أضفت روسيا الطابع الرسمي على انضمام القرم وسيفاستوبول إليها اثر توقيع الرئيس بوتين على معاهدة الضم في حين أكدت كييف على أن الصراع بشان القضية دخل مرحلة عسكرية فيما احتدمت لهجة التهديدات بين روسيا والغرب التي تواصل بعض دوله التأكيد على إمكانية حل الأزمة سلميا. ففيما ترى موسكو أن تصويت سكان القرم يتوافق تماما مع القانون الدولي وبخاصة المادة الأولى من ميثاق الأممالمتحدة يزداد بالمقابل غضب الولاياتالمتحدة وعدد من الدول أكدت رفضها القاطع لما يجري بشبه الجزيرة وتعتبره تهديدا للسلم والأمن الدولي مع احتفاظها رغم ذلك برؤية أن "حل الأزمة دبلوماسيا ما زال ممكنا". وأقرت المحكمة الدستورية الروسية اليوم الأربعاء بدستورية معاهدة انضمام القرم وعاصمتها سيفاستوبول إلى روسيا واعتبرتها متطابقة مع الدستور الروسي. وكان الرئيس فلاديمير بوتين وقع أمس الثلاثاء إلى جانب رئيس برلمان القرم فلاديمير قسطنطينوف ورئيس وزراء القرم سيرغي أكسيونوف وعمدة سيفاستوبول أليكسي تشالي على المعاهدة . وستحال المعاهدة إضافة إلى مشروع قانون دستوري يحدد اسم الكيان الإداري الروسي الجديد ووضعه وحدوده والأحكام الانتقالية إلى مجلس الدوما (البرلمان الروسي) الذي سيعقد جلسة استثنائية بعد غد الجمعة للمصادقة على الوثائق الخاصة بهذا الانضمام. وفي حال مصادقة مجلسي البرلمان الروسي على هاتين الوثيقتين وتوقيع الرئيس عليهما ستعدل المادة ال 65 من الدستور التي تضم قائمة بكيانات روسيا الاتحادية ليضاف إليها اسم الكيان الجديد. وأعلن رئيس وزراء أوكرانيا أرسيني ياتسينيوك أمس أن النزاع بين بلاده وروسيا يدخل مرحلة عسكرية جراء ما وصفه ب"خطأ من جانب روسيا". وفي تطور ميداني بشبه الجزيرة ذكرت تقارير إخبارية أن مئات المتظاهرين الموالين لروسيا احتلوا صباح اليوم بمقر البحرية الأوكرانية في سيباستوبول بالقرم وطالبوا قيادته بالاستسلام وبمغادرة المنطقة. في غضون ذلك أعلنت الحكومة الأوكرانية عن إرسال وزيرها للدفاع بالنيابة ايغور تينيوخ وكذا النائب الأول لرئيس الوزراء فيتالي لاريما إلى القرم من اجل "وضع حد لتصعيد الأزمة ". وجاء رد فعل رئيس وزراء القرم سيرغي اكسينوف سريعا عن هذا الإعلان وأكد أن الوزيرين سيمنعان من الدخول إلى شبه الجزيرة. إلى ذلك أعلنت شرطة القرم في وقت سابق عن مقتل شخصين وإصابة اثنين آخرين برصاص قناص في سيمفيروبول عاصمة جمهورية القرم الليلة الماضية . وأوضحت الشرطة أن أحد القتيلين هو عنصر في كتائب الدفاع الذاتي والثاني عسكري أوكراني أما الجريحان فهما أيضا أحد أفراد قوات الدفاع الذاتي وعسكري أوكراني. وعلى اثر هذا الحادث منحت الحكومة الأوكرانية عناصر الجيش المنتشرين في منطقة القرم الحق في استخدام السلاح للدفاع عن أنفسهم . وعقب إعلان موسكو رسميا بضم شبه الجزيرة الإستراتيجية الواقعة على البحر الأسود إليها أدان الرئيس الأمريكي باراك أوباما والمستشارة الألمانية آنجيلا ميركل في مكالمة هاتفية بينهما هذا التطور وقررا إرسال مراقبين دوليين إلى جنوب وشرق أوكرانيا لكنهما أكدا على أن المسار الدبلوماسي لحل الأزمة لا يزال ممكنا . كما أدان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الخطوة الروسية رافضا الاعتراف بالمعاهدة الروسية لضم القرم وحث الحلفاء الأوروبيين على اتخاذ موقف قوي ضد موسكو. وتدرس باريس وفق ما أعلنه وزير خارجيتها لوران فابيوس تعليق اتفاق بشأن سفن حربية هجومية مع روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية. كما اعتبرت تركيا على لسان وزير الخارجية أحمد داود أوغلو انه لا يمكن القبول بالاستفتاء الذي جرى في القرم وقالت إن "ما يحدث في أوكرانيا يشير إلى أننا أمام ظواهر توضح أن الحرب الباردة لازالت مستمرة". كما لوحت اليابان التي سبق وان فرضت عقوبات على روسيا بفرض أخرى إضافية على خلفية إعلان الأخيرة ضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية إليها. ووجه رئيس الوزراء الياباني شينزو آبيآبي انتقادات كبيرة لما اسماه "انتهاك روسيا لوحدة أوكرانيا وسيادتها ووحدة أراضيها" وتوقع أن ينضم إلى دول مجموعة السبع في لقائها الأسبوع القادم في هولندا لبحث الأزمة الأوكرانية على هامش قمة الأمن النووي. وكانت اليابان أعلنت أمس اتخاذ سلسلة إجراءات عقابية ضد روسيا على خلفية الأزمة المرتبطة بجمهورية القرم تشمل وقف محادثات تسهيل شروط إصدار تأشيرات الدخول بين البلدين. وقبل ساعات من توقيع بوتين على المعاهدة الضم فرضت الولاياتالمتحدة وأوروبا عقوبات على عدد من المسؤولين الروس والقرميين تشمل حظر السفر وتجميد أصول. وبعد التوقيع على المعاهدة ذهبت واشنطن إلى أبعد من ذلك لفرض حظر السفر وتجميد كافة الأصول الأمريكية المسؤولين الروس والأشخاص الذين يرتبطون بعلاقات مالية وثيقة مع 11 شخصا بينهم مستشارو بوتين تقول الولاياتالمتحدة إنهم يتحملون مسؤولية تهديد سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها. أما الصين فقد جددت موقفها الداعي إلى البحث عن حل سياسي من خلال الحوار بين الأطراف المعنية في أسرع وقت ممكن وكذا التحلي بضبط النفس. والى ذلك يرى خبراء صينيون انه "بالنظر إلى الروابط الاقتصادية والسياسية بين الغرب وروسيا فان الغرب لن يلجأ إلى اتخاذ عقوبات أكثر أهمية من التي فرضها باعتبار ذلك سلاح ذو حدين في هذا الصراع مع موسكو" . سياسيا أيضا فان الغرب حسب "وي زينغلوغ" الخبير في الجمعية الصينية للدراسات الدولية "يحتاج إلى التعاون مع روسيا من اجل حل نزاعات دولية هامة " وكذا بحاجة إلى التعاون معها لتسيير عدة ملفات حساسة من بينها الأزمة السورية والملف النووي الإيراني والكوري الشمالي. من جهتها كانت لروسيا ردة فعلها المهددة على هذه العقوبات حيث أكد وزير خارجيتها سيرغي لافروف خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الأمريكي جون كيري إن فرض الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي لعقوبات ضدها "أمر غير مقبول ولن يمر دون عواقب". في الوقت نفسه ندد الرئيس الروسي بسماح الولاياتالمتحدة لنفسها استخدام للقوة ضد الدول السيادية متحدية ميثاق الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي. وقال " إنهم لا يجلبون ديمقراطية وحرية وإنما فوضي وعنف... لقد خدعنا مرارا من جانب الغرب". كما ردت موسكو على الرافضين لما يجري بالقرم بالإعلان عن وقف تعاونها مع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وفي هذا الصدد قالت وزارة الدفاع الروسية اليوم إن "الموقعين على اتفاق منظمة الأمن والتعاون في أوروبا عام 2011 استنفدوا حصصهم لتفقد المنشات العسكرية الروسية وان التفتيش المزمع في الأيام المقبلة سيكون الأخير".