إن كان الاختلاف صحة، فإن النقد صحة وتصحيح•• والصحافة التي لا تلعب دور السلطة الرابعة، وتفعل دور الرقيب والناقد، هي ليست صحافة ولا فائدة ترجى منها•• وكذلك صفحات الشعر الشعبي•• فإذا أرادت تلك الصفحات أن تكون ذات فائدة وفاعلية، فعليها أولا تفعيل دور الرقابة والنقد والتوجيه والتثقيف بشكل أكبر مما هي عليه الآن•• وأما المجاملات ولعق الأحذية، فتأتي من حيث الأولوية في المرتبة العاشرة، والأفضل لنا ألا تأتي•• لا أحد يدعي الكمال للساحة، ولا يستطيع أحد أن يجزم بأن الساحة الشعرية لا توجد فيها أخطاء وتجاوزات وانحرافات وغير ذلك مما يعد اعوجاجا يستدعي التقويم•• وعليه، لا بد من حركة لتصحيح ذلك أو نسبة منه كأضعف الإيمان، والحركة التصحيحية لا تأتي بالمجاملات أو مراعاة المصالح والمحسوبيات والألقاب•• بل تأتي بالنقد والصراحة والمكاشفة وفضح المستور، إن كان في ذلك صلاحا•• وهذا بالضبط دور الصحافة ودور من يملك القلم النزيه والقلب السليم•• ذاك دور الصحافة تجاهنا، وأما دورنا تجاه الصحافة أو الصفحات الشعرية، فهو أن نشجع فيها ممارسة دور السلطة الرابعة، ونستثمر هذا الدور في تمحيص وغربلة الساحة وإيجاد الثغرات لسدها، والضعف لتقويته، والخبث لاستئصاله• وللأسف، إن الحاصل الآن هو عكس المفروض•• فالنقد في الساحة محظور ومأثوم صباحه، بعكس المجاملات التي تعتبر محمودة ويستحق صاحبها المكافأة، وذلك الواقع يعتبر في صدارة أسباب تراجع مستوى الشعر والشعراء لدينا، فلابد لكي نعيش في أجواء صحية وصحيحة أن نشيع ثقافة النقد، وفي الوقت نفسه نشيع أيضا ثقافة تقبل النقد، فلا نتعامل مع الناقد على أنه عدو وشيطان رجيم، وأنه إذا تحدث فيجب استغشاء الثياب ووضع الأصابع في الآذان•