يتعامل البعض خاصة في الجزائر مع القضية الفلسطينية مثل تعاملهم مع اللغة العربية، يلبسونها ثوب القداسة ويربطونها بالإسلام، لا لشيء إلا لأن القدس والمسجد الأقصى الذي بني عقودا بعد وفاة الرسول موجود بها، وينسون أن القضية هي أولا قضية احتلال وشعب جرد من أرضه وسلب حقوقه، وليست قضية دينية، ونراهم يرفعون شعار القدس إسلامية، وفلسطين قضية المسلمين بالدرجة الأولى، مع أن فلسطين هي مهد للرسالات السماوية، وبها تجتمع الديانات الثلاثة، فبها كنيسة القيامة ومهد عيسى بن مريم، وبها المعابد اليهودية، إلى جانب الأقصى. ربط القضية الفلسطينية بالجانب الديني وحصرها في الإسلام وهي التي تضم مسلمين ومسيحيين وحتى يهود عرب فلسطينيين سكنوا بها منذ الأزل وقبل وعد بلفور المشؤوم، يجرد القضية من كونها قضية إنسانية وقضية استعمار اغتصب أرض شعب عريق وشرد الملايين منه عبر جهات العالم الأربع. القضية الفلسطينية ليست قضية إسلامية ولا هي قضية عربية فحسب، وحصرها في عقيدة دون العقائد الأخرى، هو سقوط في المطب الصهيوني الذي يريدها أرضا لليهود، وبنى الدولة على أساس ديني، في الوقت الذي تتجه أوروبا والإنسانية بصفة عامة إلى اللائكية كحل يحفظ حق كل الأطياف وكل الديانات، على أساس مبدأ الدين لله والوطن للجميع. فلو كانت القضية الفلسطينية قضية دين أو عرق لما وجدت تعاطفا حتى من قبل الكثير من الإسرائيليين، وكم منهم من المتجندين للدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في العيش في سلام، ومنهم من يرفع مبدأ الدولة الواحدة، ليعيش الفلسطينيون والإسرائيليون جنبا إلى جنب في سلام، يحتكمون لقوانين ديمقراطية تكفل حق الجميع في المواطنة وما تمنحه من حقوق، بغض النظر عن الدين أو العرق. إضفاء القداسة الدينية على القضية الفلسطينية لجعلها قضية المسلمين وحدهم، سيجعلها في مواجهة مستمرة مع يهودية إسرائيل، التي ستستمر في تهويد كل شبر من الأرض الفلسطينية، وليس القدس وحدها.