتدائية والمتوسطات تعج بالأولياء الذين لا يفوتون موعد دخول أوخروج أبنائهم إلا ورافقوهم خوفا من أي مكروه قد يصيبهم، حتى أصبحت الكثيرات منهن تتخلى عن أهم أعمالها اليومية من أشغال منزلية وأخريات تتعرضن للمضايقات في مكان عملهن بسبب التأخر والغياب المتكرر. هذه القصص والحوادث لعبت دورا كبيرا في زعزعة الثقة بين أفراد المجتمع، حيث بات أغلب الأولياء يخشون على أطفالهم حتى من أقرب الناس إليهم، ولم يعودوا يؤمنونهم على أطفالهم. بالمقابل تزايدت مطالب إعدام مختطفي الأطفال وقاتليهم، ورفع الحظر عن تنفيذ هذه العقوبة، خاصة في حالة القتل، الاعتداء والاغتصاب، حيث أثارت عمليات الاختطاف وما صاحبها من إثارة إعلامية هلعا كبيرا أيقظ مطالبة جادة من السلطات الوصية بتوفير الأمن والحماية اللازمين للأطفال ليتم تجنب مثل هذه الحوادث مستقبلا. وتأتي هذه المخاوف موازاة مع مطالب أخرى من برلمانيين ورجال قانون من أجل تنفيذ حكم الإعدام، لكي يتم تخويف من تخول له نفسه الإقدام على هذه الخطوة مستقبلا. ومن جهتها، أكدت مونية مسلم، وزيرة التضامن والأسرة وقضايا المرأة، أن الدولة عازمة على مكافحة هذه الجرائم، وأن التعديلات الأخيرة التي أدخلت على قانون العقوبات نصت على أقصى العقوبات أي الإعدام في حق مرتكبي جرائم خطف وتعذيب وقتل الأطفال والاعتداء الجنسي عليهم. ومن جهة أخرى ألّحت الوزيرة على أننا جميعا دولة ومواطنين ومجتمع مدني وإعلام، مجندون لوضع خطة عمل متماسكة للتصدي لهذه الظاهرة التي وصفتها بأنها أزمة أخلاق، وشدّدت على الدور الكبير للأئمة من خلال الخطب التي يلقونها في المساجد للمساهمة في القضاء على هكذا جرائم مرّوعة. إيمان مقدم
قطاع الصحة يصارع في قلب المعاناة وطريق الإصلاح مازال طويلا غلق عيادات خاصة، عنف بالاستعجالات.. ومكاتب شرطة بالمستشفيات لتدارك الوضع
باتت مستشفياتنا على المحك بعد المشاهد التي التقطتها عدسات الكاميرا، ناهيك عن الجولات الاستطلاعية التي قامت بها ”الفجر” بعدد من المستشفيات الجامعية في أكثر من مناسبة سنة 2015. ليبين الوضع بها أن الفوضى قائمة وسط غياب التعامل الأخلاقي والمهني بين فريق السلك الطبي وشبه الطبي تجاه المرضى وأهلهم، والعكس صحيح. رفعت اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الانسان منذ سنتين، تقريرا مفصلا عن واقع المستشفيات بالجزائر. ونظرا لكون الوضع كارثي بها فإن رئيس اللجنة تحفظ عن كثير من الحقائق التي تضمنها التقرير لمدى خطورتها، ليتم إيداعه بعدها لدى رئيس الجمهورية. لكن التقرير رغم مصداقيته إلا أن الحالة المزرية للمؤسسات الصحية لاتزال على كف عفريت، لما فيها من تهاون في المعاملة مع المريض وأهله والمماطلة في تقديم الخدمة الصحية التي باتت ”الوساطة” سيدة الموقف فيها، إضافة إلى توفر التجهيزات الطبية الحديثة التي لم تبخل الوزارة الوصية على تخصيص ميزانية معتبرة لها. ورغم ذلك فإن كثيرا من المرضى لا يستفيدون منها بحجة العطل أو عدم وجود كفاءة لاستعمالها. هذا المشكل الأخير رغم أن السنة توشك على نهايتها، إلا أن طابورا من المرضى في مختلف الأمراض وسائر المستشفيات ينتظرون حتى يستأنف علاجهم. من جهة ثانية، مسّ قرار غلق جزء من الفضاءات الصحية بعد التجاوزات القانونية التي دفعت بوزير الصحة لعدم التسامح معها، نظرا للتعقيدات الصحية التي عاشها بعض من المرضى بسبب الأخطاء الطبية وغيرها من التجاوزات. وقد كشف مصدر عليم بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا ل”الفجر”، أن قرار غلق المؤسسات الاستشفائية الذي مس 20 عيادة خاصة مؤخرا، سيشمل مستقبلا مستشفيات عمومية ومراكز طبية متعددة الخدمات على المستوى الوطني، وهذا استنادا لتقرير رفعه فريق تحقيق وزاري حول واقع المستشفيات في جميع مصالحها. شيء إيجابي سجل هذه السنة بعد الموضوع الذي أثارته ”الفجر” حول العنف بالمصالح الاستعجالية، سواء بالمؤسسات الاستشفائية الجوارية أو المستشفيات الجامعية، والذي من خلاله أكد محمد طاهير، منسق مصلحة الاستعجالات الطبية الجراحية وعضو مكتب نقابة الاتحاد العام للعمال الجزائريين بمستشفى مصطفى باشا سابقا، أن أفضل حل لتجاوز الوضع هو تفعيل مكاتب للشرطة داخل المصالح الاستعجالية، لأن التهاون أكثر سيجعلنا نشهد حالات وفاة أطباء وممرضين، زيادة على الاعتداءات التي يتعرض لها السلك الطبي والشبه الطبي. بعد أيام قليلة من تناولنا موضوع ”العنف بمصالح الاستعجالات الطبية مرشح بالارتفاع”، عاودنا القيام بجولة استطلاعية بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا، لنتأكد من خلال الملاحظة بداية أشغال داخل مصلحة الاستعجالات الطبية الجراحية، ويكشف لنا مصدر عليم أنها أشغال مكتب للشرطة الذي سيكون في خدمة المواطنين وممتنهي قطاع الصحة مستقبلا. باعتبار أن الصحة العمومية ليست مشكلا يخص المواطن فحسب، فقد تفطنت لها السلطات، لتولد التحركات التي ناضل من أجلها ممتهنو قطاع الصحة، جملة من الإنجازات التي تبين الخطوة الإيجابية التي تتقدم بالقطاع في الجزائر، والتي تعتبر من مكاسب الصحة العمومية في 2015. من الإيجابيات أيضا الفرحة التي رسمت عرفها مرضى الكبد الفيروسي، بعد أن أعلنت مخابر ”بيكر” الجزائرية رسميا، بتوفر دوائها الجديد سوفوس 400 (سوفوسبوفير 400 مغ)، الخاص بعلاج فيروس التهاب الكبد ”ج”، في السوق الجزائري، علما أن العلاج الجديد يتميز بفرصة علاج أقصر وبأقل تكلفة مادية، حيث أشاد عبد الحميد بوعلاق، رئيس جمعية التهاب الكبد الفيروسي، بالدور الذي لعبته وزارة الصحة من خلال تدخلها لجميع الانشغالات التي تطرقت إليها الجمعية، لينوه على ضرورة وجود رقابة مشددة بالعيادات الخاصة حتى يتم تقليص انتقال الفيروس. وقد تم الإعلان رسميا عن توفر دواء جديد بالسوق الجزائرية، تخص مرضى التهاب الكبد ”ج”، لتؤكد مخابر بيكر أن العلاج يعد ثورة لمواجهة المرض، كونه سيعزز من الترسانة العلاجية بالجزائر، لما يشمله من امتيازات في التكفل بالمرضى. أكد المدير العام لمخابر بيكر، أن المركب قد أثبت فعاليته العالية لفترة علاج أقصر بنسبة تفوق 95 بالمائة، والتي ستكون في مدة 12 أسبوعا. لا ننسى ونحن نعدد الإنجازات التي شهدتها سنة 2015 نضال الجمعية العلمية ”بيلوبا”، أول جمعية للتبرع بالأعضاء في الجزائر منذ سنوات لترسيخ فعل ”التبرع بالأعضاء”. ليفرز نتاج جهدها بجعلها رسمية، كون عملية ”التبرع بالأعضاء” قضية إنسانية تخص الجميع، وتؤكد النظرة الدينية أن العملية هي ضمن مبادئ الاسلام شريطة أن تكون مجانية. وركزت ”بيلوبا” على مدى حمل ”بطاقة المتبرع”، وشرح العملية من قبل أخصائيين وفقهاء الشريعة الاسلامية، لتناضل الجمعية على جعل التبرع بالأعضاء عملية مستدامة. ومن خلال سبر آراء تم إجراؤه من قبل الجمعية مس مئات المواطنين، حول سؤال هو ”هل تؤيد عملية التبرع بالأعضاء أم لا؟” أفرزت النتيجة ما نسبته 80 بالمائة من الجزائريين يؤيدون العملية. كما أن جمعية التبرع بالأعضاء بصدد إعداد سبر آراء الأيام المقبلة، والذي بفضله سيتم إعداد خارطة علمية دقيقة توضح فعل التبرع بالأعضاء بشكل أكثر دقة وموضوعية بالجزائر. يذكر أن الوكالة الوطنية للتبرع بالأعضاء أصبحت رسمية سنة 2015، رغم أنها تأسست سنة 2012، حيث تحرص الوكالة على جعل عملية التبرع ”عادلة” بخصوص المتبرع بعد الوفاة، وأن تكون مجانية. وكذلك لا يجب تحديد المتبرع له، أي يتبرع الشخص بعد وفاته لأي شخص آخر هو في حاجة إلى عملية زرع. وقد أثبت أن كل أعضاء الجسم البشري يمكن أن تكون محل تبرع بعد الوفاة، علما أن المتبرع يجب أن يؤكد موافقته على ذلك قبلا، فهذا الأخير بإمكانه منح رضاه قبل وفاته بعدة طرق، فقد يكون ذلك عن طريق ”بطاقة التبرع بالأعضاء” أو أن يخبر أهله بإمكانية استغلال أعضائه لصالح المرضى بعد وفاته. غير أن ”بطاقة التبرع بالأعضاء” ليست رسمية على الصعيد العالمي، لكنها تمثل شهادة حاملها على قناعته بإعطاء أجزاء من جسمه بعد وفاته، حيث أن الجمعية توزع هذه البطاقة لجميع المواطنين بمجرد التقرب لها، أو عن طريق الموقع والبريد الالكترونيين. والعملية جاءت بعد عديد الحملات التحسيسية والتوعوية على مدى أهمية التبرع بالأعضاء بحضور أخصائيين في المجال الطبي، المجال الديني، المجال القانوني. هذا الأخير يؤطر عملية التبرع أو زرع الأعضاء البشرية من قبل القانون 05 /85 المتعلق بحماية الصحة وتعزيزها. أما النظرة الدينية فقد أجازت عملية التبرع بالأعضاء لإنقاذ حياة مريض، كما أنه ضمن المبادئ الأساسية للتبرع في الاسلام أن يكون مجانيا. سمية كحيلي
أب يقتل ابنه... أبشع جريمة تشهدها ولاية سطيف خلال سنة 2015 شهدت ولاية سطيف عدة حوادث مؤلمة خلال سنة 2015، ولعل جريمة قتل أب لفلذة كبده في ثاني أيام عيد الاضحى بمدينة العلمة، أبشع حادثة خلال هذه السنة. أطوار هذه الحادثة التي لن ينساها سكان ولاية سطيف، تعود إلى ثاني ايام عيد الاضحى حينما عُثر على الطفل ”عبد الرحيم” جثة هامدة بمنطقة فيض غريب بضواحي مدينة العلمة، ولم يتم التعرف على الجثة في بادئ الأمر، وكان يعتقد انها للطفل أنيس الذي اختفى عن الأنظار بولاية ميلة، غير أن والدة الضحية شككت فور انتشار خبر العثور على جثة طفل بأن الضحية قد يكون ابنها، خصوصا مع بلوغ مسامعها نوع اللباس الذي كان يرتديه، وهو ما كان فعلا، حيث تعرفت عليه. وبعد التحقيقات التي باشرتها مصالح الدرك تبين أن الجاني هو والده الذي كان منفصلا عن الأم بسبب مشاكل عائلية، والتي لاتزال قضيتها في أروقة العدالة. وتشير التحقيقات أن والد الطفل ”عبد الرحيم” الدي يقطن بمدينة العلمة تنقل قبل يوم عيد الاضحى إلى بلدية التلة أين تقطن طليقته، وطلب منها تسليمه الطفل بغرض شراء كسوة العيد له، لكن العائلة في البداية رفضت ذلك، وبعد إلحاح منه ومن أحد أقاربه، تم تسليمه ابنه فصاحبه أبوه ولم يرجعه إلى أمه، وبعد10 أيام تقدم جده بإبلاغ المصالح الأمنية أن والد الطفل لم يرجعه الى أمه، إلى أن تم العثور عليه جثة مرمية على قارعة الطريق بعد أن نهشته حيوانات مفترسة. واعترف والد الضحية أنه هو من أقدم على إزهاق روح بعدما واجهته مصالح الدرك ببعض الأدلة.