تلتقي هذا السبت، أطراف الثلاثية (الحكومة والنقابة و أرباب العمل) لبحث العديد من المسائل والملفات ذات الصلة بالقطاع الاقتصادي، لا سيما الاستثمار والمؤسسة الاقتصادية، في وقت ستجتمع فيه الأطراف الثلاثة لمناقشة القضايا الاجتماعية شهر سبتمبر المقبل. و يأتي اجتماع الثلاثية تطبيقا لقرارات رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة خلال مجلس الوزراء الأخير المنعقد يوم 2 ماي، والذي اقرّ ب"تعجيل دعوة شركائها الاقتصاديين والاجتماعيين إلى تشاور ثلاثي يعنى خصيصا بإيجاد السبل والوسائل الكفيلة بدعم تطوير المؤسسة وترقية مناخ يكون أكثر ملاءمة للاستثمار وللنشاط الاقتصادي". وبهذا الخصوص، أكد الأمين العام للإتحاد العام للعمال الجزائريين عبد المجيد سيدي السعيد أن هذه الثلاثية ستخرج بإجراءات من شأنها تمكين المواطنين، لا سيما العمال، من الإدراك فعليا أثر رفع أجورهم من خلال وضع حد "للآثار السلبية" للمضاربة بفضل آليات محددة، موضحا انه سيركز مشاركته على أهمية ترقية الإنتاج الوطني. و لخص سيدي سعيد انشغالات المركزية النقابية خلال هذا الاجتماع في ثلاث نقاط، أهمها المبادرة بإنشاء خلايا نقابية على مستوى مؤسسات القطاع الخاص والشركات الأجنبية العاملة بجنوب البلاد نظرا للوضعية الكارثية للعمال بها، ثم الاهتمام من قبل الإطارات النقابة النسوية بالنشاطات المقامة أيضا على مستوى البيوت. و فيما يخص الثلاثية الإجتماعية المرتقب عقدها في سبتمبر القادم، أشار إلى أن الإتحاد العام للعمال الجزائريين قد استكمل الملفات التي ستعرض على هذا الإجتماع بنسبة 60 بالمائة، ذاكرا على سبيل المثال الملفات المتعلقة باليد العاملة الجزائرية في المؤسسات الأجنبية و العمل المؤقت و التمثيل النقابي على مستوى المؤسسات الأجنبية الناشطة في الجزائر. إلى ذلك، قدم سيدي سعيد حصيلة للمفاوضات التي جرت في إطار الثلاثية (حكومة-اتحاد العمال-أرباب العمل) في الفترة الممتدة بين 1990و 2010، والتي تخص بصفة خاصة قضايا تطور الأجر الوطني الأدنى المضمون ومسار المفاوضات في القطاع الاقتصادي والعلاوات والتعويضات في الوظيف العمومي والأجور غير المدفوعة وحصيلة الاجتماعات ذات الطابع الثلاثي والثنائي (حكومة-اتحاد العمال). أما فيما يتعلق بمسار المفاوضات في القطاع الاقتصادي العمومي بين 1991 و2010 ، أشار سيدي سعيد أن 267 اتفاقية جماعية للفروع و 3.036 اتفاقية جماعية للمؤسسات قد تم استكمالها، وفي نفس الفترة أبرمت 28.045 اتفاق خاص بالأجور في القطاعين العام والخاص. أما فيما يخص القوانين الأساسية للوظيف العمومي فقد تم اعتماد 53 قانونا أساسيا بينما توجد 8 قوانين أخرى حيز الدراسة، كما تم اعتماد 24 نظاما للتعويضات ويوجد 21 نظاما آخر في طور الدراسة. من جهتها تعتزم منظمات أرباب العمل، التي دعيت إلى هذا التشاور ثلاثي، تقييم السياسات الاقتصادية المنتهجة إلى حد الآن و الفصل في كل الإجراءات التي من شأنها بعث الاقتصاد الوطني. وفي هذا السياق، أكد رئيس الكونفدرالية الوطنية لأرباب العمل الجزائريين نايت عبد العزيز محمد سعيد أن منظمته تعتزم تقديم مساهمة للثلاثية المقررة يوم 28 ماي تتضمن تقييما للإصلاحات التي تمت مباشرتها في القطاع الاقتصادي و اقتراح إجراءات جديدة لدعم الاستثمار الوطني المدر للثروات و المستحدث لمناصب الشغل، قائلا "نحن بصدد العمل على مذكرة ستعرض على اجتماع الثلاثية المصغر". و أوضح نايت عبد العزيز بهذا الصدد أن الكونفدرالية ستضع على بساط النقاش القاعدة المتعارف عليها ب 49/51 و المتعلقة بالاستثمار الأجنبي و مسألة الاعتماد المستندي المتضمن في قانون المالية التكميلي 2009 كوسيلة وحيدة لدفع الواردات. و هو إجراء يعارضه المتعاملون الاقتصاديون العموميون و الخواص بشدة بسبب التأخر المسجل في عمليات الاستيراد. و من جهته، أوضح رئيس الكنفدرالية العامة للمتعاملين الإقتصاديين حبيب يوسفي أن منظمته ستقدم اقتراحات تصب في اتجاه "العمل المعمق" الذي تنوي الدولة مباشرته في اتجاه المؤسسة الوطنية العمومية والخاصة من اجل دعم التنمية، معتبرا أن الثلاثية تشكل "فرصة سانحة لتقييم السياسات الاقتصادية و لاسيما إجراءات الضبط المتضمنة في قانون المالية التكميلي 2009". في حين تعتبر جمعية النساء الجزائريات رئيسات المؤسسات أن اجتماع الثلاثية المصغر "جاء في وقته" لمناقشة تطبيق إصلاحات معمقة من اجل تشجيع الاستثمار و مرافقة تطوير المؤسسات. و قالت أوزروت يسمينة، رئيسة جمعية النساء الجزائريات رئيسات المؤسسات، "سنستعرض التوجهات الاقتصادية المعتمدة إلى حد الساعة و سنناقش السبل الكفيلة بتمكيننا من توفير الشروط الضرورية لتحرير المبادرات من خلال تحسين محيط المؤسسة". و أبرزت في هذا الصدد أهمية تحديد و وضع إطار تشريعي "متين" يشجع المتعاملين الأجانب على الاستثمار في الجزائر و المؤسسات الوطنية على تحسين تنافسيتها. وبدوره أكد رئيس منتدى رؤساء المؤسسات رضا حمياني أن منظمته، التي استدعي أول مرة للمشاركة في الثلاثية، ستركز اقتراحاتها على استحداث مناصب الشغل و تطوير القطاع الخاص خلال السنوات المقبلة. و بعد أن سجل ضرورة "تفادي توجيه النقاشات نحو الإجراءات المعتادة التي تخص الاستثمار و القطاع المصرفي و الجباية" دعا المؤسسات إلى "مناقشة كل ما هو كفيل ببعث التشغيل". و باعتبار أن ملف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة سوف يتصدر جدول الأعمال، تكون الحكومة بذلك قد استجابت للمطالب التي رفعها رضا حمياني، الذي سبق له وأن رأى ضرورة إشراك الهيئة في هذه اللقاءات لتقديم تصوّراته. أما كنفدرالية الصناعيين و المنتجين الجزائريين فتريد بدورها مشاركة "فعالة" مؤكدة أن الثلاثية تشكل فرصة بالنسبة لأرباب العمل الخواص من اجل تقديم رأيها حول السياسات الاقتصادية الواجب انتهاجها مستقبلا قصد دعم المؤسسة الجزائرية. و أكد رئيس الكونفدرالية امهني عبد العزيز أن "الوقت قد حان للتجند حول المؤسسة و إعادة الاعتبار للحوار و التشاور بين الأطراف للتغلب على العراقيل التي تحول دون انتعاش حقيقي للاقتصاد". وزارة الصناعة و المؤسسات الصغيرة و المتوسطة و ترقية الاستثمار اكدت على لسان وزيرها محمد بن مرادي أن مسألة الاعتماد المستندي ستناقش خلال الثلاثية. و أضاف الوزير أن "منظمات أرباب العمل "ستطرح بقوة هذه المسألة" دون إعطاء تفاصيل حول الموضوع. هذا وسيستفيد قطاع المؤسسات الصغيرة و المتوسطة في الجزائر من برنامج لتأهيل 20 ألف مؤسسة والتي تعتبر من أهم الملفات التي ستطرح للنقاش خلال اجتماع الثلاثية وذلك لأهمية دورها و الذي يتمثل في ترقية المنتوج الوطني بهدف توسيع شبكة الإنتاج و الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن. و في هذا الصدد يقول مراد عريق، مدير دراسات بمديرية المؤسسات الصغيرة و المتوسطة بوزارة الصناعة، انه من بين الشروط الواجبة للمؤسسة أن تستوفي كل المواصفات كسقوف نظام الأعمال و الحصائد السنوية المحددة في القانون التوجيهي . و أضاف أنه على المؤسسة أن يكون عمرها أكثر من سنتين و لها بنية مالية متوازنة أي ليست في طور الإفلاس.