اختتمت، يوم أمس، أعمال قمّة مجموعة العشرين للاقتصادات الكبرى، المنعقدة بمدينة هامبورغ الألمانية، والتي عقدت على مدى يومين، وكان عنوانها ”نحو بناء عالم متواصل، في أجواء من التوتر الشديد ووسط ظروف أمنية استثنائية. وبدأ اليوم الأخير من الاجتماع بمحادثات على هامش القمة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية انجيلا ميركل بهدف محاولة حل النزاع الطويل في اوكرانيا. وأصدر المشاركون بيانا مشتركا تضمن 21 نقطة حول سبل مكافحة الإرهاب. لكن الخلاف استعر بينهم حول مضمون البيان الختامي للقمة، بسبب تتباين وجهات النظر حول مسألة التغير المناخي والتجارة. ووصفت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي تولت الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين، التي تمثل نحو 85 بالمئة من النشاط الاقتصادي العالمي، المحادثات حول صيغة البيان الختامي للقمة، ب”الصعبة للغاية ولن أخفي ذلك”، جرّاء هيمنة الخلافات بشأن قضايا عدة، أبرزها حرية التجارة وتغير المناخ. وأشارت ميركل في بيان إلى أنه لا يزال أمام المفاوضين الرسميين في القمة الكثير من العمل للتوصل إلى اتفاق حول البيان الختامي للمجموعة قبل اختتام القمة مساء السبت (أمس). وذكر مسؤول بالاتحاد الأوروبي أنه جرى الاتفاق على الخطوط العريضة للبيان الختامي للقمة، لكن الخلافات بشأن المناخ بقيت سائدة، مضيفا أن بيان مجموعة العشرين شمل التزاما ”بمحاربة النزعة الحمائية”. وتم التطرق خلال اليوم الأوّل من القمة إلى سبل مكافحة الإرهاب، والتجارة الحرة والعادلة، والتنمية في إفريقيا، والمناخ والطاقة، إلى جانب الوضع في كوريا الشمالية. ويُتوقع أن يشير البيان إلى انسحاب الولاياتالمتحدة من اتفاقية باريس وتأكيد باقي الدول أنه لا رجعة في الاتفاقية الدولية لمكافحة ارتفاع حرارة الأرض. وسيكشف البيان الختامي ما اذا كانت واشنطن قد نجحت في إدراج جملة تكرس رغبتها في العمل بمفردها وتطوير استخدام ”أنظف” لمصادر الطاقة الأحفورية خلافا للهدف الحالي للدول تقليص الاعتماد على الفحم. يذكر أنّ القمّة شهدت، أوّل لقاء بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والرّوسي فلاديمير بوتين، عقد خلالها الرئيسان أول لقاء لهما، وأعربا عن سعادتهما وارتياحهما. وقال ترامب إنه يتطلع إلى ”أشياء إيجابية” تحدث في العلاقات بين الخصمين السابقين للحرب الباردة. وقال بوتين إن المحادثات الهاتفية ليست كافية. ووصف اجتماعه بترامب بأنه لقاء ثنائي مهم، لافتا إلى أنّه يسعى لمناقشة القضايا الثنائية والدولية الأكثر إلحاحا، وأعرب عن أمله في الخروج ب”نتائج إيجابية”. وعلى صعيد آخر أكد الرئيس الأمريكي أن بلاده ستوقع ”قريبا جدا” اتفاقا تجاريا مع بريطانيا، وذلك خلال لقاء مع رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي على هامش القمة. وقال ترامب أمام الصحفيين: سيكون ”اتفاقا مهما جدا”. وتزامنا مع عقد قادة دول العشرين لاجتماعاتهم، تواصلت الاحتجاجات المناهضة للعولمة لإعاقة أعمال القمة وهو ما أدانته ميركل واعتبرته ”غير مقبول”، وأدى ذلك إلى اضطراب حركة النقل وإغلاق بعض مصارف المدينة. وأعلنت الشرطة الألمانية، يوم أمس، عن ارتفاع أعداد المصابين من عناصرها إلى 213 على الأقل خلال المظاهرات العنيفة ضد القمة، فيما تم اعتقال 203 أشخاص منذ بدء المظاهرات. وأعرب المتحدث باسم شرطة هامبورج تيمو زيل في تصريح له عن شعوره بالصدمة إزاء أعمال الشغب التي بدأت الخميس، مضيفا: ”لم نشهد مثل هذا المستوى من العنف خلال المظاهرات ”. وكانت الشرطة الألمانية قد ذكرت أن متظاهرين هاجموا عناصرها بزجاجات وحجارة، وأنّها استخدمت الغاز المسيّل للدموع وخراطيم المياه لتفريقهم. يذكر أنّ مجموعة العشرين تضم: ألمانيا، وفرنسا، والولاياتالمتحدةالأمريكية، وتركيا، واليابان، وكندا، وإيطاليا، وبريطانيا، وروسيا، والأرجنتين، وأستراليا، وجنوب إفريقيا، والبرازيل، والصين، وكوريا الجنوبية، والمملكة السعودية، والهند، وإندونيسيا، والمكسيك، والاتحاد الأوروبي. يذكر أن الأعضاء في مجموعة العشرين، يشكل سكانها قرابة ثلثي سكان العالم، ونحو 82 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ويستحوذون على ثلاثة أرباع التجارة العالمية. وتَشَكّلت مجموعة العشرين عام 1999م؛ لكنها اكتسبت مكانتها العالمية عام 2008 مع تزايد الحاجة إلى تعاون دولي أكبر للتعامل مع الأزمة المالية التي وقعت في ذلك العام؛ فعُقد أول اجتماع لها في العاصمة الأمريكيةواشنطن في شهر نوفمبر عام 2008. وصدر عن اجتماع القمة، بيانُ ”قمة الأسواق المالية والاقتصاد العالمي” الذي أعرب فيه القادة عن التصميم على تعزيز التعاون والعمل معاً لتحقيق الإصلاحات التي يحتاج إليها النظام المالي العالمي.