عمدت الحكومة لإتباع سياسية جديدة لاستكمال مشروع المخطط الخماسي 2010-2014 الخاص بالسكن، حيث تعتمد الخطة المتبعة من طرف وزير السكن عبد المجيد تبون على الاستنجاد بالشريك الأجنبي الأوروبي والأمريكي والياباني منه، لاستكمال انجاز 2 مليون وحدة سكنية جراء عدم قدرة الشركات الوطنية وحتى الصينية على مواكبة هذا الكم الهائل من السكنات التي تضمنها المخطط، في حين يقترب آجالها في أفق 2014، ويرى المحللون الاقتصاديون أن هذا التوجه الجديد سيكون كفيلا بإنجاز ما عجزت عنه الشركات الوطنية والصينية للقضاء على معضلة السكن. استنجاد بالشركات الأجنبية
اعتبر الخبير الاقتصاد الاقتصادي الدولي، عبد المالك سراي، توجه الحكومة الجديد إلى الشريك الأجنبي من اجل استكمال انجاز 2 مليون وحدة سكنية جراء فشل الشركات الوطنية العمومية والخاصة مواكبة النظرية الرسمية المتمثلة في المخطط الخماسي الذي جاء به رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بمبلغ مالي ضخم للقضاء على أزمة السكن قبل حلول 2014. وأشار المتحدث إلى أن إبرام مثل هذه الصفاقات الاقتصادية مع مختلف الشركات العالمية المختصة في البناء، على غرار البرتغالية والأمريكية والاسبانية واليابانية، سيكون الحل المناسب الذي يمكّن من تحقيق أهداف المخطط الخماسي في شقه الخاص ببناء 2 مليون وحدة سكنية على المستوى الوطني. وأوضح الخبير الاقتصادي خلال اتصال ل«السياسي»، أن لجوء الحكومة إلى الشركات الأجنبية جاء على خلفية الضعف الذي شهدته الشركات والمؤسسات الوطنية العمومية منها والخاصة حيث أن اللجنة الوطنية المخصصة في ذات المجال أكدت انه ما نسبته 48 بالمائة من هذه المؤسسات «نائمة»، أي أنها وحدات صناعية ضعيفة الأداء على المستوى الميداني، في حين أن الإحصائيات الأخيرة، يؤكد الخبير الاقتصادي، أن 99 بالمائة من المؤسسات الخاصة النشطة في مجال البناء هي مؤسسات ضعيفة الأداء على المستوى الميداني، وبالتالي، يضيف سراي، فإن هذه المؤسسات لا تستطيع مواكبة ضخامة المخطط الخماسي الذي اقره رئيس الجمهورية بين 2010 إلى غاية 2014. وحول ما إذا استطاعت هذه الشركات الأجنبية الجديدة التي أبرمت معها مختلف الصفاقات التجارية من اجل مباشرة تجسيد مشاريعها السكنية في الآجال المحدّدة، أوضح سراي أن مدة الانجاز ستكون كافية لهذه الشركات من اجل التوصل إلى الأهداف التي سطرها المخطط الخماسي في مجال البناء، كم أنها مطالبة بالعمل وفق المقاييس والمعايير المحلية التي تحدّدها الجزائر في عملية البناء والطابع العمراني.
عملية تكوين جديدة لفائدة المؤسسات الوطنية
وأشار عبد المالك سراي، عضو اللجنة الوطنية الصناعية، إلى ان هذه الوحدات الصناعية الخاصة بالبناء على المستوى الوطني، سيتم إدخالها في برامج تعليمية وتكوينية من اجل رفع مستوى أدائها على المستوى الميداني، كما سيتم في هذا الإطار، إعادة النظر في مختلف قوانين الاقتصاد الوطني المتعلقة بالبناء من اجل إعطاء فرصة سانحة لهذه المؤسسات بتحسين أدائها على المستوى الميداني، موضحا أن عجز الشركات الوطنية العمومية منها والخاصة عن انجاز 2 مليون سكن فرض على الدولة الاستنجاد بالخبرة الأجنبية من اجل الرفع من وتيرة الانجاز من خلال السرعة والنوعية.
السكنات الجديدة ستكون باهضة الثمن على المواطن محدود الدخل
وكشف المتحدث في ذات السياق، أن السكن الجديد الذي سيتم انجازه بأيادي شركات أجنبية ستكون أسعاره مرتفعة جدا حيث ان المواطن البسيط لا يستطيع ان يتحصل عليه بإمكانياته المالية المحدودة حيث ستتراوح نسبة الارتفاع ما بين 30 إلى 40 بالمائة من الأسعار المتواجدة حاليا في الأسواق، فيما اعتبر المتحدث ان الوزارة الوصية عمدت إلى دعوة البنوك من اجل تقديم قروض لتخفيف عبئ هذا الارتفاع الكبير للسكنات التي ستبنى بواسطة خبرة أجنبية في المستقبل القريب. وعن مستوى السكنات التي سيتم انجازها، أكد المتحدث ان الخطة الجديدة للحكومة قررت التوجه لمستويات عالية ومقاييس عالمية مع الحفاظ على الطابع المحلي للعمران في بناء هذه السكنات، من حيث نوعية مواد البناء المستعملة إضافة إلى تخصيص مختلف الفضاءات اللازمة لتجسيدها مع البنايات الجديدة على غرار المساحات الخضراء والملاعب الجوارية والعديد من الفضاءات التي تهم المواطن.
مبالغ مالية ضخمة للشركات الوطنية لتعزيز قدراتها في البناء قريبا
وأشار في نفس السياق إلى أن هناك تسهيلات قانونية جديدة بالنسبة للشركات والمؤسسات الوطنية المختصة في البناء من اجل تطوير أدائها في الميدان، مؤكدا أن العديد من المناقشات التي تتم على مستوى اللجنة الوطنية المختصة في ذات المجال تتم بكل شفافية وحرية لإعطاء فرصة جديدة لهذه الشركات من اجل التطور والنمو في الميدان بمقاييس عالمية من خلال عملية التكوين التي سيتم مباشرتها من طرف السلطات المعنية من اجل رفع أداء المؤسسات الوطنية. وأضاف أن هناك مبالغ مالية ضخمة تخصصها الحكومة الجزائرية من اجل تعزيز قدرات الشركات الوطنية العمومية والخاصة منها في البناء، ومواكبة التطورات الخاصة في هذا القطاع على المستوى العالمي سواء في المواد المستعملة في البناء أو في طريقة البناء من اجل رفع كفاءتها المهنية أمام المنافسة الشرسة للشركات الأجنبية التي تتوافد على الجزائر من اجل الاستفادة من مشاريع سكنية لانجازها.