عوّض مترشحو تشريعيات ماي القادم، حالة الفتور التي ميزت الأسبوع الأول من الحملة الانتخابية بأسلوب التراشقات، فقد كانت الحكومة القادمة، وقودا لها في شكل عكس حالة الإفلاس السياسي التي تعيشه الطبقة السياسية في الجزائر، فيما حافظت أخرى على وتيرة من خلال الخروج إلى الشارع واستمالة المواطن. لم تتأخر حرب التراشقات بين مختلف الأحزاب السياسية عن المشاركة في العرس الانتخابي القادم كثيرا، وعلى غير العادة كانت أحزاب الموالاة هي بطلة مسلسل الضرب والضرب المضاد، حيث دخلت في سباق الخطابات السياسية المحمومة بالتراشقات والاتهامات المتبادلة بدل الخوض في الخطابات البناءة التي تحمل حلولا للأزمات متعددة الأبعاد التي تتخبط فيها البلاد، الأمر الذي دفع بالبعض إلى إطلاق صفارات الإنذار خوفا من توسع رقعة العزوف لدى المواطنين الذين سئموا اللغة الجوفاء والعقيمة. وكان للغريمين الأفلان والأرندي حصة الأسد من هذه السياسة التي وجدت كسياسة ”قديمة جديدة” لإضفاء جو التنافس، ونجح أويحيى وولد عباس على التوالي، في مواجهة جمود الحملة الانتخابية بفضل تصريحاتهم النارية التي رفعت حرارة السباق نحو قبة البرلمان بعد التصريحات التي أطلقها أحمد أويحيى الذي اتهم الافلان بعدم امتلاك برنامج انتخابي، ورغم أنه تراجع في الوقت البدل الضائع، إلا أن الأمين العام للأفلان يصر على مواصلة ”الحرب” كما قال في أحد تجمعاته، حين أكد أن حزبه أجبر على المعاملة بالمثل والرد بعنف على كل من تسول له نفسه المساس بالجبهة والثوار وبوتفليقة، ورفض ولد عباس ”صداقته” مع أويحيى، مضيفا أن الأفلان أعدّ العدة جيدا للانتخابات التشريعية القادمة. أويحي لم يكتف بحليفه في جبهة التحرير الوطني وراح يرد على دعاة الحكومة التوافقية ويجزم أن الجزائر لا تمر بأزمة سياسية من منطلق أنها ليست بحاجة لحكومة توافقية، فخلق جبهة جديدة قديمة من الصراع مع حركة مجتمع السلم ورئيسها عبد الرزاق مقري الذي أكد في العديد من خرجاته على ضرورة خلق حكومة وحدة وطنية بعد انتخابات حرة ونزيهة لتحقيق الانتقال الاقتصادي، ولم يقف الصراع، عند هذا الحد فكان الرد من مقري وحليفه عبد المجيد مناصرة، فاتفقا على أنه لاأحد يحق له الحديث عن الحكومة. من جهته، دخل رئيس الجبهة الشعبية الجزائرية عمارة بن يونس على الخط وراح ينتقد تصريحات ولد عباس دون ذكره، التي قال أنه إذا لم يتحصل على 40 بالمائة فإن الانتخابات مزورة، معتبرا هذا التصريح هو تهديد صارخ. يأتي هذا في وقت استمر العديد من قادة الأحزاب السياسية في إطلاق وعود لاترقى إلى التجسيد على أرض الواقع، من خلال خطاب ركيك مبني على وعود ”رئاسية” على غرار القضاء على السكن وخلق وظائف جديدة، في حين ظلت الأحزاب الإسلامية على الحياد وفضلت المواصلة في العمل الجواري والخروج إلى المواطنين مفضلة تجنب لغة التخويف والتخوين التي استبدلتها بحملة ”الأيادي البيضاء”.