أكد سيمييه برنار، قاضي تحقيق بمحكمة "ريني" الفرنسية، على ضرورة إيجاد آليات أكثر فعالية وسرعة في تعقب مرتكبي الجرائم المعلوماتية، بالنظر إلى خصوصية هذا النوع من الجرائم التي تتجاوز حدود الدول في وقت قصير جدا، فيما تتطلب التحقيقات في دول أجنبية المرور عبر القنوات الدبلوماسية ووزارة العدل والخارجية قبل التوصل إلى لجان تحقيق تتكفل بالقضايا. وأوضح الخبير أمس، على هامش ملتقى حول الجرائم المعلوماتية بالمدرسة العليا للقضاء، أن الآليات المطلوبة تسمح بوقف المساس بأمن المؤسسات والإدارات والشركات ومنع ارتكاب هذا النوع من الجرائم، الذي يشمل جرائم التحريض والإشادة بالإرهاب، وجرائم التزوير والنصب باستعمال أنظمة الإعلام الآلي، بالإضافة إلى جريمة إدخال جزء عن طريق الغش من منظومة المعالجة الآلية للمعطيات، أو إدخال تعديلات أو حذف أجزاء منها. وأكد المتحدث على ضرورة تسهيل الاتصال والتنسيق بين قضاة الدول الأجنبية، على غرار ما هو معمول به في فضاء" شنغن"، والذي يسمح بالتعامل المباشر بين القضاة في عمليات التحقيق في الجرائم المعلوماتية دون تضييع الوقت في المرور عبر القنوات الدبلوماسية، ولفت بالمقابل الانتباه إلى أن هذا التعاون يرتكز على احترام سيادة الدول وخصوصياتها. وفي السياق ذاته، أشار مدير التكوين بوزارة العدل، محند الحاج رزقي، إلى أن التعاون في هذا المجال بين الجزائر وفرنسا يمكن من استقبال قضاة فرنسيين للتحقيق في الجرائم المعلوماتية في الجزائر إن اقتضى الأمر، والعكس أيضا. وفي سياق آخر، انتقد سيمييه برنار، العراقيل المتعلقة بمعاقبة الرعايا الأجانب المتورطين في ارتكاب جريمة معلوماتية ضد دولة ما، حيث ترفض أغلبية الدول تسليم رعاياها المتابعين في هذا الإطار، فيما يتطلب ردع انتشار الجريمة المعلوماتية ضمان التزامها بمحاكمة مواطنيها الذين ثبت ارتكابهم هذه الجريمة، مشيرا إلى وجود اتفاق ثنائي بين الجزائر وفرنسا لمعالجة هذا الإشكال. من جهته، كشف جورج دوسكال، مسؤول بالإدارة المركزية للشرطة القضائية وديوان مكافحة الجريمة الالكترونية بفرنسا، أن 80 بالمائة من الجرائم المعلوماتية التي عالجتها المصلحة منذ استحداث تشريع خاص في 2004 ارتكبت خارج حدودها، حيث يتميز هذا النوع من الجرائم ببعد الضحية عن المجرم وتخطيها الحدود في وقت قصير، وهو ما يتطلب تشريعات وتدريب احترافي لتعقبها. وفي ذات السياق، خصص الملتقى الذي يدوم إلى اليوم، لتدريب مجموعة من ضباط الشرطة والدرك الوطني والأمن العسكري والقضاة الجزائريين في التعامل باحترافية مع الجريمة المعلوماتية التي تتطلب مهارات وخبرات تقنية عالية لاكتشافها، وتلقينهم وسائل تعقب المجرمين الذين يعتمدون على أنظمة الإعلام الآلي في أفعالهم. كما يطلع القضاة على كل التشريعات والأساليب الدولية المستعملة في مكافحة الجريمة المعلوماتية، منها الاتفاقية الدولية الخاصة بالجرائم الالكترونية، حيث تدعمت الجزائر بعد المصادقة على هذه الاتفاقية بمواد خاصة أدرجت في قانون العقوبات المعدل في 2006، والذي ينص على معاقبة الشخص الذي يدخل تعديلا أو يضيف جزء في منظومة المعالجة الآلية للمعطيات، أو يخرب معطيات مخزنة، أو يجمع أو يوفر أو ينشر معطيات مخزنة، بالإضافة إلى إفشائها، بالسجن من 3 أشهر إلى خمس سنوات وغرامة مالية تتراوح ما بين 50 ألف وتضاعف بخمس مرات. وكشف المتحدث عن أن الحكومة أعدت مشروع قانون جديد لمكافحة الجريمة المعلوماتية سيعرض على المجلس الشعبي الوطني بعد أن عرض على مجلس الوزراء من أجل إدخاله حيز التنفيذ.