لم يعد الفيسبوك موقعا للتواصل الاجتماعي الذي يلم شمل الأصدقاء لتبادل الأحاديث والتواصل فقط، بل تعدى ذلك ليصبح بالنسبة للبعض مجالا لطرح التساؤلات الصحية، وأخذ الاستشارات الطبية، ضمن مجموعات متخصصة قاموا بإنشائها فيما بينهم لتطبيق مقولة "اسأل مجرب ولا تسأل طبيب"، وهو ما اعتبره أهل الاختصاص أمرا في غاية الخطورة، لما قد يتم تداوله من معلومات ووصفات خاطئة وأخرى لا تناسب الجميع. انتشرت مؤخرا مجموعات عبر موقع الفيسبوك أخذت طابعا متميزا بضمها فئات تشترك في نفس الميولات والاهتمامات، ولعل أخطر هذه المجموعات تلك التي تخص عالم الطب من تلك التي يتفنن المشتركون بها على تقديم النصائح والوصفات عند أول طلب، دون مراعاة الخبرة والتخصص الطبي الذي يتيح لأهل الاختصاص القيام بذلك، مطبقين شعار "سال مجرب وما تسالش طبيب"، وهو ما يجعل المختصين يدقون ناقوس الخطر فيما يخص هذه الظاهرة، التي باتت تهدد صحة وحياة رواد الفيسبوك، الذين عوضوا الاستشارة الطبية بمجموعة آراء ونقاشات عبر الفيسبوك. عندما يستخدم الجزائريون الفيسبوك كمنصة لتبادل الآراء والخبرات بين رواده فهذا أمر مستحسن، لكن أن يقوم هؤلاء بالاستعانة به لتشخيص الأمراض فيما بينهم وتقديم العلاج والحلول دون امتلاكهم أي خبرة في هذا المجال، فذلك هو الخطر بحد عينه.
مجموعات الحوامل تقلق أهل الاختصاص من بين أكثر المجموعات المنتشرة عبر الفيسبوك والتي أضحت تقلق الأطباء والمختصين في مجال الصحة العمومية، هي تلك الخاصة بالنساء الحوامل، والتي غيرت نشاطها من مجرد بعض الاستفسارات ونشر الصور والفيديوهات الخاصة بالحمل وتطور الجنين، إلى تبادل النصائح بين روادها حول الكشوفات والتحاليل وولأدوية والكثير من الاستفسارات الدقيقة والخاصة بالأشهر التسعة الأكثر حساسية في حياة المرأة، كما تتبادل تلك النسوة طرق العناية بالجنين وكيفية رعايته في الأشهر الأولى من ولادته. وهو الأمر الذي اعتبرته الدكتورة بن حملاوي المختصة في طب النساء في غاية الخطورة، حيث أكدت في حديثها أن لكل مجال أهل الاختصاص الذين ولوحدهم يمكنهم معرفة ما يليق بالحامل ومولودها، وتضيف أن لكل حالة من حالات النساء طابع خاص يستوجب كشف طبي ومعاينة مباشرة. وأشارت إلى أنه من غير الممكن حتى بالنسبة للطبيب أن يصف نفس الدواء ويعطي نفس التحاليل وطرق العلاج لمجموعة من الحوامل، فما بالك بمن لا يمتلك الخبرة والكفاءة اللازمة لذلك، محذرة من أي طريقة أو تدبيرة يتم تداولها عبر هذا الموقع الذي يبقى مجرد جلسة نسائية خالية من أي نوع من أنواع الدقة في هذا المجال، وهو ما دفع الدكتورة بن حملاوي -حسب ما جاء على لسانها- إلى التشديد على النساء المداومة على المعالجة عند المختصين وعدم الانخراط في مثل هذه المجموعات، أو على الأقل عدم الخوض في الأسئلة والأجوبة التي يتم تداولها، مؤكدة أن الطبيب المعالج وحده من يستطيع معاينة الحالة وتقديم النصح لها.
وصفات التبييض والتجميل والتنحيف خطر من نوع آخر كما تحتل وصفات التنحيف والتثخين، وكذا التبيض وخلطات التجميل نصيبا كبيرا من اهتمامات النساء والفتيات خاصة، واللاتي تنجر أغلبهن لتجربتها غير مكترثات بحجم الخطر الذي من الممكن أن تتسبب فيه. ومن أكثر الخلطات انتشارا، والتي ثبتت في كل مرة عدم نجاعتها مع العديد من التأثيرات السلبية لها، نذكر وصفات التنحيف من كبسولات وخلطات أعشاب طبيعية، وبعض التحميلات والكبسولات الصيدلانية، التي تروج لها النساء عبر هذا الموقع من خلال عرضها للبيع وجني المال من وراء ذلك، أو مجرد نشر تجربتهن الخاصة التي من خلالها تقمن بدعوة غيرهن للمحاولة،. وفي السياق ذاته كان لنا حديث مع فاطمة الزهراء التي كانت ضحية لإحدى عمليات النصب التي انجرت وراءها لإنقاص وزنها الزائد، غير أنه وبعض اقتناء المنتج الذي كان على أساس أنه خلطة أعشاب طبيعية هندية تساعد على حرق الدهون، أدخلتها العنايات المركزة بعد يومين من تناولها لها بعد إصابتها بتسمم غذائي حاد، لتكتشف فيما بعد أن "التيزانة" التي داومت على شربها لم تكن سوى براز حيوانات مجفف ومهروس، لتصاب بصدمة لم تكن الأولى التي نسمع بها، فغيرها كثير ممن تحاولن تجربة بعض الوصفات والخلطات التي تنتشر بشكل ملفت عبر هذا الموقع الأزرق، حتى يخيل لرواده أنها ناجحة، دون مراعاة عنصر الخبرة والكفاءة في الموضوع.