انتقلت الحكومة إلى السرعة القصوى في تطبيق سياساتها الجديدة لتنويع الصادرات ومواجهة شبح اقتصاد النفط، الذي أثر عدم استقراره سلبا على المسار التنموي للبلاد في السنوات الأخيرة، وهنا تم مؤخرا إطلاق العديد من العمليات لتصدير منتجات جزائرية متنوعة على رأسها الاسمنت، كما شرعت الحكومة في مفاوضات مع عدة عواصم أوروبية وافريقية لتصدير الكهرباء ومنتجات محلية أخرى تشهد فائضا على مستوى البلاد، كما سبق أن أقرت امتيازات جديدة لمصدري المنتجات الفلاحية. وتعد سياسات تنويع الصادرات أهم التحديات التي باشرتها الحكومة مؤخرا بشكل فعلي لمواجهة اقتصاد النفط، الذي بات تتأثر أسعاره وصادراته بالتطورات في أسواق النفط الخارجية، الشيء الذي أثر سلبا على المسار التنموي للبلاد في السنوات الأخيرة، إدراكا منها ان الانتعاش الاقتصادي لا يتحقق إلا من خلال توسيع شبكة مصادر الإيرادات العامة والتنويع في الصادرات خارج قطاع المحروقات. ووضعت الجزائر مطلع 2018 استراتيجية جديدة تهدف إلى تنويع صادراتها المعتمدة بأكثر من 93 % على المحروقات، في وقت بقيت صادراتها خارج قطاع النفط الأضعف منذ أكثر من نصف قرن، والتي لا تتعدى 1.6 مليار دولار، أي ما يمثل تقريباً 7 % من إجمالي صادرات الجزائر. وتسعى الجزائر إلى خفض فاتورة وارداتها التي وصلت إلى 41.371 مليار دولار في الأشهر العشرة الأولى من 2018، من خلال الاعتماد على الإنتاج المحلي خاصة في قطاعي الفلاحة وصناعة الأدوية، التي تقارب وارداتها نصف قيمة الواردات الإجمالية لبلادنا. وكشف وزير التجارة، سعيد جلاب، في تصريحات صحفية، عن إطلاق الحكومة خارطة طريق وطنية لزيادة الصادرات، بمشاركة القطاعين العمومي والخاص. وترتكز خارطة الطريق الجديدة على 3 شركات عمومية تعمل على مرافقة المتعاملين الاقتصاديين الراغبين في التصدير، كما قال جلاب، وهي الوكالة الجزائرية لترقية الصادرات ألجاكس ، التي تحدد دورها في مراقبة الأسواق الخارجية، وإطلاع المصدرين على جميع المستجدات والفرص المتاحة التي توفرها الجزائر، إضافة إلى الشركة الجزائرية للمعارض والتصدير صفاكس ، والتي سيتعدى دورها من تنظيم المعارض إلى التكفل بالمرافقة اللوجيستية، أما الجهة الثالثة فهي الهيئة الجزائرية للاعتماد ألجيراك ، وهي الشركة التي ستتكفل بمراقبة جودة ونوعية منتجات الشركات الجزائرية الحكومية والخاصة، وتسليم شهادات المطابقة. الإسمنت الجزائري يغزو إفريقيا وبعدما تحركت الحكومة في هذا الجانب وأقرت امتيازات مالية للمصدرين خارج قطاع المحروقات، شرع المستثمرون في ولوج هذا المجال الخصب. وفي السياق، أكد عز الدين اسفيران، مسؤول الاتصال والشراكة بالمجمع الصناعي لاسمنت الجزائر جيكا ، أن المجمع يسعى للحصول على شهادة المطابقة الدولية لمادة الاسمنت البترولي الذي أنتجته وحدة عين الكبيرة، والذي استعمل في عدد من المشاريع البترولية بالجزائر وأعطى نتائج جيدة، ليشرع في تسويقه محليا ودوليا، وهو ما سيوفر تكاليف استيراد المادة ويفتح آفاقا جديدة لتصديرها ابتداء من الجزائر. وبالحديث عن النوعية المقدمة في مجمع جيكا ، أوضح اسفيران أن أهم دليل على احترام مقاييس الجودة في إنتاج الاسمنت بمجمع جيكا هو تسويق منتجات هذا الأخير خارج الجزائر بكل سهولة وأريحية، بالإضافة إلى تحصل فرع المجمع بعين كبيرة على جائز الجودة، ونحن نعمل من أجل أن نرفع من جودة منتجاتنا للظفر بفرص تسويقها في أوروبا . وأفاد في تصريح إذاعي أمس، بأن مجمع جيكا يحصي 23 فرعا من بينها 14 مصنعا للاسمنت، 12 منهم في حيز الإنتاج، وينتظر دخول المشروعين الجديدين حيز الخدمة خلال العام الجاري في كل من سيقوس بطاقة إنتاج تقارب مليوني طن، ومصنع ثاني ببشار بطاقة إنتاجية تناهز المليون طن، بالإضافة إلى 3 فروع للخرسانة والحصى، وكذا مركز تكوين في صناعة الاسمنت لفائدة إطارات المجمع وإطارات عاملة في القطاع مركز الخدمات والدراسات التكنولوجية الموجود في بومرداس، والذي يقوم مخبره بدراسات جيولوجية أو توبوغرافية أو في مخططات المناجم وكذا شركتين لصيانة أعطاب وحدات المجمع. ومؤخرا، أطلق وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، نور الدين بدوي، ثاني عملية تصدير المنتجات الجزائرية نحو افريقيا، حيث توجهت 150 شاحنة محملة بالإسمنت من ولاية تمنراست نحو النيجر. وبغية بعث ديناميكية التصدير التي انطلقت بجدية وعزم نهاية السنة الماضية، ستخوض الجزائر معركة تصدير منتجاتها المصنعة محليا نحو إفريقيا، خصوصا بعد افتتاح خطوط نقل تجارية مع البلدان المجاورة. بوابة لتصدير الكهرباء من جهة اخرى، شرعت الجزائر في مفاوضات رسمية مع إسبانيا لتصدير الكهرباء إلى شبه الجزيرة الإيبيرية، الواقعة في الجزء الجنوبي الغربي من قارة أوروبا والتي تتكون من إسبانيا والبرتغال وأندورا ومنطقة جبل طارق. وكشف وزير الطاقة، مصطفى ڤيطوني، أن الشركة الجزائرية لتوزيع الكهرباء والغاز الحكومية، ستدخل بورصة (الكهرباء) بإسبانيا، مشيرًا إلى القول إن بلادنا بصدد إجراء محادثات مع هذا البلد الأوروبي، لاسيما من أجل تسوية مسائل الرسوم. وأبرز الوزير، أنه حان الوقت لمجمع سونلغاز لتوزيع الكهرباء والغاز لتطوير نشاطاته في مجال التصدير مثله مثل المجمع الطاقوي للمحروقات سوناطراك، الذي دخل في عدة شراكات دولية للإستثمار في الخارج بهدف تنشيط استثماراته والتوقف عن الاعتماد على الدولة الجزائرية. وتابع قوله: أصبح من غير الممكن السماح بترك 5000 إلى 7000 ميغاواط غير مستغلة، لأن ذلك يكلف كثيرًا، وبالتالي يجب طرحها في الأسواق لاسيما الأوروبية والتونسية والليبية ولما لا بلدان أخرى . وذكر ڤيطوني أن الجزائر لا يمكنها الانتظار لفترات ذروة الاستهلاك من أجل وضع 20000 ميغاواط في نفس الوقت، في حين تبقى تلك الطاقات الوطنية غير مستغلة لمدة عشرة أشهر تقريبًا. وأعلنت الحكومة الجزائرية قبل نحو عام، عن التحضير لتصدير الكهرباء نحو قارة إفريقيا عن طريق أضخم مشروع لإنتاجها انطلاقًا من ليبيا، حيث يجري حاليًا إنجاز وتدعيم شبكات النقل. كما شرعت في مفاوضات مع الليبيين لإنجاز محطة إنتاج الكهرباء بليبيا، ومن ثم تصديره إلى دول أفريقيا، حيث تصل طاقة إنتاج المحطة ل2100 ميغاوات، وهو ما يؤهل الجزائر لتصبح بوابة لتصدير الكهرباء نحو باقي الدول الأفريقية. وتصدر الجزائر اليوم ما يزيد عن 300 ميغاوات من الكهرباء إلى تونس، وأزيد من 100 ميغاوات إلى المغرب، حيث تحصل من خلال هذا التصدير على عائدات مالية هامة.