لاتزال شهادة البكالوريا أكثر ما يتمنى الطالب الجزائري نيله وتحقيقه، لتفتح أمامه الأبواب الكثيرة للتعليم العالي، لذا تحرص العائلات على استعمال كافة الوسائل وتهيئة كل الظروف لتحقيق هذا الحلم الذي يرفع حدة التوتر لدى الجميع، ويجعل الطلبة رفقة أوليائهم يعيشون على أعصابهم إلى حين اجتياز الاختبار، بعد أن يجربوا كل ما يشار عليهم به من عقاقير وحبوب ومشروبات طاقة لتسهيل هذه المهمة المصيرية. كثيرة هي العائلات والأبناء من الذين يقبلون على اجتياز الامتحانات المصيرية لا يتوانون عن تجربة كل ما تمليه عليهم وصفات الجدات والأمهات، وكل الخلطات والعقاقير التي يوصى بها في المجلات وفي مواقع الأنترنت، ناهيك عن الحبوب والخلطات التي تباع في الصيدليات، والتي يتواصى بها الطلبة بينهم ليحظو بفرص أكبر في إمكانية الحفظ وتخزين المعلومات ليوم الاختبار، وكذا التمكن من السهر للمراجعة. كما استطاع الخوف من عدم التمكن من اجتياز الاختبار الرياضي، دفع فتيات إلى تناول حبوب منع الحمل لتفادي أي طارئ من شأنه أن يؤدي إلى السير السيء للاختبار، وسط لامبالاة واستهتار كبيرين بصحتهم التي يعرضونها للخطر بكل بساطة. يحذر الأخصائيون في المجال الطبي والصيدلاني من مغبة الاستهلاك العشوائي لمشروبات الطاقة والحبوب المقوية، وغيرها من المواد التي يجري الطلاب في هذه الفترة التي تسبق إجراء الاختبارات وراء اقتنائها لتحقيق بعض الأهداف الخاصة بسهولة المراجعة، قوة الذاكرة، القوة البدنية خلال اجتياز الامتحانات البدنية.. وغيرها. وفي هذا السياق تحذر الدكتورة ليلى مسكين، المختصة في التغذية، من تناول أي خلطة أو دواء دون استشارة الطبيب، تفاديا لأي مضاعفات صحية، هذه الأخيرة التي تكون جد واردة في ظل جهل المستهلكين لنوع الدواء أو المشروب الطاقوي الذي ينجرون وراء استهلاكه. حبوب منشطة للذاكرة وأخرى مقاومة للنوم خوف الطلبة من شبح النسيان، ورغبتهم في تحصيل نتائج جيدة في الامتحانات النهائية من خلال القدرة على السهر وتكريس كل الوقت للمراجعة، وكذا حلمهم بالنجاح مهما كانت السبل، يجعلهم يتجهون إلى الصيدليات ومحلات بيع الأعشاب الطبية بحثا عن دواء أو عقار يمكنهم من السهر وتقوية الذاكرة في آن واحد. ولأجل الاطلاع على الموضوع عن كثب كانت لنا زيارة لعدد من الصيدليات بالعاصمة، والتي أكد لنا أغلب أصحابها أن الإقبال كبير هذه الأيام على حبوب المغنيزيوم التي تعتبر أرحم دواء، حسب المختصين. وفي حديثنا عن الأدوية المساعدة لتنشيط الذاكرة وتلك الخاصة بمقاومة النوم، نفى الدكتور الصيدلي محمد آيت العربي وجود أي دواء في العالم يعمل على تقوية الذاكرة وتحسين النشاط الفكري للإنسان، منوها أن كل تلك الأدوية التي يوصى بها ما هي إلا خدعة تجارية لبيع هذه المواد الصيدلانية. وأشار محدثنا إلى أن هذه الأدوية التي لها تأثير سلبي على الجهاز العصبي للتلميذ، خاصة أنه يتم وصفها في الأصل من طرف أطباء الأعصاب لمرضى الزهايمر خاصة، وهو ما يجعلها تضعف الجهاز العصبي والمخ بصورة خاصة بجعله يعتمد على هذه المواد في المستقبل. ويقصد محدثنا في كلامه هؤلاء الطلبة الذين يكثرون من تناول هذه الحبوب بشكل مستمر طيلة العام الدراسي. أما عن تلك الأدوية التي تساعد على طرد النوم، يقول الدكتور آيت العربي أنها تعمل في الغالب بنفس أسلوب الأدوية السابق ذكرها، غير أنها زيادة على ذلك تؤثر على الجهاز العصبي بشكل أكبر بحرمانه من النوم الذي يعد جد خطير على السلامة العصبية للتلميذ. حبوب منع الحمل لاجتياز امتحان الرياضة؟! في الوقت الذي يلجأ بعض التلاميذ عامة للأدوية والمحفزات المقوية للذاكرة لاجتياز الامتحانات الكتابية، اهتدت بعض الفتيات إلى حبوب منع الحمل لأجل اجتياز امتحان الرياضة، كما تقوم بعضهن باستعمالها كمهدئات خلال فترة الامتحانات كذلك. ورغم خطورة هذه الحبوب وتأثيرها على صحة الفتيات قبل الزواج، إلا أن أكثرهن تقوم باستهلاكها وبموافقة الأهل وباستشارة طبية. وفي ذات السياق التقينا بمنال، 17 سنة، مقبل على اجتياز امتحان شهادة البكالوريا تقول إنها تتناول حبوب منع الحمل منذ أكثر من ثلاثة أشهر من أجل امتصاص التوتر، مشيرة أنها تسير وفق حساب دقيق لأجل اجتياز امتحان البكالوريا الرياضي لتفادي أي طارئ. ومن جهتها تقول أم إلهام، والتي ستجتاز ابنتها نفس الاختبار، أن استعانتها بحبوب منع الحمل كان باستشارة طبية، غير أنها أشارت إلى أن الطبيب المختص في أمراض النساء نصحها بعدم استهلاك هذه الحبوب نظرا لتأثيرها بعيد المدى على خصوبة الفتاة بعد الزواج، غير أن الخوف من تزامن امتحان شهادة البكالوريا مع موعد العادة الشهرية جعلها لا تتردد في شراء هذه الأدوية التي قالت إنها تعمل كمهدئات تمتص قلق التلميذ خلال هذه الفترة الصعبة. .. ومشروبات الطاقة في متناول الجميع وفي الوقت الذي يخشى عدد من الطلبة استهلاك حبوب لا يعرفون مدى تأثيرها السلبي على صحتهم، غير أنهم لا يجدون حرجا في استهلاك مشروبات الطاقة كأبسط شيء. هذه الأخيرة التي أسالت الكثير من الحبر ونالت الكثير من الانتقادات، لما تسببه من مضاعفات صحية تؤثر سلبا على الجهاز العصبي والهضمي للتلميذ، حيث أثبتت الدراسات العلمية أن مشروبات الطاقة تؤثر على أجهزة الجسم المختلفة من الجهاز العصبي فالهضمي فالدورة الدموية، فقد أثبتت مدى تأثيرها السلبي والخطير وبأنها قد تؤدي إلى الإدمان إذا زادت عن حدها، بالإضافة الى كونها مشروبات منبهة أكثر من أنها مشروبات تمد الجسم بالطاقة والسعرات نتيجة احتوائها على نسب عالية من الكافيين والمنبهات، ويختلف تأثر الاشخاص بالمنبهات من شخص لآخر، حيث تؤدي نسبة الكافيين العالية إلى حدوث خلل في هرمونات الجهاز الهضمي وزيادة الإفرازات الحمضية في المعدة، ما قد يؤدي إلى تقرحات والتهابات في جدار المعدة والمريء والاثني عشر، وقد يؤدي مع الوقت لضعف صمام المريء، وبالتالي سهولة عودة الطعام والأحماض من المعدة عكسيا إلى المريء، ما قد يؤدي الى الحموضة وتقرح المريء.