إن القيود الإسرائيلية على البناء دفعت عددا كبيرا من أهالي القدس، وهي المدينة الفلسطينية الأكبر من حيث عدد السكان (280 ألف نسمة)، إلى الانتقال للعيش في مناطق قريبة من المدينة مثل بيت لحم ورام الله وبعض القرى القريبة. وزاد من قلق أهالي المدينة عرض وزير الجيش الإسرائيلي، إيهود باراك، أول أمس، حلاً سياسيا يقوم على نقل بعض الأحياء المكتظة بالسكان في القدس إلى السلطة لإقامة عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة فيها. وأثار بناء الجدار الذي يعزل أحياء وقرى عدة في القدس قلق أهالي المدينة من تجريد من يعيشون خارج الجدار من حق الاقامة في المدينة، خصوصا بعد اعتراف عدد من المسؤولين الإسرائيليين علنا بأنهم أقاموا الجدار ليكون حدودا سياسية للدولة العبرية مع الأراضي الفلسطينية. وقال رئيس دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية في القدس، خليل التوفكجي، إن الجدار يعزل خلفه نحو 120 ألف من أهالي المدينة، معربا عن قلقه من إقدام إسرائيل على تجريد كل هؤلاء من بطاقاتهم. وبدأ كثيرون من أهالي القدس الذين يعيشون خارجها في العودة للعيش مع عائلاتهم وأقاربهم خشية سلبهم حق الإقامة. وقال مستشار رئيس الوزراء لشؤون القدس، حاتم عبد القادر، إن أهالي القدس بدأوا في توجيه دعوات إلى أبناء عائلاتهم المغتربين للعودة إلى المدينة خلال فترة الإحصاء لتثبيت حقهم. وتشن إسرائيل منذ احتلال المدينة في العام 1967 حملة منظمة لتهجير سكانها واستبدالهم بمستوطنين يهود. وسارت هذه السياسة في اتجاهات عدة، منها تقليص المساحة المخصصة للبناء في القدس إلى 36 في المائة فقط ورفع تكلفة رسوم البناء إلى 30 ألف دولار ومصادرة أملاك الغائبين وتوظيف موارد مالية ضخمة لشراء بيوت في القدس، خصوصا في البلدة القديمة. وحسب التفكجي، فإن عدد المستوطنين اليهود في القدسالشرقية يبلغ اليوم 192 ألف. وزاد من مخاوف أهالي القدس إعلان مسؤولين إسرائيليين عن نية حكومتهم تغيير بطاقات الهوية الإسرائيلية ببطاقات ممغنطة، مشيرين إلى أن من يحصل على هذه البطاقة قد يكون هو فقط من يشمله الإحصاء. وكانت إسرائيل أجرت إحصاء واحدا لأهالي القدس مباشرة عقب احتلال المدينة في العام 1967. وطالبت السلطة الفلسطينية إسرائيل بعدم شمل القدس في الإحصاء، كونها جزء من الأراضي المحتلة. ودعت أهالي القدس القاطنين في الضفة إلى البقاء في المدينة طوال فترة الإحصاء للحفاظ على إقاماتهم.