صدرت مؤخراً عن منشورات ضفاف في لبنان والاختلاف في الجزائر رواية ”لعبة السعادة” والتي جاءت بعنوان ثانوي ”الحياة القصيرة لمراد زاهر” للروائي بشير مفتي. تدور أحداث هذه الرواية بين عامي 1963 و1978، سرد فيها قصة مراد الابن الوحيد للشيخ سلام زاهر الذي لم تلحقه لعنة الموت التي أخذت إخوته، قضى مراد طفولته ومراحل دراسته الأولى في قرية المطمورة الواقعة في الشرق الجزائري، تلقى فيها تعليما قرآنيا، كان هدفه الأول الدراسة والوصول إلى أعلى مستوى. ينقلنا بشير مفتي إلى تفاصيل حياة مراد زاهر الذي وضع أحلامه في هاته القرية التي ترك بها جذورا لا تنقطع، حيث وبعد وفاة أمه انتقل للعاصمة عند خاله بن يونس الذي تولى رعايته وكان بمثابة ابن له، أما الشيخ سلام فقد رفض عرض بن يونس بالعيش في المدينة وفضل البقاء في أرضه وظل فيها حتى وافته المنية، وهو الخبر الذي كان صدمة تلقاها مراد واعتبره نهاية الرابط مع القرية.تطرقت الرواية لحدث تاريخي هام في مسار الجزائر وهو الانقلاب العسكري على بن بلة سنة 1965 الذي كان بن يونس أحد الأطراف لمستفيدة منه، ونجح في الحصول على مكانة معتبرة من الجهة العليا للحاكم، من خلال تملكه لمقاه ومحلات وفنادق تركها الاستعمار.تتواتر أحداث الرواية وتتسارع، مثل سرعة وزخم المدينة، فمراد الذي جاء للعاصمة غير مراد الذي كان في القرية، حيث تغير كثيرا خصوصا من ناحية الأخلاق والمبادئ والقيم، وأصبح رجلا جديدا بروح أخرى، حيث صار يعتقد أنه هو المسؤول الأول عن تصرفاته، لكن الحقيقة غير التي يعيشها، بل هو مقيد بأغلال غير مرئية وضعها بن يونس، هذا الرجل الغامض الذي تختبئ وراءه ألف حكاية. حياة مراد لم تخل من قصة حب، تعرف على فتاة اسمها ناريمان وسرعان ما وقع في حبها، رغم أنها كانت تكبره بثلاث سنوات لكنها سلبته قلبه وروحه، هذه المرحلة المفصلية في حياة مراد جعلت مستواه الدراسي يتراجع، ما أدى إلى رسوبه في امتحان البكالوريا، لكن الأيادي الخفية لخاله غيرت كل شيء وتحول من راسب إلى ناجح، ما جعل زملاءه في الثانوية يتخلون عنه بحكم تزوير نتيجة الامتحان. تعددت الأحداث في الرواية لكن الواقع واحد، هاته هي الحياة ويجب على بطل الرواية تقبلها، هي مفاجآت ومغامرات، في وقت كان مراد غير قادر على اتخاذ الموقف اللازم لتغيير واقعه، واقع فرض عليه من طرف خاله وما إجباره على الزواج من ابنة خاله إلا دليل على أنه غير مخير، رغم أن الزوجة التي اختيرت له كانت على علاقة غير شرعية أفضت إلى حملها، ما دفع أباها لتزويجها من مراد لطمس الحقيقة واجتناب الفضيحة. أخذت الرواية نهاية تراجيدية انتهت فيها اللعبة بطعنة واحدة من معشوقته أردته قتيلا بعد أن اكتشفت خيانته لها.