لا أدري في أي خانة أصنف هذه الفضيحة الأخرى والمتعلقة بتقاضي جزائريين من نفس المنطقة ومن نفس الأسرة السياسية أمام محكمة فرنسية، إن لم يكن في خانة الفضيحة. لا يهمني من ظلم الآخر ومن نشر غسيل رفيقه السابق على حبال الإعلام الفرنسي الذي تحل أمامه عقدة الألسن، ويحلو معه الحديث وتقاسم الأسرار، مثلما عودنا بعض المنتسبين إلى السياسة في بلادنا؛ حتى وإن كان أحدهما نجل أسد جرجرة الشهيد عميروش، والآخر نجل شهيد لا يقل احتراما عن الأول. فهل من الوطنية، بل هل من المنطق أن يقف نجلي شهيدين أمام محكمة فرنسية، مثل الأعداء؟ فهل في الأمر عدم الثقة في القضاء الجزائري، أم أنه عدم اعتراف به؟، أم فقط البحث عن الضجة الإعلامية وربما التعويض في حالة الإدانة، بالعملة الصعبة، يعني مجرد حسابات سخيفة لا ترفع أبدا من قيمة الرجلين بقدر ما تمرغ أنفيهما في التراب، وهو بالفعل ما حدث، فقد رفضت المحكمة الفرنسية النظر في القضية، مثلما ذكره المتقاضي وزعيم الحزب الأمازيغي السابق، سعيد سعدي أمس في حسابه على الفايسبوك، يومان بعد ذكرى 17 أكتوبر، وأياما قليلة قبل ذكرى اندلاع إحدى أعظم الثورات في تاريخ البشرية. يا للعار! سعيد سعدي الذي كنا نرى فيه القائد والسياسي الذي يمكن أن يقود البلاد إلى بر الأمان وصفقنا لخطابه العقلاني الرزين، وتشريحه للوضع السياسي للبلاد، يبدو أنه لا ينتسب إليها إلا جسديا. أين رشيد الذي يدعي محاربته الفساد ولم يجد غير سعداني يتكالب عليه، فهل كان الرجلان سيقفان أمام العدالة الفرنسية لو لم تكن لهما إقامة هناك؟ هل بحث عنها نكاز وقال لنا من أين لهما هذا؟ لم يفضح سعدي نفسه ورفيقه السابق في النضال بهذا الإجراء فحسب، بل إنه بتصرفه هذا يشكك حتى في تاريخ والده، مثلما سبق لنجل عميروش وشكك في حقيقة الشهداء وعددهم في تودد مفضوح لفرنسا. زعيم الأرسيدي بهذا التصرف بصق على ذاكرة الرجلين، وعلى الثورة، وتصرفه هذا لا يقل خيانة عما كان يصف به رجال ”النظام” مثلما تحلو له تسميتهم، والانتقادات اللاذعة التي كان يوجهها لهم، فالذي يريد تحرير البلاد من الفساد وممن اختطفوا الجزائر، عليه أن يحرر نفسه أولا فهو لا يزال ”أنديجان” في تصرفه وفي ما يؤمن به!