أكد مبعوث الأممالمتحدة في ليبيا، غسان سلامة، أن المعارك التي تشهدها طرابلس فجرت الوحدة الهشة للموقف الدولي حول هذا البلد، مضيفا أن جهوده كلها تنصب الان على محاولة رأب الصدع في هذه الوحدة الأممية التي تأثرت بصورة كثيفة منذ شهرين. ومن أوضح ما صرح به ذات المصدر، قوله بان الصراع في ليبيا يتمحور حول ثرواتها وأن أي حل لهذا الصراع يجب أن يتضمن توزيعا عادلا للثروات. هذا ما جاء في مقابلة أجراها سلامة مع برنامج قصارى القول المذاع على قناة روسيا اليوم ، والتي قال فيها أنه بعد شهرين من الاقتتال والمأزق العسكري على الأرض، آن الآوان لكي يغلب التعقل ولكي تجتمع الدول الكبرى حول موقف واحد يعبر عنه في قرار يوجه رسالة قوية لليبيين بأن الخيار الحقيقي في بلدهم ليس بين النصر السريع وبين الاقتتال، بل الخيار الحقيقي هو بين حرب طويلة المدى مكلفة وبين وقف القتال والعودة إلى طاولة المفاوضات. وفي رده عن سؤال بخصوص تشكيك الليبيين في المنظمة الدولية ودورها بعد إطلاق اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، هجومه العسكري على طرابلس في وجود الأمين العام للأمم المتحدة في العاصمة الليبية، قال سلامة: اعتقد أن هناك جهلا بالتركيبة المعقدة للأمم المتحدة فهي ليست دولة، بل فيها الجمعية العامة تمثل 193 دولة في العالم وأيضا مجلس الأمن تتمثل فيه بصورة أساسية الدول الكبرى، وفيها الأمانة العامة التي هي الأداة الفعلية لكل من الجمعية العامة ومجلس الأمن . واستطرد يقول بخصوص نفس المسألة، أن المنظمة الدولية هي نقطة لقاء بين الدول مع الوقائع على الأرض وان إرادة الدول أحيانا تكون موحدة ويسهل آنذاك تنفيذ قرار مجلس الأمن، مشيرا إلى الحالة السورية التي تسبب الانقسام الدولي حيالها منذ سبع سنوات في عدم اتفاق مجلس الأمن بشأنها. وذكر سلامة، أن الأممالمتحدة وخصوصا مجلس الأمن عندما تكون مجرد صدى للنزاعات الداخلية تفقد أي مصداقية ومن أجل الحفاظ على هذه الاخيرة وللحفاظ على مبدأ الأمن الجماعي والدور الإيجابي للأمم المتحدة في الأمن والاستقرار، على الموقف الدولي أن يعود إلى دورالمعالج لهذه الأزمات. من جانب أخر، اعتبر مبعوث الأممالمتحدة أن ليبيا اليوم هي ضحية تدخل خارجي كبير، وأن الأممالمتحدة على علم بذلك، موضحا بالقول أنه ليس هناك من حرب داخلية واحدة في العالم لا تتميز بالتدخل الخارجي، وعندما يكون البلد نفطيا ولديه وموارد أخرى من الغاز والذهب والبلاتين وعندما يكون موقعه في قلب البحر المتوسط، فإن التدخل الخارجي سيكون أقوى وأشرس، في إشارته إلى ما يجري في ليبيا حاليا. وأضاف أن التدخلات الخارجية تغذي كافة النزاعات في الدول العربية وليبيا واحدة من هذه الدول التي أصبحت ضحية للتدخل الخارجي من خلال قيام دول بدعم أطراف ليبية على حساب أخرى في السر والعلن، مبينا أن هذا الأمر يتمثل في إرسال هذه الدول للأسلحة في ممارسة تخرق الحظر الأممي المفروض على توريد السلاح، ليقف مجلس الأمن الدولي عاجزا عن التصدي لهذا الخرق. وعن تقييمه للدور الروسي في ليبيا، قال سلامة إنه جاء إلى موسكو للتركيز على دور روسيا في مجلس الأمن والتأكيد على مسؤوليتها في دفع مجلس الأمن الدولي لكي يقول كلمته في الشأن الليبي لأن التوصل إلى وقف الاقتتال والأذى اللاحق بالمدنيين، وكل هذه الأمور لن يتم بدون موقف دولي واضح. للتذكير، كان نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، قد أكد أمس الخميس أن بلاده تبحث سبل وقف إطلاق النار في ليبيا مع كافة الأطراف المعنية. وقال بوغدانوف، على هامش منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي: لدينا اتصالات مع كافة الأطراف وقد جرت محادثات بين وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، والمبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا، تم خلالها بحث هذه المسائل، ونحن على اتصال مستمر مع الجميع في الشرق والغرب والجنوب في ليبيا . المجلس الرئاسي الليبي يدين صمت المجتمع الدولي من جهته، أدان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق في ليبيا صمت المجتمع الدولي، تجاه ما وصفه بجرائم استهداف المنشآت المدنية في طرابلس. وأوضح المجلس الرئاسي، في بيان نشره عبر صفحته الرسمية على (الفيسبوك): ندين صمت المجتمع الدولي تجاه استهداف القوات المعتدية على العاصمة والمنشآت المدنية والذي أصبح مباشرا وممنهجا، وكان آخره قصف مستشفيين ميدانيين في السواني وعين زارة متسببا في إصابة أطباء ومسعفين، كما طال القصف الجوي مطار معيتيقة الدولي مرتين خلال 24 ساعة . وأشار المجلس الرئاسي، إلى أن الجهات المختصة تقوم برصد وتوثيق هذه الجرائم والانتهاكات لقواعد القانون الدولي الإنساني. كما أدانت منظمة الصحة العالمية القصف الذي طال المستشفى الميداني في السواني، وكذلك المستشفى الميداني في عين زارة والذي تسبب في سقوط ضحايا. وكان رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، فايز السراج، قد حمل حفتر مسؤولية عودة الجماعات الإرهابية إلى ليبيا، بعدما تم القضاء عليها، وذلك في أعقاب الهجوم الذي تقوده قوات حفتر للاستيلاء على العاصمة طرابلس، والذي خلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار شكلت مناخا مناسبا لعودة التهديد الإرهابي للبلاد. وكانت قوات حفتر قد بدأت في الرابع من أفريل الماضي شن هجوم عسكري على العاصمة الليبية طرابلس مقر حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا، وتسببت المعارك في سقوط أكثر من 600 قتيل وأكثر من 3 آلاف جريح، مع نزوح أكثر من 75 ألف مدني من مواقع الاشتباكات، بحسب الأممالمتحدة. وتعاني ليبيا من فوضى أمنية وصراع على السلطة في ظل انتشار السلاح، منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي العام 2011.