تزايدت حالات اختطاف الأطفال في الجزائر خصوصا سنة 2012 وبداية السنة الحالية وهذا ما أدى إلى إزياد مخاوف الآباء على أطفالهم ورغم تطمينات الشرطة على أن هؤلاء الخاطفين يمثلون حالات منعزلة ولا توجد أي عصابات تنشط في هذا المجال إلاّ أنّ مخاوف الآباء زادت وأصبحوا يحرمون أطفالهم من الخروج للعب بجوار البيت بالإضافة الى مرافقتهم الى المدارس على أساس أنّ أغلب الإختطافات حصلت في محيط المدرسة وأمام بيوتهم، ولكن مع دخول فصل الصيف والعطلة الصيفية، كيف سيتمكن الآباء من حرص أطفالهم في أماكن الترفيه خاصة وأنه من حقهم الإستمتاع بوقتهم وقضاء عطلة ممتعة؟ خوف الأطفال سببه حرص الآباء بالرغم من أنّ خوف الآباء على أولادهم أمر مشروع فهم فلذات أكبادهم الذين لم يستطيعوا الإستغناء عنهم أو أن تخطر ببالهم فكرة تعرضهم للخطف أو حتى موتهم وهو ما جعلهم يشددون على أطفالهم حرصا منهم على سلامتهم إلا أن للأطفال حق في اللعب والتمتع بطفولتهم وهذا ما أكدته لنا «م.ف» ربة بيت وأم لطفل في الخامسة من العمر حيث قالت أن حالات الاختطاف التي إنتشرت أسكنت الرعب في قلوب كل الأولياء، مضيفة أنها أصبحت تخاف على طفلها ولا تتركه يرى الشارع مطلقا ولكن مع دخول فصل الصيف وإشتداد درجات الحرارة خصوصا في المنزل فإنّ الولد أصبح يصر على الخروج للعب مع رفاقه من أبناء الحي ما جعلها تتركه أحيانا ولكن تبقى قلقة عليه وتراقبه بين الحين والآخر وأخيرًا أضافت ذات المتحدثة أن العطلة بدأت وهم متعودون على الذهاب الى الشاطئ أو الحدائق ولكنها هذه المرة أبدت تخوفها من الموضوع لأنها لن تستطيع أن تترك له الحرية الكاملة للعب وإنما يجب أن تراقبه جيدًا. ولكن الشيء المقلق أكثر هو أن معظم الآباء قد نقلوا خوفهم وحرصهم الشديد الى أولادهم حيث نجد أن أغلب الأطفال صاروا متخوفين من الخروج للشارع وهو ما حصل مع م.س حيث أشار الى أن إبنه ياسين أصبح يهاب الخروج للشارع وهذا ليس لحرصنا عليه فقط وإنما لمشاهدته للتلفاز ومعرفته لما يجري من إختطاف للأطفال وقتلهم، مضيفا أنه في أحد الأيام أراد أن يأخذه الى الملاهي لكنه رفض وقال له أخاف أن يتم إختطافي ورغم إصرار والده إلاّ أنه رفض الذهاب معه وأشار ذات المتحدث إلى أنه متخوف من الوضع الذي آل إليه إبنه، وخصوصا مع دخول العطلة الصيفية فهم متعودون على الذهاب للترفيه عن أنفسهم في أماكن عدة وهو خائف من أن يرفض إبنه الذهاب معهم، مشيرًا إلى أنه يفكر في عرضه على أخصائي نفسي حتى يخرجه من هذه الحالة بداية العطلة الصيفية قد تنسي الأطفال مخاوفهم ولمعرفة مدى تأثير ظاهرة الاختطاف على الأولياء توجهنا الى حديقة التجارب بالحامة في عطلة نهاية الأسبوع أين وجدنا العديد من العائلات رفقة أولادهم ومنهم رشيدة التي كانت مع أبنائها الثلاثة حيث قالت بأنها أتت بهم الى الحديقة حتى ترفه عنهم وبإعتبار أنهم قد أنهوا دراستهم فهذه فرصة حتى ينسوا قليلا تعب السنة الدراسية، وعند سؤالنا عن سلسلة الإختطافات التي حدثت خصوصا لأطفال دون سن 15سنة، أكدت بأن هذه الظاهرة أثرت فيها كثيرا ما جعلها تصطحب أطفالها الى المدرسة كل يوم وعند خروجهم يجدونها بإنتظارهم، بالإضافة الى أنّ أولادها أيضا كانت لهم نفس المخاوف لكن تضيف ذات المتحدثة أنه مع بداية العطلة أصبحت هي وزوجها يصطحبون أبناءهم الى الحدائق والملاهي وغيرها من أماكن الترفيه، حيث لاحظوا أن أبناءهم نسوا تلك المخاوف وأصبحوا يستمتعون بوقتهم أكثر، وفي الأخير أشارت رشيدة الى أنها لا تترك عينيها تغيبان لحظة عنهم فهذا الحل الوحيد لحمايتهم ولكنها لا تظهر لهم ذلك حتى لا تخيفهم، الطفلة ياسمين لن يستطيع أحد إختطافي لأنني رفقة والدي، أما الطفلة ياسمين التي كانت في حديقة التجارب رفقة والديها وأخوها الصغير وجدناها تلعب وتركض والفرح يملأ وجهها وعندما تحدثنا معها عن ظاهرة الاختطاف ومدى خوفها من الموضوع قالت بأنها خافت كثيرا من أن يتم سرقتها وقتلها كما حدث مع الأطفال الآخرين بالإضافة الى أنها كانت تهرب من الأشخاص الذين ينادونها لغرض إرسالها لشراء شيء ما وهذا لأنّ والدتها حذرتها من التحدث مع الغرباء أو الوثوق بأي كان رجلا أو إمرأة ولكن الآن أضافت الطفلة ياسمين بأنها لم تعد تخاف كثيرًا لأن والديها يسمحان لها باللعب أمام البيت مع صديقاتها وقد أبدت لنا تشوقها لبداية العطلة الصيفية كي تذهب للملاهي وحديقة الحيوانات وأكثر شيء تحبه هو الذهاب للشاطئ وفي الأخير قالت ياسمين بأنه لن يتم إختطافها لأنها رفقة أبيها وأمها اللذان يحبانها كثيرا ولن يسمحا لأي أحد بسرقتها. نفساني: «تحذيرات الآباء تجعل تحركات الطفل مقيدة يملؤها الرعب» ولمعرفة مدى تأثير ظاهرة الاختطاف على الآباء والخوف الذي نقلوه إلى أطفالهم تقربنا من الأستاذ بوطاف علي أستاذ مختص في علم النفس بجامعة بوزريعة الذي أكد أن تحذيرات الآباء تجعل تحركات الطفل مقيدة يملؤها الشك والرعب وهذا مايؤثر على مختلف نشاطاته ووصف المختص ظاهرة الاختطاف على أنها ظاهرة إجرامية خطيرة تترك آثارا نفسية على الفرد المتعرض للاختطاف فهي إجتماعية وسياسية وحتى إقتصادية، وهي سلوك يزرع الرعب والهلع ليس على نفسية الفرد المختطف فحسب وإنما على الأسرة والأهل والجيران وكل المجتمع، وأضاف أن الإختطاف يترك إنطباعات مروعة في الأوساط المختلفة سواء الإجتماعية أو الأمنية أو السياسية، فهو سلوك يوحي بوجود شتى أنواع الخلل واللاثقة والتسيب وإلقاء اللوم على الطرف الآخر مما يزرع أنواع كثيرة ومختلفة من الشكوك واللوم وعدم تحمل المسؤولية، أما فيما يخص الآثار السلبية التي تتركها ظاهرة الإختطافات لدى الأطفال فأشار ذات المتحدث الى أن الأطفال في نموهم سواءًا في الأسرة أو المدرسة أو الشارع قد يواجهون أنواع مختلفة من المخاوف تختلف من حيث الشدة والأسباب والآثار غير أنهم قد يجدون السند في مختلف المؤسسات من أجل تفهم السلوكات والتخلص منها، وأضاف محدثنا أنه ما يلاحظ في مثل مواقف سلوكات الإختطاف هي أنها دائما تنتهي بحالات كارثية كالموت والتنكيل بالجسم وغيرها من المواقف المروعة ما يترك إنطباعات جدّ مؤثرة سلبيا على مشاعر وأحاسيس الأطفال وكيفية ردودهم نحو الظاهرة، وأكد الأستاذ بوطاف بأن هؤلاء الأطفال مازالوا لم يدركوا خصوصية هذه السلوكات الإجرامية وبالتالي لا يعرفون كيفية مواجهتها فهم يحتاجون الى حماية ووقاية الكبار، مشيرًا أنه بسبب تأثير وسائل الإعلام التي تصور هذه الوقائع بصور جد مخيفة فإنّ الآباء غالبا ما يسارعون الى تحذيرات مبالغ فيها تجعل تحركات وسلوكات الأطفال مقيدة يملؤها الشك والرعب وبالتالي تأثر على مختلف نشاطاتهم وعلاقاتهم، وأفاد المختص في علم النفس أنه لدى بعض الأطفال قد يتطور هذا الخوف ليصبح يشكل عقدًا تلازمهم وتؤثر على حياتهم وعلاقاتهم وعلى هذا الأساس يجب أن يطلب مساعدة المختصين النفسيين حتى لا تكون هناك مبالغة أو تجاوز لما يجب القيام به عند حماية وتوجيه وإرشاد هؤلاء، وأخيرًا أكد محدثنا أن منع الأطفال من اللعب خارج المنزل وحبسهم لفترات طويلة جراء الخوف عليهم يتسبب في تعطيل مراحل النمو النفسي للطفل وحرمانه من إجتياز مرحلة طفولته، هذا ما يخلق للطفل مشاكل نفسية حيث يواجه إضطرابات في السلوك وينمو على الخوف. النتائج السيئة وعقاب الأولياء يدفع بالأطفال إلى المجهول وأجمع المختصون على أن معاقبة الأولياء وتعنيفهم لأبنائهم في حال حصولهم على نتائج سيئة قد يزيد الأمر تعقيدا مايفتح المجال أمام إصابتهم بإضطرابات نفسية، الهروب، الخوف إلى جانب الوقوع في مخالب آفات إجتماعية كثيرة ناتجة عن عنف الوالدين على أطفالهم. ففي كثير من الأحيان يكون الوالدين السبب في دخول أطفالهم في دوامة من الخوف والإصابة بعقد نفسية وهذا بالنسبة لمن يصرخون على أطفالهم ويضربونهم لأتفه الأسباب ويفرغون جل قلقهم من المشاكل اليومية وضغوطات العمل في فلذات أكبادهم وسندهم في هذه الحياة، وهذا قد يعقدهم ويصيبهم بإضطرابات نفسية تلازمهم رغم كبرهم، فالمعاملة السيئة لبعض الأولياء إتجاه أبنائهم قد تجعلهم يخافون من المنزل ويلجؤون للشارع للتخلص من ضغط الوالدين، فبالرغم من كل هفوات الأولاد على الآباء معاملتهم بالحسنى سواءًا عدم تفوقهم في المدرسة أو تصرفاتهم المزعجة في البيت والتي قد تجعل بعض الآباء يلجؤون للعنف والضرب بإعتبارهما الوسيلة المثلى في نظرهم حتى يرجع أولادهم الى الطريق الصحيح وحتى يتحسن مستواهم الدراسي متناسين أنّ هذا قد يسبب لهم مشاكل نفسية أو قد يجعلهم يمكثون في الشارع أكثر من مكوثهم في البيت، مما تصبح فكرة الهروب تراودهم بإستمرار حتى يتخلصوا من تعنيف والديهم أو حتى يجعلوهم يندمون على معاملتهم السيئة لهم ولكنّ هذا قد يوقعهم في شباك الشارع المخيف ما يجعلهم عرضة للاختطافات وحتى الإنحرافات ولا يشعر الأولياء بما سببوه لأولادهم حتى يفقدونهم. قد يخطئ الأولياء، عندما يحبسون أطفالهم في المنزل وذلك ليحموهم من خطر الشارع أو من الاختطافات التي شاعت مؤخرًا ولكنهم ينسون أن هذا الضغط والحرص الشديد وحرمان الأولاد من حقهم في اللعب والإختلاط مع أمثالهم من الوسط الخارجي يجعلهم يهابون الشارع ويخافون من أي شيء يصادفهم في الخارج ويؤدي بهم هذا إلى الإصابة بالخوف الدائم الذي يتسبب لهم في الإنطواء على أنفسهم، فعلى الأولياء السماح لأطفالهم باللعب وإنشاء صداقات مع أخذهم الى الحدائق والملاهي وغيرها من أماكن الترفيه حتى يختلطوا بالعالم الخارجي والتمتع بطفولتهم، ففي حال أن الآباء لم ينتهجوا هذا الطريق قد يتسبب تعنيفهم لقرة أعينهم في حدوث أمور لا تحمد عقباها كالانتحار مثلا الذي يصبح الملاذ الوحيد لهؤلاء الأطفال عندما لا يجدون أملا في أوليائهم وبإعتباره في نظرهم الخلاص من المشاكل اليومية والعنف الذي يرونه كل يوم من أعزّ الناس إليهم.