وتسببت الطبيعة الجغرافية لغرداية، التي تقع في منخفض تحيط به عدة جبال وتصب كلها في واد يعبر المدينة، ويقسمها إلى نصفين، في جعل حجم الكارثة أكبر، حيث أدت الأمطار الطوفانية التي تهاطلت على ولايات الهضاب العليا يومي الثلاثاء والأربعاء الفارطين إلى فيضان استثنائي بلغ تدفقه 900 متر3 في الثانية، وصبت جميع وديان المناطق المجاورة في وادي ميزاب، الذي ارتفع مستواه في بعض المناطق إلى ثمانية أمتار. وقد استدعى الوضع عقد اجتماع وزاري مشترك برئاسة رئيس الحكومة أحمد أويحيى، أول أمس الخميس، وذلك طبقا لتوجيهات رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الذي أمر بمتابعة آثار الكارثة واتخاذ تدابير خاصة لإعادة الأمور إلى نصابها. ومست الفيضانات ثماني بلديات من ولاية غرداية التي لم تشهد مثلها منذ 50 سنة وهي غرداية، بنورة، العطف، ضاية بن ضحوة، بالإضافة إلى بلديات القرارة وبريان ومتليلي وسبسب، حسبما أكده الوالي، نقلا عن وكالة الأنباء الجزائرية. وعرض وزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية، نور الدين يزيد زرهوني، تقريرا مفصلا حول الوضعية بعد أن انتقل الى ولاية غرداية يوم الأربعاء، حيث أنشئت خلية أزمة وطنية لتسيير تبعات الفيضانات التي خلفت 600 عائلة منكوبة، حسب تقديرات نور الدين يزيد زرهوني. وذكر البيان أنه قد تم تسخير إمكانيات مادية وبشرية تطلبت الاستنجاد بعناصر الجيش الوطني الشعبي لتسهيل عمليات الإنقاذ وإسعاف المنكوبين وتسهيل الحركة على السكان وأفراد الحماية المدنية، حيث دعمت ولاية غرداية ب 200 عنصر مجهزين بمختلف العتاد كالزوارق، ليبلغ عدد أعوان الحماية المدنية المخصصين للإنقاذ 700 عنصر، حسبما صرح به أمس المدير العام للحماية المدنية، مصطفى لهبيري، نقلا عن وكالة الأنباء الجزائرية، بالإضافة إلى 18 فريق دعم طبي تم إرسالهم من الولايات المجاورة. وتطلبت وضعية الولاية عقب الكارثة التي أغرقتها في المياه والأوحال الى اعتماد الإسعاف والإنقاذ جوا، وكذا نقل المساعدات من الولايات الأخرى. وفي ذات السياق، ذكر أمس وزير التضامن الوطني والأسرة والجالية الوطنية بالخارج، جمال ولد عباس، على هامش زيارته لمستشفى "مصطفى باشا الجامعي" و"بئر طرارية" أنه قد تم تخصيص غلاف مالي غير محدد السقف للتكفل بضحايا الفيضانات التي اجتاحت ولاية غرداية، كما كشف المتحدث، نقلا عن وكالة الأنباء الجزائرية، عن اجتماع مماثل آخر يعقد اليوم وغدا لمتابعة آخر التطورات في الولاية، وخصصت فرق من مصالح مختلفة لإعادة ربط شبكات جميع الاتصالات الهاتفية للمنقول والثابت والإصلاح التدريجي لشبكات الكهرباء والغاز. ومن المقرر أن تضع الحكومة برنامجا عاما لإعادة الأمور إلى حالها الطبيعي خلال الاجتماعين المقررين بداية الأسبوع الجاري، وتتكفل خلية الأزمة المشكلة من مختلف القطاعات بوزارة الداخلية بالمتابعة وتخصيص المساعدات الغذائية والصحية للسكان وتطبيق كل التدابير المتخذة من طرف الحكومة. وقد بلغ حجم المساعدات التي وصلت الولاية 400 طن من المواد الغذائية، بالإضافة إلى مساعدات أخرى تتمثل في الأغطية والمولدات الكهربائية، محطة لمعالجة وإنتاج المياه الصالحة للشرب. ورغم هذا فقد أدى الوضع الذي خلفته الفيضانات إلى انفجار غضب السكان الذين تجمهروا وسط المدينة، حسبما نقل عن مصادر إعلامية، للمطالبة بالإسراع في التكفل بالمنكوبين وتخصيص وسائل أكبر للبحث عن المفقودين وإنقاذهم ، وقد حاول المحتجون الوصول الى مقر الولاية، غير أنهم منعوا من طرف قوات الأمن.