وقع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم أمس، على أول مرسوم منذ إعلان حالة الطوارئ في بلاده يقضي بإغلاق أكثر من 1000 مدرسة خاصة ومؤسسات أخرى. وأغلقت السلطات التركية 35 مؤسسة صحية، و1043 مؤسسة تعليمية خاصة وسكن طلابي، و1229 وقف وجمعية، و19 نقابة واتحاد نقابات، و15 من مؤسسات التعليم العالي الخاصة التابعة أو مرتبطة بمنظمة غولن. وقال أردوغان في كلمة ألقاها بمقر البرلمان، وذلك خلال زيارة تفقدية للمكان الذي قصفه الانقلابيون ساعة الانقلاب الفاشل، إن من "قاموا بالمحاولة الانقلابية الفاشلة، وقصفوا مقر البرلمان لا يمكن أن يكونوا من أبناء الشعب، بل هم إرهابيون متنكرون في زي عسكري". وأبدى الرئيس التركي "إحباطه الكبير جراء آثار القصف والدمار داخل مقر البرلمان"، مشيرا إلى أن "الانقلابيين بلغوا درجة من الخيانة والدناءة سمحت لهم باستخدام الأسلحة والطائرات والدبابات والسلاح الثقيل ضد شعب كانت أمواله وضرائبه مصدر تمويل شراء تلك الأسلحة". ودعا أردوغان الشعب التركي إلى عدم ترك الميادين والساحات لتفويت كل فرصة على الانقلابيين، لافتا إلى أنه "لم يكن في حسبانهم دعوتي للمواطنين من خلال التلفاز للنزول إلى الشوارع والميادين، واستجابتهم السريعة وتلبيتهم للنداء، كل هذه الأمور غابت عن حساباتهم". ووصف أردوغان منظمة "فتح الله غولن الإرهابية"، ب"الفيروس".. الذي تحوّل إلى "ورم خبيث، ويتعين علينا اجتثاثه من جذوره بشكل كامل، لكن أحياناً عملية الاقتلاع لا تكفي، وقد يتكاثر الفيروس من مكان إلى آخر ليس بالحسبان، وينبغي علينا تحجيمه إلى أدنى حد كي نتمكن من مواصلة طريقنا، فهؤلاء "عناصر الكيان الموازي" يُجيدون إخفاء أنفسهم أكثر من الحرباء". وأضاف الرئيس التركي "إذا كان الغرب يؤمن بالديمقراطية بشكل حقيقي، فينبغي ألا يكون موقفه متردداً، ويصدر استنكارات بين أقواس من هنا وهناك، وسنرسل لهم أدلة إدانة منفذي الانقلاب، وأتمنى بعد مشاهدتهم للأدلة ألا يطلقوا كلمة ديكتاتور على الحكومة ورئيس الجمهورية اللذين وصلا إلى السلطة بأصوات الشعب". وفي السياق، ارتفعت حصيلة العسكريين الموقوفين من ذوي الرتب الرفيعة على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، حتى يوم أمس، إلى 133 جنرالاً وأميرالًا، صدر قرار حبس بحق 126 منهم على ذمة التحقيق. ومن جهتها قبلت محكمة الجزاء الرابعة بأنقرة، يوم الجمعة، لائحة الاتهام الموجهة ضد تنظيم "حزمت" بزعامة "فتح الله غولن"، والتي جاء فيها أن المنظمة وزعيمها يعملان تحت إمرة الولاياتالمتحدةالأمريكية، ووكالة الاستخبارات المركزية "CIA". وقررت الحكومة التركية إيفاد وزيري الداخلية والعدل إلى الولاياتالمتحدة الأسبوع المقبل لبحث ملف تسليم فتح الله غولن. وقالت الشرطة التركية إنها عثرت على أوراق نقدية من فئة 1 دولار، تُليت عليها أدعية، ووزعت على عدد من المتهمين بالتورط في المحاولة الانقلابية الفاشلة. ونقلت الأناضول عن مصادر أمنية، فضلت عدم كشف هويتها، أنَّها "لاحظت وجود عملات نقدية من فئة دولار ذات أرقام تسلسلية قريبة من بعضها البعض، لدى بعض المتهمين"، موضحة أن "الدولار يستخدم بين الانقلابيين كشيفرة". وأشارت المصادر إلى وجود ادّعاءات، تبين أن غولن أرسل هذه الدولارات إلى أتباعه بعد تلاوة أدعية عليها، من أجل "التوفيق والسداد" في مخطط الانقلاب الفاشل. وكان مجلس الوزراء التركي أصدر الأربعاء الماضي، بناء على توصية من مجلس الأمن القومي، قرارًا بإعلان حالة الطوارئ، لمدة 3 أشهر في تركيا، من أجل "حماية وتعزيز الديمقراطية، والقانون، والحريات". كما وافق البرلمان التركي على فرض حالة الطوارئ في عموم البلاد 3 أشهر بدءا من 21 جويلية الجاري، على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة. وشهدت العاصمة التركية أنقرة ومدينة إسطنبول، في وقت متأخر من مساء الجمعة، محاولة انقلابية فاشلة، نفذتها عناصر في الجيش، حاولوا خلالها قطع حركة المرور وإغلاق الجسرين الرابطين بين شطري مدينة إسطنبول الأوروبي والآسيوي، والسيطرة على مديرية الأمن فيها وبعض المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة، وفي الوقت نفسه حلقت مقاتلات على علو منخفض فوق سماء العاصمة أنقرة. وأكّد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أنها "محاولة غير شرعية" تقوم بها "مجموعة" داخل الجيش التركي وتوعد بأنهم سيدفعون "الثمن باهظا". وقوبلت المحاولة الانقلابية، باحتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات التركية، حيث توجه المواطنون بحشود غفيرة تجاه المطار والبرلمان ورئاسة الأركان، ومديريات الأمن، ما أجبر آليات عسكرية حولها على الانسحاب وسرّع في إفشال الانقلاب بعد 6 ساعات من بدايتها. وأعلن الرئيس رجب طيب أردوغان متوسطا حشدا من أنصاره في إسطنبول، الذين توافدوا بالمئات إلى الشوارع استجابة لندائه، عن "فشل الانقلاب على السلطة الشرعية في تركيا"، مؤكدا على بقاء أنصاره في الشوارع والميادين حتى نهاية الأزمة، وأن الأمور ستعود إلى نصلبها في أقرب وقت.