يرى المجاهد ياسف سعدي، قائد المنطقة العسكرية المستقلة للعاصمة، خلال ثورة التحرير الكبرى، أن الأفلام السينمائية التاريخية منها فيلم العربي بن مهيدي ومصطفى بن بولعيد وكريم بلقاسم وغيرها لم تنجح لأنها تجارية ولم تسرد حقائق عن الثورة، على غرار الفيلم التاريخي "معركة الجزائر" الذي قام بكتابة سيناريو له، مشيرا أن الأفلام الثورية الحالية أبطالها ليسوا مجاهدين ولم يشاركوا في الثورة ولم يدرسوا فن التمثيل، وإنما أشخاص يتم جلبهم من الشارع ومن مهن حرة غير الفن، ويقدمون لهم أدوار البطولة دون احترافية في الموضوع، لذلك لم ينجحوا في تقمص الشخصية الثورية لأبطال ثورة نوفمبر، ولم تنجح أفلامهم التي تغيب عنها حقائق عديدة عن الثورة. وقال ياسف سعدي الذي تقربت منه "الفجر"، بعدما تم تكريمه في المهرجان الدولي للفيلم العربي بوهران في طبعته التاسعة، أن الفيلم السينمائي التاريخي "معركة الجزائر نجح لكنه لم يدخل للجزائر أي سنتيم بعدما أسند دور البطولة فيه لي بعد تردد كبير مني لمخرج الفيلم، حيث رفضت العرض في المرحلة الأولى، لكن تراجعت عن ذلك لسبب وحيد هو سرد وتشخيص حقائق عن الجهاد والكفاح المسلح والمعارك التي خاضها أبطال ثورة نوفمبر". للإشارة، يعتبر فيلم معركة الجزائر وهو فيلم جزائري أنتجه المخرج الإيطالي الكبير والرّاحل جيلو بونتيكورف عام 1966 بالأبيض والأسود، ويعتبر أضخم فيلم أنتج وكلف وقتها مبلغ مليون دج، ويعتبر مبلغا كبيرا آنذاك، وقد حقّق وقتها نجاحًا كبيرًا ولسنوات لاحقة رغم منع عرضه طوال 40 سنة، واكتسب شهرة أكبر مع معطيات تاريخ الثورة، والفيلم يروي فترة من فترات كفاح ثورة، ونال الفيلم جائزة الأسد الذهبي، كما حاز على جائزة النّقد خلال مهرجان كان، وفي نفس السّنة في مهرجان البندقية كأحسن سيناريو وإخراج، وترشح لثلاث جوائز أوسكار كأحسن فيلم وأفضل سيناريو. وفي ذات الشأن، كشف ياسف سعدي أن فيلم معركة الجزائر يروي قصة حقيقية عشتها داخل زنزانة المستعمر بعدما تمت محاكمتي بالإعدام، وتم زجي في سجن سركاجي داخل زنزانة مظلمة لا تتوفر فيها جميع شروط الحياة الكريمة لمسجون، بعدما كانت الزنزانة تحت الأرض تعج بالفئران، وكان البوليس الفرنسي يدق باب الزنزانة على الساعة الثالثة صباحا ويطلب مني أن أجهز نفسي لتنفيذ حكم الإعدام علي، وبعد إصدار قرار العفو من قبل ديغول، حينها قررت أن أروي قصتي في الفيلم، وذهبت إلى إيطاليا لأجد مخرجا يتكفل بمشروع الفيلم، والتقيت بالمخرج جيلو بونتيكورفو وجاء إلى الجزائر ومكث فيها قرابة سنة وتعلم الكثير من الحقائق عن الثورة، وقمت بتجسيد الدور البطولي حتى أكون وفيا في نقل، للمواطن والمشاهد الجزائري، حقيقة معاناة المجاهدين المحكوم عليهم بالإعدام داخل الزنزانات. وأضاف محدثنا يقول: أنا عندما كنت في السجن كنت أسير الجزائر من داخلها، وأكد ياسف سعدي ل"الفجر": "عندي أربعة أفلام تروي قصصا تاريخية عن الكفاح، لكن لم أرغب ترجمتهم وتحويلها إلى فيلم سينمائي تاريخي، بعدما أصبح كل شخص يقوم بإنجاز فيلم تاريخي، لكن الحقيقة تبقى أفلاما ناقصة للعديد من المعلومات والحقائق التاريخية التي تم نقلها بشكل غير سليم".