يوارى جثمان عميد الأغنية القبائلية الفنان شريف خدام التراب هذا الجمعة بقرية آيت بو مسعود (تيزي وزو) التي شهدت مولده في الفاتح جانفي من سنة 1927. و كان جثمان الفقيد وصل مساء امس الخميس إلى مطار هواري بومدين الدولي على متن طائرة قادمة من باريس حيث وفته المنية يوم الاثنين الماضي بأحد مستشفياتها. و حضر وصول الجثمان خليدة تومي وزيرة الثقافة و طيب لوح وزير العمل و التشغيل والضمان الاجتماعي و الأمين العام للإتحاد العام للعمال الجزائريين عبد المجيد سيدي السعيد وعائلة الفقيد و جمع من الفنانين ورجال الثقافة. و قد خيم جو من الحزن والتأثر على الحضور بمجرد إنزال الصندوق المغطى بالألوان الوطنية الذي يحمل جثمان الفقيد الذي أبى جمع كبير من الفنانين إلا ان يقاسموا أسرة ألدا شريف فجيعتها في فقدان الزوج و الأب وأيضا مرافقة جثمان الفقيد في رحلة أخيرة إلى منزله و من هناك إلى مسقط رأسه بقرية آيت بو مسعود (تيزي وزو). و كانت آخر رحلة لمايسترو الأغنية القبائلية في مستوى شخصية الرجل حيث رغم مرارة فقدان فنان من هذا المستوى إلا ان الجميع سواء أهله أو الأصدقاء أو المعجبين الذين حضروا بقوة إلى المطار تحلوا بالصبر و عزة النفس وفاء لصورة الفقيد الذي عاش و مات متواضعا. خصال الرجل وأعماله المتألقة كانت اكبر ارث تركه و يكفه فخرا كما أكد الكثير من معارفه ان يتذكر الجميع أعماله و يستشهد بها. في هذا السياق أكدت وزيرة الثقافة "ان هذا الرجل الذي عاش ومات متواضعا الجميع يعرف عظمته لكن الأهم اليوم ان نعمل على الحفاظ على أعماله لتستلهم منها الأجيال الجديدة". و اعتبرا لأمين العام للإتحاد العام للعمال الجزائريين عبد المجيد سيدي السعيد من جهته ان "القيمة الفنية للرجل الذي ساهم في إسماع الأغنية الجزائرية خارج الحدود لا يضاهها سوى حبه للجزائر". و كان الانطباع السائد لدى الفنانين الذين حظروا بقوة من ممثلين و مطربين من المخضرمين يتقدمهم كمال حمادي الذي رافق الجثمان من باريس و بوعلام شكير و جيل الشباب من أمثال ماسي...و الذي قال عن الفقيد " رغم ني لم أتعامل معه فنيا إلا انه يبقى في نظري مدرسة حقيقة يستلهم منها الشباب و يتعلمون الفن الأصيل". و قال كمال حمادي رفيقه في الغربة والفن " أعطى الكثير للموسيقى الجزائرية و كان يتمتع بموهبة ربانية صقلها بدراسة الموسيقى و تعلم "الصولفاج" مع محمد الجاموسي مما مكنه من الاستلهام من الموسيقى الشرقية و هو ما فعله من خلال المزج بين هذه الأخيرة و الموسيقى القبائلية." و أضاف ان المرحوم كان كريما ولم يبخل يوما في إعطاء النصح للغير". و ابرز كمال حمادي الذي رافقه في مشواره الفني لازيد من 50 سنة ان" الانضباط و إتقان العمل هما اكبر ميزة لشريف خدام". و كان المشوار الفني الطويل و الثري للفقيد قد بدأ بأغنية "يليس نثمورثيو" (ابنة بلادي) التي سجلها في نهاية سنة 1940 تلتها نجاحات متتالية0و يعتبر الراحل الذي توفي عن عمر يناهز ال85 إثر من أعمدة الفن الغنائي الجزائري حيث ساهم لسنوات طوال في تطوير الأغنية القبائلية و التعريف بها خارج الجزائر حيث مكنها من ولوج العصرنة دون فقدان أ صالتها. كما سهر الرجل أيضا على تكوين و تشجيع الكثير من الفنانين الشباب الذين اعتلوا فيما بعد مقدمة المنصة في مجال الأغنية القبائلية مثل ايدير.وتناولت أغانيه الكثير المواضيع منها الوطنية حيث غنى عن الجزائر و سحر جمالها و عن الهجرة و هموم الناس كما تغنى أيضا بجمال المرأة الجزائرية. و عرف الفنان أيضا في الوسط الفني بنبله وأخلاقه العالية و حسه الإنساني الكبير الذي جعله يهب جانب كبير من وقته لتعليم و تشجيع الشباب و اكتشاف الكثير من نجوم الأغنية القبائلية خاصة من حصته الإذاعية"فنان الغد ".