وفي حين اكتفى سعيدي بالتنويه بالأعمال الأدبية والأكاديمية لجلاوجي، وإعادة سرد بعض ما جاء في نصوصه الروائية، حاول سنقوقة الاقتراب من الكاتب، عبر جملة من الملاحظات التي تتعلق بأعماله، كتأثره بالتراث العربي والقرآن الكريم والسنة النبوية وتوظيف كل ذلك في كتاباته، ووجود "إيديولوجيا" تحرك الكاتب، وأشار سنقوقة إلى وجود تناص بين أعمال جلاوجي وأعمال أحلام مستغانمي. وفي النقاش الذي شارك فيه الحاضرون، اعتبر الناقد أحسن تليلالي أعمال عز الدين جلاوجي قيمة وذات وزن كبير في الساحة الأدبية، لكنها لم تحظ بالانتشار اللائق، لأن صاحبها لم يتطرق إلى الثالوث المحرم باعتباره إنسانا متخلقا، معتبرا أن الأعمال التي تحظى بالترويج الإعلامي هي تلك التي تتعرض لهذه الثلاثية المحظورة، مستدلا بأعمال الروائي الجزائري بوعلام صنصال التي لم تلق كل هذا النجاح سوى لأنها تسب الجزائر على حد تعبيره، وأعاب المتحدث على الكاتب إساءة اختيار عناوين رواياته. وفي تدخله، تحدث جلاوجي عن المعاناة التي يتكبدها الكاتب الجزائري من أجل إيصال إنتاجاته للقارئ، فالعملية الإبداعية التي تبدأ بالكاتب ولا تنتهي بالقارئ، يقف خلفها جيش كامل لضمان نجاحها.. كاتب وناشر وموزع وإعلامي، لكن الكاتب في الجزائر يضطر لممارسة كل تلك المهام، وأضاف أن كثيرا من الأعمال التي يثار حولها جدل إعلامي، ليست أعمالا جيدة بالضرورة، ذاكرا في هذا السياق روايات أحلام مستغانمي التي اعتبرها "كتابات غير ناضجة" ولا تستحق الهالة الإعلامية التي حظيت بها. ولم ينف الكاتب وجود خطاب إيديولوجي في رواياته، مبررا ذلك بأن الأدب ابن مجتمعه، فالأدب الجزائري اليوم انعكاس للمجتمع بعد أن كان في السبعينيات انعكاسا لتوجهات السلطة، يقول صاحب "الفراشات والغيلان". وتحدث جلاوجي عن تأثره بالتراث والقرآن وتجلي ذلك في نصوصه، ويعود ذلك، حسب قوله، لأنه نشأ في بيئة محافظة ودخل إلى الكتاب الذي تعلم فيه القرآن الكريم وهو في سن متقدمة، كما أن لجده الذي وصفه ب"شلال حكايا" الفضل في تنمية خياله وتعلقه بعوالم القصص. ورفض جلاوجي ما سماه "أستاذية مقيتة" مارسها سعيدي في قراءته، معتبرا أنها لم تخرج عن نظرة القديم للجديد والكبير للصغير، ووصف هذه القراءة بالنقد الانطباعي الذي ولى زمنه. يذكر أن عز الدين جلاوجي، أستاذ للأدب العربي بجامعة سطيف، وهو معروف بغزارة إنتاجه الأدبي والأكاديمي، حيث صدر له أزيد من عشرين كتابا، منها أربع روايات هي "الرماد الذي غسل الماء"، "الفراشات والغيلان"، "رأس المحنة" و"سرادق الحلم والفجيعة"، بالإضافة إلى دراسات ومجموعات قصصية ومسرحيات وكتب موجهة للطفل.