خابت آمال سكان سطيف العميقة، مؤخرا، في الحصول على سكن لائق في إطار صيغة البناء الريفي، الذي عرف إقبالا واسعا منذ انطلاق البرنامج، بشروط وصفها المواطنون بالتعجيزية، ما أثار غضب سكان الأرياف. حرم الآلاف من المواطنين من هذه الصيغة منذ سنوات متفاوتة فبعض البلديات تعود آخر استفاداتها منذ سنة 2012 أو 2011، وهذا الوضع جاء طبعا بعد اعتماد إجراءات جديدة من قبل الجهات الوصية، والمتعلقة أساسا بسند الملكية المتمثل في العقد الأصلي الذي يحدد ملكية القطعة المراد استغلالها للحصول على سكن ريفي أو إيداع شهادة حيازة، وهما شرطان أساسيان للحصول على هذه الصيغة. غير أن الشرطين لا يكاد يتوفران إلا لدى فئة محدودة جدا من سكان ريف ولاية سطيف الذين يعدون بآلاف المواطنين، حيث في الغالب يهيمن منطق العرف والأرض العروشية، ومن تحمله طبعا من تبعات كثيرة في مجال الخلافات على الأرض والملكية والحدود وغيرها. ورغم هذه الوضعية فقد اجتهد الكثير من رؤساء البلديات في إعداد بعض القوائم وتحويلها للمصالح المعنية بالولاية، وأغلبها مازال ينتظر، فيما رُفضت الكثير من الملفات لأنها لا تستوفي الشروط المطلوبة. وهذه وضعية أخرى جعلت الكثير من رؤساء البلدية يفضل التريث وعدم إرسال الملفات وتحويلها للجهات الولائية بحكم أنها مرفوضة مسبقا لعدم توفر المطلوب، وهو ما يفسر بقاء 31 بلديات لم تودع طلبات السكن الريفي لدى مديرية السكن، حسب تقرير المجلس الشعبي الولائي لشهر مارس 2016. ونظرا لكل هذا فإن عدد الطلبات في تراكم مستمر وقد يبلغ آلاف الطلبات، ونشير مثلا لتسجيل بلدية مثل بلدية الحامة أقصى الجنوب بتعداد سكاني قد يتجاوز 20 ألف نسمة لحوالي 2500 طلب، وعين آزال لحوالي 1500 طلب، وهكذا فإن عدد الطلبات في مجموع 60 بلدية قد يتجاوز 50 ألف طلب في أقل التقديرات. وفي هذا السياق راسل والي ولاية سطيف كل رؤساء الدوائر والبلديات، بمراسلة تحمل رقم 032، مؤرخة في جانفي 2016، من أجل التكفل بالعملية وتقديم تسهيلات جديدة وأمر رؤساء البلديات بتسليم بصفة استثنائية لصيغة الريفي ترخيص للبناء يتم توقيعه من طرف رئيس المجلس الشعبي البلدي، ويعتبر حسب المراسلة بمثابة رخصة بناء. وفي ما يخص إمتلاك العقار فقد أعطى تسهيلات تعوض الملكية أو الحيازة، وهي شهادة مؤشر عليها من طرف رئيس البلدية دائما مع الموافقة المسبقة لممثلي المجموعة المعنية في حالة خضوع القطعة الأرضية لنظام جماعي، غير أن هذه التعليمات إلى غاية اليوم مازالت لم تحرك ملف البناء الريفي بصفة حقيقة، لأن مشكلة الريف في الشيوع والعروشية.