سيكون حليب البقر متاحا لكل الجزائريين بلا استثناء وبسعر معقول وسيتأكد الجميع أن الحليب لن يسبب له سرطان الجهاز الهضمي والدم وستنجو الأجيال الجديدة من هشاشة العظام لأن الكالسيوم الذي يحميها حقيقي وليس ”طايوان”.. في عشرين من ولايات الجزائر ستقام مزارع وحظائر لتربية الأبقار وانتاج الحليب. ستضم كل مزرعة عشرة آلاف بقرة. تعطي كل واحدة ما بين 40 و60 لترا من الحليب يوميا، ما يعني أن الجزائر ستنتج من المزارع العشرين ما يصل إلى عشرة ملايين لتر كل يوم تُغني البلاد نهائيا عن الاستيراد وتوفر مليار دولار سنويا سيوجه للاستثمار في مشاريع التنمية أو الترقية الاجتماعية. ولأن حليب البقر كريم لا يأتي بمفرده إنما يجلب معه خيرات أخرى لا تقل أهمية، فالبقرة التي تذر الحليب تلد عجولا وبهذا العدد الكبير من الحظائر ستحصل الجزائر على عشرات الآلاف من العجول سنويا تمون السوق الوطنية بلحم شهي طري جديد يرفع عن المستهلكين غبن اللحم المجمد المستورد من دول عديدة من القارات الخمس وتوفر الخزينة العمومية مئات الملايين من الدولارات التي تخصص لاستيراد اللحم خاصة في مواسم كثافة الاستهلاك كشهر رمضان مثلا. وحين نتحدث عن لحم العجول نتحدث أيضا عن جلودها التي ستكون أساسا لفتح معامل عديدة لصناعة اللباس الجلدي والأحذية والمحافظ وغير ذلك مما يحتاج إليه الإنسان في يومياته ونستغني هنا أيضا عن استيراد كثير من هذه المواد. أما الخير الرابع الذي ستوفره حظائر الأبقار بعد الحليب واللحم والجلود فهو السماد الطبيعي الذي يعفي الجزائر من استيراد الأسمدة أو المواد الأولية التي يصنع منها وتحقق البلاد هدفين مهمين، أولهما نقاء الإنتاج الزراعي ومضاعفة فوائده الجسمية والذهنية للإنسان كونه يصير طبيعيا مائة بالمائة وثانيهما تفادي تخصيب الأرض بالمواد الكيماوية وهو ما يجعل عمرها الإنتاجي يطول بلا حدود، فثمة فرق بين أن تتغذى بالسماد الطبيعي وأن تجبر على العطاء اصطناعيا. وستخلق المزارع ومصانع مشتقات الحليب ومصانع اللحم والجلود وورشات معالجة السماد الطبيعي عشرات الآلاف من فرص العمل لذوي الشهادات في الاختصاص والمتربصين في مراكز التكوين المهني وعامة طالبي الشغل. والحقيقة أن فكرة المزارع الكبيرة لإنتاج الحليب فكرة أدخلتها إلى الجزائر ”شركة الإمارات الدولية للاستثمار” قبل عشر سنوات حين أعدت دراسة علمية بمساعدة خبراء أجانب وطلبت من السلطات الجزائرية تنفيذها بإقامة أكبر مزرعة من نوعها في إفريقيا، سمتها ”محاصيل”، على مساحة بين 600 و950 هكتار، حيث تقام الإسطبلات ومقر الإدارة وبيوت الرعاة على نحو خمسة هكتارات وباقي المساحة تقسم إلى قسمين تخصص بالتناوب للرعي وانتاج الأعلاف. وتم الاتفاق بين الجانبين على أن تقام المزرعة في ولاية تيارت لتكون نموذجا لما سيأتي من مشاريع مماثلة. وتحقيق حلم الاكتفاء الذاتي من مادة الحليب واللحم والجلود والسماد أمر سهل، فالمال موجود ومكدس في بنوك أمريكا والأبقار موجودة من أحسن السلالات في ثماني دول يمكن أن توفر للجزائر ما تريد في ظرف ثلاث سنوات ومعاهد البيطرة والتكوين الزراعي في الجزائر تخرج كل عام مئات المهندسين والتقنيين في الاختصاص. لا شيء يعطل المشروع الحلم غير قوة ونفوذ تاجر جزائري يستورد حليب الغبرة من فرنسا وتاجر فرنسي يصدره إلى الجزائر.