قبل يومين حلّت علينا ذكرى رحيل الفلسطيني الرسام الكاريكاتير ناجي العلي ال27، هذا الفلسطيني الذي حُرم من تراب بلاده، فاخْتار أن تكون حاضرة في كل أعماله، وأن يكون مقاتلاً بطريقة مختلفة استطاع بها أن يحارب ليس فقط العدو الصهيوني، بل من خذلوه أيضا. تمرّ الأيام وتتوالى الذكريات ولا يعرف أحد من قام باغْتيال ناجي العلي، ليبقى المواطن العربي دائما يتساءل عن من اغتال مبدع كاريكاتير حنظلة رغم مرور أكثر من 25 سنة من العملية؟. هذه حياة ناجي العلي ناجي سليم حسين العلي من مواليد عام 1937، رسام كاريكاتير فلسطيني تميّز بالنقد اللاذع في رسومه، ويعتبر من أهم الفنانين الفلسطينيين، له 40 ألف رسم كاريكاتيري واغتاله شخص مجهول في لندن عام 1987. ولد في قرية الشجرة الواقعة بين طبريا والناصرة بعد احتلال إسرائيل لفلسطين، وهاجر مع أهله عام 1948 إلى جنوبلبنان وعاش في مخيم عين الحلوة، ثم تمّ تهجيره من هناك وهو في العاشرة ومن ذلك الحين لم يعرف الاستقرار أبدا، فبعد أن مكث مع أسرته في مخيم عين الحلوة بجنوبلبنان اعتقلته القوات الإسرائيلية وهو صبي لنشاطاته المعادية للاحتلال، فقضى أغلب وقته داخل الزنزانة يرسم على جدرانها. وكذلك قام الجيش اللبناني باعْتقاله أكثر من مرة وكان هناك أيضا يرسم على جدران السجن. سافر إلى طرابلس ونال منها على شهادة ميكانيكا السيارات، وتزوج من وداد صالح نصر من بلدة صفورية الفلسطينة وأنجب منها أربعة أولاد هم خالد وأسامة وليال وجودي، وأعاد ابنه خالد إنتاج رسوماته في عدة كتب جمعها من مصادر كثيرة، وتم ترجمة العديد منها إلى الإنجليزية والفرنسية ولغات أخرى. كان لدى ناجي شخصيات أخرى رئيسية تتكرر في رسومه، شخصية المرأة الفلسطينية التي أسماها ناجي فاطمة في العديد من رسومه. شخصية فاطمة، هي شخصية لا تهادن، رؤياها شديدة الوضوح فيما يتعلق بالقضية وبطريقة حلها، بعكس شخصية زوجها الذي ينكسر أحيانا. وابتدع في رسوماته شخصية السمين ذي المؤخرة العارية والذي لا أقدام له سوى مؤخرته ممثلا به القيادات الفلسطينية والعربية المرفهة والخونة الانتهازيين وشخصية الجندي الإسرائيلي، طويل الأنف، الذي في أغلب الحالات يكون مرتبكا أمام حجارة الأطفال، وخبيثا وشريرا أمام القيادات الانتهازية. يكتنف الغموض اغتيال ناجي العلي، حيث أطلق شاب مجهول النار على ناجي العلي -بحسب ما أسفرت عنه التحقيقات البريطانية- ويدعى بشار سمارة وهو على ما يبدو الاسم الحركي لبشار الذي كان منتسبا إلى منظمة التحرير الفلسطينية ولكن كان موظفا لدى جهاز الموساد الإسرائيلي وتمت العملية في لندن بتاريخ 22 جويلية عام 1987م فأصابه تحت عينه اليمنى، ومكث في غيبوبة حتى وفاته في 29 أوت 1987، ودفن في لندن رغم طلبه أن يدفن في مخيم عين الحلوة بجانب والده وذلك لصعوبة تحقيق طلبه. يتهم البعض إسرائيل بالعملية، وذلك لانْتمائه إلى حركة القوميين العرب التي قامت إسرائيل باغْتيال بعض عناصرها. كما تشير بعض المصادر أنه عقب فشل محاولة الموساد لاغْتيال خالد مشعل قامت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية بنشر قائمة بعمليات اغتيال ناجحة ارتكبها الموساد في الماضي وتم ذكر اسم ناجي العلي في القائمة. ووجه آخرون اتّهاما الى منظمة التحرير الفلسطينية، وذلك بسبب انتقاداته اللاذعة التي وجهها لقادة المنظمة. بحسب تقرير للإذاعة البريطانية بي بي سي فإن أحد زملاء ناجي العلي قال أن بضعة أسابيع قبل إطلاق النار عليه، الْتقى بناجي العلي بمسؤول رفيع في منظمة التحرير الفلسطينية وحاول إقناعه بتغيير أسلوبه، فقام ناجي العلي بعد ذلك بالرد عليه بنشر كاريكاتير ينتقد ياسر عرفات ومساعديه. دفن الشهيد ناجي العلي في مقبرة بروك وود الإسلامية في لندن وقبره يحمل الرقم 230191 وأصبح حنظلة رمزاً للصمود والاعتراض على ما يحدث وبقي بعد ناجي العلي ليذكّر الناس به. التنبؤ.. قدرة عظيمة كان يتميز بها ناجي العلي امتلك ناجي العلي قدرة عظيمة على التنبؤ في المستقبل الفلسطيني وخلد شخصيات لها أبعاد في عمق الصراع العربي الصهيوني أهمها حنظلة و فاطمة و الرجل الفلسطيني الكادح وكذلك عجول النفط . وعن حنظلة قال: ولد حنظلة في العاشرة من عمره وسيظل دائما في العاشرة من عمره، ففي تلك السن غادر فلسطين وحين يعود حنظلة إلى فلسطين سيكون بعد في العاشرة ثم يبدأ في الكبر، فقوانين الطبيعة لا تنطبق عليه لأنه استثناء، كما هو فقدان الوطن استثناء. وأما عن سبب تكتيف يديه فيقول ناجي العلي: كتفته بعد حرب أكتوبر 1973 لأن المنطقة كانت تشهد عملية تطويع وتطبيع شاملة، وهنا كان تكتيف الطفل دلالة على رفضه المشاركة في حلول التسوية الأمريكية في المنطقة فهو ثائر وليس مطبعا. وعندما سُئل ناجي العلي عن موعد رؤية وجه حنظلة أجاب: عندما تصبح الكرامة العربية غير مهددة، وعندما يسترد الإنسان العربي شعوره بحرّيته وإنسانيته. وقام بتجسيد شخصيته في الأعمال السينمائية الفنان نور الشريف، وأجاد في دوره وحصل على إشادة كبيرة من النقاد بالمجال السينمائي