حذّر الخبير الاقتصادي الدولي "عبد المالك سراي"، أمس، من تداعيات أزمة الغذاء العالمية على الجزائر، على الرغم من تفاؤله بقدرة الجزائر على تفادي خطورة الوضع الذي بات يهدد أكثر من 70 دولة فقيرة في العالم بالمجاعة• وقال الخبير الدولي في اتصال هاتفي مع "الفجر"، أن الحكومة مطالبة بالعمل على تخصيص إمكانيات وأموال أكبر لبرامج الإنتاج في الداخل بدل الاهتمام بالاستيراد• واعتبر أن المشكلة في الجزائر، "التي من المفروض أن تكون في منأى عن هذه الأزمة"، بالنظر إلى الإمكانيات الهائلة التي تتوفر عليها في المجال الفلاحي، هو "أن اللوبيات التي تتحكم في الاستيراد، أقوى بكثير من الجهات القائمة على الزراعة، وهو الوضع الذي يكرس التبعية للدول الغنية، التي أصبحت تستعمل الغذاء كورقة ضغط تواجه بها ارتفاع سعر النفط"• وأضاف المتحدث، أنه من غير المعقول الإستمرار في العمل على تأمين الغذاء على المدى القصير، كاستيراد ما يكفي لسد الحاجيات الوطنية لمدة 5 إلى 6 أشهر، "فالأمر يستدعي وضع استراتيجيات طويلة المدى، تهدف إلى ضمان الأمن الغذائي، تمتد على فترات طويلة تصل إلى 15 سنة"، كما أنه على الحكومة أن تتحلى بقوة سياسية، تطالب البنوك من خلالها بدعم برامج الإنتاج الداخلية، وذكر على سبيل المثال أن الكثير من الإمكانيات مازالت غير مستغلة، مثل الأراضي الفلاحية الشاسعة المهملة، والمهندسين الزراعيين البطالين البالغ عددهم 3 آلاف و800 مهندس• وكان "عبد المالك سراي"، قد أشار خلال حصة "ضيف الشهر"، التي تبثها القناة الأولى نهاية كل شهر، إلى أن أزمة الغذاء العالمية ليست حديثة العهد، بل تعود إلى حوالي 15 سنة، إلا أن الأمر أصبح أكثر من خطير، وذلك ما يستدعي تبني إجراءات لدعم الإنتاج الداخلي، والتخلص تدريجيا من استيراد الغذاء، ولاحظ في سياق آخر، أنه حتى الاستيراد لا يتم بطريقة رشيدة، "إذ نجد أن صفقة استراد الحليب مثلا، تلقى من التسهيلات أكثر مما تلقاه صفقة استيراد البقر"، "وهو ما لا يخدم الإنتاج المحلي"• كما دعا إلى ضرورة إعادة النظر في التوزيع والتسويق الداخلي أيضا، قائلا أن الكثير من الثروات تضيع بسبب غياب سياسية تسويق وتوزيع متينة• وعلى صعيد آخر، تحدث السيد "سراي"، عن أنانية الدول الغنية، حيث قال أن الكثير من الدول الغنية أصبحت تلجأ إلى الغذاء كسلاح خطير وآلة ضغط ومساومة لمواجهة ارتفاع أسعار النفط، إذ تلجأ العديد من الدول في الفترات الأخيرة إلى استغلال مساحات فلاحية شاسعة لزراعة المحاصيل والحبوب التي تستخدم لاستخراج الزيوت، الموجهة للاستعمال كمواد بديلة لوقود السيارات مثلا، بحجة الارتفاع المتزايد لأسعار الطاقة في الأسواق الدولية• أما بخصوص قمة الأمن الغذائي والتغيرات المناخية، المرتقب عقدها من الثلاثاء إلى الخميس المقبلين، والتي تستضيفها منظمة الأغذية والزراعة ال"فاو" بروما، بحضور نحو 40 رئيس دولة أو حكومة، قال المتحدث، أن هذا اللقاء سيكون دوره تحسيسي بالدرجة الأولى بخطورة الوضع الدولي، كما سيتضمن نوع من النداءات للمنظمات العالمية ذات الصلة بالموضوع، لتقديم الدعم اللازم للدول الأكثر تضررا من الأزمة، بالإضافة إلى تحسيس الشعوب الأوربية بمدى الخطر الذي يهدد الشعوب الفقيرة، مشيرا إلى أن "هناك اختلاف بين مواقف الشعوب الأوربية التي لا تتصف بالأنانية عكس حكوماتها" و"بالتالي فإننا لا نتوقع أن تحمل القمة حلولا ناجعة للأزمة"•