أمين ذو السادسة عشر ربيعا، شاب تريزومي تحدّى الإعاقة وصنع لنفسه مكانة وسط زملائه، جيرانه وأحبته، ذكاؤه الحاد وخفة روحه مكّنته من النبوغ في مجال دراسته، رغم أنه لازال يدرس في قسم خاص، يهوى ممارسة كرة القدم ويحفظ كتاب الله بما أنه أحد رواد المساجد، كما أنه يقضي معظم أوقاته في مقهى الأنترنت المجاور لبيته الكائن بأولاد يعيش بالبليدة، حيث أن أمين يحلم بفتح مقهى أنترنت، ليتكفل بتسييره بنفسه بما أنه تعود الإعتماد على نفسه في الإبحار في الشبكة العنكبوتية والإستفادة من خدمات الكمبيوتر بمفرده. السياسي تنقلت إلى بيت محمد أمين جوابي بالبليدة وعاشت يوما وسط أسرته، للتعرف على هذا الفتى عن قرب، إستقبلنا أمين وعائلته بوجه بشوش وكانت الفرحة بادية على محياه طوال تواجدنا هناك، دردشتنا مع أمين كانت حول دراسته والحديث عن هذا المجال مكّننا من معرفة مستوى ذكائه الذي يفوق سنه بكثير، كما يثبت بأن هذا الفتى قد طلق إنتماؤه إلى فئة التريزوميين التي تشكّل أحد أنواع الإعاقة التي تستلزم إحتياجات خاصة لمصاب التريزوميا، وعن إصابة أمين بمرض تريزوميا 21 أو الأطفال المنغوليين، فإن معظم الحالات الناتجة عن زواج الأقارب، فالمرض يمثل خللا يصيب الجينات الخلقية، لتتفاعل عند عملية الإخصاب ما يؤدي لحدوث طفرة في الكروموزوم رقم 21، وتقول أم أمين، أنها لم تكن على دراية بمرض ابنها إلا بعد ولادته رغم إجرائها لفحوصات طبية وكشوفات دورية، لكن الطبيبة أخفت حقيقة المرض إلى غاية ولادة الطفل، لكن قوة إيمان الوالدة بصفة خاصة والعائلة عموما خفّف من معاناة الطفل بما أن العائلة رضيت بمشيئة الخالق وسخرت كل وقتها وجهدها للإهتمام بالطفل أمين، خاصة وأنه آخر العنقود، ترعرع وسط إخوته، ذكرين وفتاة. ذكاؤه الحاد ميزه عن باقي الأولاد الذكاء، تلك النعمة التي أنعم الله بها على أمين جعلته ينفرد عن أصدقائه التريزومين، حيث أنه تمكّن من حفظ جزء من كتاب الله، تعالى، خاصة وأنه يصنف من بين الأوائل في قسمه، كرم في مناسبات عدة وتم تكريمه من طرف إمام مسجد الحي مؤخرا في مسابقة لحفظ الحديث النبوي الشريف، أمين متعلق بصورة سيدنا يوسف، عليه السلام، وهو يحفظها كاملة عن ظهر قلب، قالت أمه إنه يشاهد مسلسل قصة سيدنا يوسف في التلفاز وعندما تنتهي الحلقة يقصد مقهى الأنترنت المقابل للبيت لإعادة مشاهدتها وخلال الحديث معه، إكتشفنا أنه يحفظ كل حلقة برقمها وأحداثها نظرا لتعلقه الكبير بالمسلسل، كما أنه يجيد كتابة اللغة الفرنسية ويتكلمها بطلاقة وعن سؤالنا إن كان أمين يواجه صعوبات في إستيعاب دروسه وحفظها، قال العكس وعبّر في هذا الصدد قائلا بالعكس تماما، فأنا أجد متعة في الدراسة، كما أنني أقضي وقت الفراغ في المسجد أو في الدراسة داخل غرفتي أو في مقهى الأنترنت المجاور ، وحوله هذا التميز إلى حديث الخاص والعام في مدينة الورود، يرفض تجاذب أطراف الحديث مع الأطفال أو حتى اللعب معهم ويفضّل التسامر مع من يفوقونه سنا بكثير. أمين زار البقاع المقدسة لأداء مناسك الحج وهو لم يتجاوز سن الخامسة عشر ربيعا بعد أن أعجب أحدهم بذكائه ونبوغه، كان قد التقاه رفقة أمه بمركز للتسوق بمنطقة البليدة، فأبى إلا مساعدة الطفل على زيارة البقاع المقدسة.