يرى العديد من مراقبي ومتتبعي سوق التأمينات في البلاد، أن القطاع جانب في نواح كثيرة الأهداف التي سطرها. إذ ورغم تعداد شركات التأمين التي بلغت أكثر من 20 شركة ما بين عمومية وخاصة بمئات الفروع عبر الوطن بما تقدمه من منتوجات والمنافسة الشديدة التي أصبحت سمة السوق، إلا أنها لم تتمكن من التأسيس لثقافة التأمين، وذلك بفضل قصور ومحدودية الحملات التحسيسية والتوعية التي كان من المفروض أن تمنحها الأولوية، حيث لا يقبل المواطن على التأمين إلا عند الضرورة القصوى، حيث ما يزال السواد الأعظم من الجزائريين 80 بالمائة حسب إحصائيات الجمعيات المهنية المتخصصة لا يعون قيمة ما يقدمه قطاع التأمين من تعويضات وامتيازات، وذلك راجع إلى افتقارهم لثقافة التأمين التي لم تصل بعد إلى تفكيرهم وإلى عدة أسباب موضوعية أخرى. وحسب العارفين بالقطاع، فإن السبب الرئيسي وراء عزوف المواطن عن التأمين هو جهله لقوانين التأمين، وخاصة فيما يتعلق بالحقوق التي يخولها له عقد التأمين وكذا عدم وجود ثقة بين المؤمّن والمؤمّن له، فضلا عن أسباب اجتماعية أخرى كون ضعف دخل المواطنين يجعلهم لا يفكرون في تأمين أنفسهم وممتلكاتهم، ولولا قوة القانون التي تجبر المواطن على التأمين ضد بعض الأخطار (تأمين السيارات والكوارث الطبيعية لما وجدنا أحدا يؤمّن ضدها). كما كان للجانب الديني دور في عدم تجذر الثقافة التأمينية في ذهنية المواطنين (مثل التأمين على الحياة) الذين يعتقدون أن الخدمات التأمينية محرمة بالرغم من عدم وجود فتوى صريحة في هذا الشأن. بالمقابل، نجد المواطن في المجتمعات المتقدمة يولي أهمية كبيرة لهذا النوع من التأمين برصد ميزانية سنوية خاصة لها. كما أن نقص المختصين داخل شركات التأمين الذين يضطلعون بدور التوعية في هذا المجال وتقصير الشركات في أداء دورها، خاصة فيما يتعلق بالجانب التحسيسي بمختلف الخدمات التي يقدمها القطاع وتبسيطها وكذا بأهميتها الكبيرة، كلها عوامل ساهمت في عزوف المواطن عن التأمين سوى تلك الملزمة قانونا. وبرأي المختصين، فإن عدم إدراج تخصص التأمين ضمن المقررات الدراسية في المدارس والجامعات، جعل المواطنين يجهلون أهمية التأمين ولا يعون ما يمنحه من خدمات وفوائد على جميع المستويات. وحسب العديد من مسؤولي أجنحة شركات التأمين الذين تحدثنا إليهم مؤخرا خلال معرض الإنتاج الجزائري، فإن ثقافة التأمين في الجزائر مرت بمراحل وحاليا بدأ المواطن يعي نوعا ما ثقافة التأمين والتي لا يدخل ضمنها التأمين على السيارات التي تعد إجبارية، كما كشفوا عن تقصير من قبل الدولة في متابعة تطبيق قوانين التأمين، فالقانون موجود ولكن الأهم هو الحرص على تطبيقه وفرضه على المواطن وكذا تقصير شركات التأمين في توعية وإعلام المواطنين، ويتعين على هؤلاء المساهمة في غرس ثقافة التأمين في الأذهان من خلال الترويج والإشهار بفوائد ومزايا وحوافز التأمينات. وكان رأي أغلب المواطنين الذين تحدثنا إليهم خلال ذات التظاهرة، يتلخص في أن إجراءات التعويض المتبعة حاليا من طرف شركات التأمين جعلتهم لا يؤمنون إلا عند الضرورة.