تعتبر الجزائر رابع الدول المصدرة للغاز في العالم، وقد ارتقت إلى هذه المرتبة بعد جملة من الإنجازات في المجال، انطلاقا من اكتشافات نفطية جديدة، إلى الاستثمار في مجال الغاز وتطوير الشراكة مع بلدان أجنبية، وباتت هذه الوضعية المريحة للجزائر ورقة قوة تفاوض بها في المحافل الدولية· تحاول الجزائر في الآونة الأخيرة إدارة ورقتها الغازية من خلال ثلاثة أوراق إستراتيجية، الورقة الأولى، إعطاء الغاز الطبيعي مكانته الهامة في التعامل مع الدائرة الأوروبية بصفة شاملة، الورقة الثانية، مقايضة الغاز الطبيعي بالتكنولوجية النووية السلمية، أما الورقة الثالثة فتتمثل في التقارب الإستراتيجي مع الدول المنتجة للغاز الطبيعي، وهو ما خلق الهلع في الأوساط الأمريكية والأوروبية من بروز ''كارتل للغاز''على غرار الأوبيب· وفي الوقت الذي تسعى فيه الجزائر حاليا لزيادة إنتاجها من النفط الخام بقدر كبير خلال السنوات القادمة، وذلك عن طريق جلب المزيد من المستثمرين الأجانب، لم تكتف بتصدير مواردها الطاقوية، بل شرعت في ربط هذه العلاقة الإستراتيجية مع أوروبا والدول المستورة لطاقتها التي تعتبر من أنظف وأجود الأنواع في العالم من خلال مثلا مشروع الأنبوب الإفريقي الذي يربط نيجيريا بالجزائر بأوروبا عبر النيجر، والذي تتراوح طاقته ما بين 02 و03 مليار متر مكعب سنويا، على أن يكون جاهزا في حدود سنة 5102، فباعتبار تطور الاقتصاد الجزائري ونموه مرتبطان بشكل مباشر باستغلال ثروتها الحيوية، وعلى رأسها البترول والغاز الطبيعي، فقد عملت الجزائر على تطوير هذا القطاع الإستراتيجي بشكل فعال عبر شبكة من المصانع والمركبات الضخمة، وبالسيطرة الكاملة على هذه الثروة إنتاجاً وتسويقاً ودخلاً، حيث أصبحت هذا القطاع عنصر قوة للجزائر في فرض شروطها مثل قضية الشركة الاسبانية· أنبوب ميدغاز·· مشروع القرن الطاقوي يمكننا أن نصف مشروع أنبوب ميدغاز بمشروع القرن الطاقوي، ليس لضخامته وإنما لأنه جسد بكل بساطة إرادة الجزائر في استغلال غازها بصفة مائة بالمائة، بدلا من كل تلك الضرائب التي تأخذها الدول التي تعبر تحت أراضيها الأنابيب الجزائرية المتجهة نحو أوروبا، في خطوة للإلغاء التدريجي لكل المصاريف الجانبية، حيث ينتظر أن يبدأ في تشغيل هذا الأنبوب اعتبارا من شهر جويلية المقبل، وسيتولى هذا الأنبوب نقل الغاز الجزائري مباشرة نحو إسبانيا بطاقة تربو عن 8 ملايير متر مكعب سنويا وتمتد فيما بعد إلى 61 مليار متر مكعب سنويا، وقد تم الشروع فعليا في التجارب التقنية الخاصة بهذا المشروع في الجزء الجزائري، ويكلف هذا الأنبوب الذي يبلغ طوله 0501 كلم، منها 055 كلم في التراب الجزائري، 009 مليون أورو، ويتقاسم أشغال المشروع مجموعة شركات تقودها الشركة الوطنية للمحروقات سونطراك 63 بالمائة من رأس المال، والشركة الإسبانية سيبسا 02 بالمائة في المركز الثاني، وباقي الشركات بنسب متساوية تقدر ب21 بالمائة، وتشمل كل من ''أونديزا'' و''إيبردرولا'' والفرنسية ''جي دي أف'' والبريطانية سبريتيش بيتروليوم'' نضال ريادي من أجل رفع سعر الغاز تمكنت الجزائر في الندوة 61 للغاز العالمية من فرض وجهة نظرها بكل حزم، وبالرغم من توجيه اعتماد بعض الجهات الإعلامية على التركيز على صفة الرمزية التي عادة ما تقترن بمثل هذه اللقاءات، إلا أن الندوة استطاعت أن تجلب أنظار العالم بحكم الاقتراحات السابقة للجزائر في مجال العمل على زيادة سعر الغاز في الأسواق العالمية، من منطلق التجربة الرائدة للجزائر في مجال إنتاج وتسويق الغاز المميع، وقد طرح المشاركون بقوة فكرة محاولة رفع سعر الغاز وخلق استقرار على المدى البعيد فالأسعار لا يجب أن تنزل دون مستوى معين حتى تضمن مصالح الدول المصنعة لأن زيادة الأسعار سوف تؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج وبالتالي يزيد التضخم العالمي، وفي المقابل فإن انخفاض الأسعار سوف يضر الدول المنتجة إذ يتعدى الأثر إلى الدول الصناعية، مما جعل الجزائر تطرح فكرة ربط أسعار الغاز بالبترول الذي تبنتها الدول المشاركة في دورة وهران، وبالرغم من أن الدول المصدرة للغاز قد عرفت مجموعة من الندوات، إلا أن هذه الندوة جاءت في ظرف متميز مرتبط بانتعاش الأسعار، وتكاتف جهود الجزائرروسيا وقطر لإنشاء منظمة شبيهة بالأوبيك خاصة بالغاز الرهانات الطاقوية··· بين الترشيد والمنفعة تعمل الجزائر حاليا على رفع إنتاجها للغاز بمعدّل يفوق 05 بالمائة عمّا هو عليه الآن، حيث من المتوقّع تصدير الجزائر لأزيد من 06 مليار متر مكعّب سنويا ما بين سنتي 2102 و5102، وتصبو الجزائر من جهة أخرى إلى ولوج عالم الطاقات المتجددة، حيث تعمل في هذا المجال على تفعيل سبل الشراكة الفعلية مع الدول ذات الخبرة في الميدان، ومن خلال ضمان إمكانيات السيطرة على التكنولوجيا المتصلة بتطويره، حيث أقدمت الجزائر خلال السنوات الأخيرة على وضع السياسات اللازمة لتطوير وتشجيع الاستثمار في الطاقات المتجددة من خلال التأسيس للمواد القانونية اللازمة، وكذا إنشاء الهيئات التي تكفل بتطبيق التوجه الجديد، كما تشرف حاليا على انجاز عدد من المشاريع الحيوية في الصحراء ترمي من خلالها إلى رفع القدرة الإنتاجية من الطاقة الشمسية لتعادل 5 بالمائة من الإنتاج الوطني للطاقة بحلول 7102، حيث من المنتظر أن تكون محطة توليد الكهرباء اعتمادا على الماء بحاسي الرمل التي تشرف على انجازها مؤسسة نييال المحطة الأولى في سلسلة محطات تعمل بالطاقة المزدوجة التي ترمي الشركة منها الحصول على قدرة إنتاجية بواقع 051 ميغاوات، بالإضافة إلى مزرعة الرياح التي ستنجز بأدرار من طرف شركة فرنسية، كما تسطر وزارة الطاقة والمناجم توسيع استعمال هذه الطاقة عبر تجهيز 0055 مسكن بأجهزة تسخين المياه ستعمل بالطاقة المتجددة ومن جملة المشاريع أهم المشاريع في قطاع الطاقة مشروع آخر شبيه بميد غاز بطاقة تصدير 8 مليار متر مكعّب نحو إيطاليا، زيادة على مشروعي سكيكدة وأرزيو لتمييع· تعميم استفادة المواطن من الغاز والكهرباء لا يختلف اثنان على أن الجزائر وجدت صعوبة كبيرة في تزويد كامل سكانها بالكهرباء والغاز، نظرا لضخامة جغرافية الجزائر، وصعوبة التضاريس، سيما وأن الغالبية من السكان يقطنون في مناطق جغرافية وعرة، وقد عملت الجزائر في العقد الأخير بشكل مكثف على تجديد مستوى الاحتياطات الوطنية بالرغم من الزيادة المعتبرة للكميات المسوقة من منتوج البترول والغاز، وذلك بفضل جهد الاستثمار المتواصل في نشاط البحث والاستكشاف، وكذا في مجال الاستغلال الأقصى للحقول، إلا أن هذه الإستراتيجية لم تستثني استفادة الأسر الجزائرية في مجال الربط الكهربائي على مستوى التراب الوطني بما فيه المناطق الريفية، وكذا في مجال التوزيع العمومي للغاز من خلال عمليات جديدة لوصل الأسر بشبكة الغاز الجديدة التي تدعم برامجها بمساهمة الدولة، من خلال الإسراع في تطبيق البرنامج الوطني لتطوير قدرات إنتاج الكهرباء بغية الاستجابة للطلب المحلي الذي يشهد تزايدا مطردا، دون غض النظر عن رفع قدرات هذه الطاقة الموجهة للتصدير، من جانب آخر سعت الحكومة إلى الإسراع بترقية محلية لصناعة التكرير و البتروكيمياء الكفيلة بزيادة القيمة المضافة للمحروقات· التنقيب عن الغاز يتوسع من الجنوب إلى الشمال شرعت وزارة الطاقة والمناجم في برنامج للتنقيب عن المحروقات بالمناطق الشمالية خلال العامين 0102 - 1102من خلال استخدام تكنولوجيات جديدة ملائمة للتنقيب عن النفط والغاز بمناطق الشمال علاوة على انجاز التنقيب من حفر صغيرة القطر، حيث سيشمل هذا البرنامج ولايات مستغانم، غليزان، تيارت، وتلمسان باستثمار قدره 005 ألف دولار أمريكي، حيث أن التنقيب عن المحروقات في هذه الولايات سمح بانجاز ثلاث عمليات تنقيب واكتشاف وجود الغاز، وفي هذا الإطار تمكنت الشركة الجزائرية للمحروقات سونطراك من اكتشاف 02 بئر جد منذ بداية العام الجاري في عدد من ولايات الجنوب، ولم أطلقوا العنان للكلام عن نفاذ الطاقة الجزائرية فلهم أن يرتاحوا لأن الأمر يتعلق باكتشافات جديدة، وبتفعيل مكثف للطاقات المتجددة·