اتفق عدد من اساتذة القانون اليوم الأربعاء خلال يوم دراسي حول"التجربة البرلمانية الجزائرية..واقع و آفاق" بمجلس الأمة، أن البرلمان الجزائري عرف تجارب كثيرة منذ الاستقلال وأدى أدوارا مهمة إلا أنها بقيت محدودة وغير كافية نظرا لأن القانون الجزائري لا يسمح له بأكثر من ذلك، ودعوا إلى منحه صلاحيات اكبر خلال التعديل الدستوري المرتقب وتوسيع صلاحيات مجلس الأمة الذي قالوا بشأنه أنه لا حاجة له إن لم تسند إليه مهمة اقتراح وتعديل القوانين . وفي هذا الشأن، اعتبر مسعود شيهوب استاذ القانون العام بجامعة الامير عبد القادر بقسنطينة أن التجربة البرلمانية الجزائرية"مهمة وحققت الكثير انتقالا من نظام الحزب الواحد إلى النظام التعددي"، وقال أن الديمقراطية في اوربا تم بناؤها خلال قرون طويلة في حين أن اللجزائر بدأت التحول نحو الديمقراطية منذ سنة 1989 وهي فترة قصيرة في بناء الديموقراطية.
إشكالية التوازن بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية
وأضاف المتحدث إلى أن ذلك لا يعني بأننا وصلنا إلى ما هو مطلوب وأن البرلمان يلعب دوره كاملا، بل أكد أن الأخير ما زال هدفا لا بد من بلوغه، مشيرا إلى أن الغرفة الثانية من البرلمان وهو مجلس الأمة قد الكثير في حدود ما لديه من صلاحيات في القانون الموجود. وطالب في هذا الصدد، بتعديل القانون لتمكينه من أن يلعب دورا أكبر، ومن بين الاجراءات التي اقترحها المحاضر إمكانية تعديله للقوانين والمبادرة بها. وفيما يتعلق بآلية الاستجواب، قال شيهوب بأنها موجودة على المستوى النظري ويمكن استجواب وزير او الحكومة وإذا لم يقتنع النائب بالجواب تعرض للمناقشة العامة ويقترح ملتمس رقابة الذي يتوج بسحب ثقة، ولكن من الناحية العملية لم يستعمل هذا الإجراء لعدة أسباب ذكر منها هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية، وامتلاكها من الكفاءات ما يجعلها تستطيع أن تقنع النائب الذي تقدم بالسؤال بأنه لا جدوى من المناقشة العامة ومن طرح مسألة الثقة، والاكتفاء بالجواب الذي يكون غالبا مقنعا للنائب -على حد قوله-. وأضاف بان البرلمان فتي وتجربتة جديدة لذلك ما زلنا لم نبلغ ذلك المستوى المطلوب من النواب، ليصبح البرلمان في مستوى السلطة التنفيذية ويقف معها الند للند.وأكد بأنه لا بد من تعميق المفاهيم الديموقراطية وتعميق الممارسة النيابية على مستوى غرفتي البرلمان، واقترح أن يدمج في التعديل الدستوري المقبل دور البرلمان في التشريع وعلاقته بالحكومة والرقابة الدستورية على دستورية القوانين ودور النواب في القيام بالوفاء بالتعهدات التي قطعوها على انفسهم. كما أكد شيهوب، أنه من الظروف في التنعديل ، تمكين مجلس الأمة من حق تعديل القوانين وحق المبادرة بالقوانين، إلى جانب ترك الخيار للحكومة في أن تسجل مشروع القانون أمام مجلس الأمة أو امام المجلس الشعبي الوطني وتحرير في حالة الخلاف اللجنة المختلطة التي تفصل في الخلاف بين المجلسين من قيد أنها لا تجتمع ولا تستدعى إلا من قبل الوزير الأول ليصبح بالإمكان إستدعاؤها من قبل رئيس أحد غرفتي البرلمان. وإلى جانب ذلك، قال شيهوب إنه من الضروري خلق الإطار القانوني وتوفير الوسائل الكفيلة للنواب للعب دورهم خاصة فيما يتعلق بالمبادرة بالقوانين التي تعد ضعيفة جدا بالمقارنة مع المشاريع التي تقدمها الحكومة.
لا بد من فتح أكبر لحرية المبادرة والمعارضة
ومن جانبه أكد الدكتور محمد بوسلطان، أن منطق الفصل بين السلطات قد تجاوزه بل أصبحت لحمة بين الحكومة والأغلبية في البرلمان وتبقى الأقلية تقوم بدورها للازم، في حين أن ذلك غير موجود لدينا في الجزائر وذلك راجع اختلاف في مركز السلطة والذي يؤدي إلى تقليص ومحدودية الدور الذي يلعبه البرلمان بغرفتيه. وأرجع بوسلطان الوضعية التي يعيشها البرلمان الجزائري إلى الظروف التي عاشتها الجزائر والذي أدى إلى وجود انسداد بسبب نوعية النظام الذي كان صالحا لحقبة معينة لمواجهة التهديدات التي كانت تترصد بالجزائر، وقال إن الانقاص من شأن السلطة التشريعية أمر تطلبته الظروف المختلفة التي مرت بها الدولة الجزائرية، لكن الوقت قد حان لخلق بعض التوازنات داخل المؤسسات الدستورية وفيما بينها الوسيلة الأمثل لتمثيل سيادة الشعب على أحسن وجه مع الأخذ بعين الاعتبار في أي تعديل دستوري مقبل ضمان سيادة البرلمان. ويرى محمد بوسلطان، أنه من الواجب في التعديل الدستوري المقبل الذهاب إلى نسبة كافية من الديموقراطية للتحول السلمي الذي تحتاج إليه الجزائر في هذا الفترة، وفيما يتعلق بعدم فعالية البرلمان بالصفة اللازمة في اقتراح القوانين، قال بوسلطاني إن الخلل هو في كون النظام الحالي لا يترك حرية المبادرة، لذلك يجب فتح المجال -كما أضاف- للمعارضة التي هي التي تشكل "الملح" لهذه العملية السياسية. وقال إنه من الضروري العمل على تفعيل دور البرلمانين لتنشيط عملية سن القوانين وذلك من خلال توفير الإطار القانوني لتسهيل عملهم واقترح توفير مساعد قانوني لكل برلماني لمرافقته في مهامه.
إعادة النظر في موضوع الرقابة البرلمانية
ومن جتها، أكدت الأستاذة فتيحة بن عبو أنه لا بد من مراجعة موضوع الرقابة البرلمانية على عمل الحكومة مؤكدة أنه يستحيل على الوزير الأول الذي يملك مخطط عمل أن يكون مسؤولا ويعاقب على برنامج رئيس الجمهورية صاحب البرنامج. وطالبت برفع اللبس الموجود في الدستور الجزائري وتكون المسؤولية موجودة أينما كانت السلطة. وفي هذا الصدد قالت بن عبو، انه لرفع هذا اللبس يجب إما إعادة كل الصلاحيات للوزير الأول ليكون له برنامجه الخاص ويعاقب عليه، أو الابتعاد عن ثنائية السلطة التنفيذية حتى لا يكون شخص مسؤول عن عمل غيره على حد تعبيرها. وأضافت ان البرلمان الجزائري يؤدي دوره على حد ما يسمح له القانون، و إنما المشكل مطروح على مستوى الدستور الجزاري.