سجلنا تقدم ملموس طال كل ظروف المتصلة بحياة الطالب وأنت تتحدث إليه تحس وكأنك أمام نقابي له باع طويل في عالم الملفات المعقدة لقطاع التعليم العالي، وذلك لدرجة تحكمه في أبجديات المنظومة الطلابية وأغوار التنظيمات الطلابية، ودرايته الواسعة بخيوط والأسرار الكامنة وراء أسوار الجامعة مع براعته في تقمص الأدوار لا يحسنها إلا سيد احمد تمامري خدمةً للطالب الجزائري والجامعة ككل. هذا الشاب القيادي في الحزب العتيد استقبلنا بصدر رحب وكان لنا معه هذا الحوار. * السياسي: ما هي نظرتكم في خارطة التنظيمات الطلابية الناشطة داخل حقل التعليم العالي، وهل تجدونها فاعلة في إعطاء إضافة للطالب وللجامعة؟ - تتواجد على الساحة سبعة تنظيمات طلابية معتمدة، ولها كامل الحرية في النشاط والتحرك والمجال مفتوح في هذا الاتجاه، لكن أظن أنه على القيادات التنظيمات الطلابية العمل على التحسين من أدائها نوعا ما، وأن تتكفل حقيقة بالمشاكل الحقيقية للطالب، وأبعد من ذلك يجب في إطار رفع المستوى وتحسين الآداء، الخروج من دائرة الاهتمام والانشغال بالمهام التقليدية للمنظمات الطلابية. أنا لا قول لا بد من الاستغناء عن الدور النقابي، لكن زيادة على هذا الدور يجب إيلاء نوع من الاهتمام بما يعيشه الطالب والشباب في كل مناحي الحياة كمواطن، بذلك يمكن لهذه التنظيمات الطلابية أن تكون فاعلة في المجتمع، ومن خلال تلك الفعالية يمكنها أن تحقق ما يسمى بالتكوين والتنشئة السياسية. * ما يزال ملف الطلبة العائدين من القاهرة مطروح والوزارة الوصية ما تزال بين المد والجزر مع هذه الفئة؟ - أظن أن القضية ما كانت لتثار لولا الظروف السياسية الطارئة والتشنج الحاصل في العلاقات الجزائرية المصرية، وبالتالي القضية أخذت أبعادا سياسية. هذا من جهة، ومن جهة أخرى أظن أن الدراسة تمت على مستوى لجان معينة، وأنا شخصيا كنت ممن طالبوا بأن ترتكز الدراسة المتعلقة بالملفات العائدين من القاهرة فقط وبضبط على التطابق العلمي ما بين ما كانوا يدرسونه في تلك المدارس والجامعات المصرية وما يطابقها ويوازيها من مستوى تعليمي بالنسبة للشهادة الجامعية الجزائرية، لكن للأسف الشديد أظن أن الأمور ذهبت نحو الاتجاه الخاطئ في تقييم شهادة المطابقة العلمية، وهذا ما شكّل مثل هذا التذمر الحاصل حالياً. ونحن كتنظيم طلابي، نطالب بتطبيق مقياس التطابق العلمي لكل من تعادل شهادته أو دراسته الجامعية في مصر ما يوازي ماجستير أو دكتورة في الجزائر، مع مراعاة كل حالة على حدة، لأن هناك حالات للطلبة العائدين من القاهرة أسعفهم الحظ في السابق في متابعة دراستهم في هذا البلد رغم أنهم لا يختلفون في شيء عن الطلبة المتواجدين بالجزائر، ورغم وجود لحاملي ليسانس هنا بالجزائر أكفى وأجدر منهم إلا أن ظروفهم المادية وظروف أخرى منعتهم من السفر إلى القاهرة. إذن الطابع السياسي أثّر على القضية، وأظن أنه يجب الرجوع إلى المبدأ العلمي في التكفل بهذه الفئة من الطلبة، ونحن مع فتح المجال وننادي دائما بسماح لولوج إلى ما بعد التدرج لكل من يرغب فيه، لأنه هذا حق إنساني قبل كل شيء، ولا بد أن يكرّس في الجزائر وهو الحق في التكوين والتكوين مدى الحياة، مع الحق أيضا للطالب في تغير تخصصه متى شاء. * سيدي الأمين العام، هل لقيت دعواتكم ونداءاتكم الاستجابة من طرف وزارة التعليم العالي من أجل إيجاد مخرج لهؤلاء الطلبة الجزائريين العائدين من القاهرة؟ - للأسف الشديد ليس بعد. * يجرنا الحديث هنا سيدي الأمين العام إلى التطرق إلى الغليان الذي يشهده الوسط الجامعي في الآونة الأخيرة، والذي يصادف مرحلة الامتحانات رغم محاولات الوصاية احتواء الوضع؟ - نحن كتنظيم طلابي ناشط داخل الحركة الطلابية الوطنية لا يمكننا أن نشك أو نقزم المجهودات الجبارة والخطوات العملاقة المنجزة في هذا القطاع مند اعتلاء رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة هرم السلطة سنة 1999، والذي أعطى حركية وديناميكية واسعة لقطاع التعليم العالي، وما العناية المباشرة لسيادته لكل ما يتعلق بالطالب الجزائري من جميع الجوانب البيداغوجية والمالية والنفسية إلا أحسن دليل، ولقد ترجمت هذه المبادرات الإيجابية خاصة في رفع المنح المخصصة للطلبة، وكذا رفع أجور الأساتذة والعمال، ودون أن ننسى المنشآت الجامعية الجديدة، لكن ما نحتاج إليه في الجامعة الجزائرية هو أكثر ديمقراطية وأكثر رقابة في التسيير في بعض الأحيان، مع الحد من التعسف في استعمال السلطة من طرف الإدارة في أحيان أخرى. وهنا نأتي الفرصة لفتح الحديث ميثاق الجامعي والأسرة الجامعية والذي شاركنا في جلساته الأولى، وطالبنا من خلالها وكمسؤول لتنظيم بأن يكون هذا الميثاق مكوّن من جملة من المبادئ نتفق حولها كأسرة جامعية، وألا يتخذ شكل قانون يعاقب هذا أو ذاك، ولكن للأسف اتخذ هذا الميثاق صبغة قانون ولكن يفتقدها من جانبها التشريعي، لأن القوانين تصدر عن رئيس الجمهورية بأوامر رئاسية أو يصدرها البرلمان، لذلك أقول لا يرقى هذا الميثاق إلى صفة قانون، في حين نراه في الواقع اتخذ الطابع القانوني بحيث يعاقب هذا بدرجة أولى والآخر درجة ثانية، وهذا ما سيشكل نوعا ما غموض في تطبيق أو عدم التطبيق، ولذلك ما زلت أنادي بأن يأخذ الميثاق الجامعي على غرار الدول المتقدمة مجموعة مبادئ يتفق عليها، أما العقوبات فهي تصدر عن نظام داخلي لكل جامعة. * يثار لغط كبير حول النظام "أل، أم، دي" وانعكاساته على الخارطة العلمية للطالب؟ - أعتقد أن الوزارة مطالبة بتقديم تعزيز حول مدى النتائج التي توصلنا إليها من خلال تطبيق نظام "أل، أم، دي"، لأن قبل تطبيقه تحدثنا عن أهداف ثم تكلمنا عن توقيت لذلك، على الوزير تقديم تقرير حول مدى تطبيق هذا النظام والإجابة عن التساؤلات حول مدى نجاحنا في بلوغ الأهداف التي رسمت ل "أل، أم، دي" مسبقا. * أكد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في خطابات سابقة عن عزمه وإرادته في توفير جميع الوسائل اللوجستيكية والمالية من أجل استقطاب الأدمغة والكفاءات الجزائرية المهاجرة في جميع أصقاع العالم؟ - إن لم تخنِ الذاكرة، كنت سمعت الخطاب كباقي أفراد الشعب الجزائري، والذي تكلم حول الإطارات والكفاءات الجزائرية المتواجدة بالخارج، حيث قال رئيس الجمهورية، حتى إن كان الإطار المهاجر يتحصل على 1000 دولار بالخارج فنحن مستعدون لإعطائه نفسن المبلغ بالجزائر. نحن نتفق مع رئيس الجمهورية في نظرته الحكيمة إلى تلك الكفاءات المهاجرة، بحيث لماذا تعطى تلك الأدمغة أكبر المقامات في الخارج، بينما في بلدها ربما تهمش ولا تستغل أحسن استغلال؟ ولكن هذا الأمر لا يجب أن ينطبق فقط على علمائنا وذوي الخبرات في العالم، وإنما لابد أن توسع إلى كل من له درجة علمية راقية ويمكن أن يقدم إضافة للجزائر سواء كان في الداخل أو في الخارج، ويجب علينا أن نولي له عناية خاصة ومتميزة لأن إذا جلبنا الكفاءات الموجودة في المهجر وأعطيناها المكانة اللازمة ثم من بعد ذلك تظهر كفاءات وأدمغة داخل الوطن ويتم تجاهلها وحرمانها من نفس الإمتيازات فسوف بدورها تهاجر خارج البلاد، وبالتالي نعود إلى نقطة الصفر. ويبقى المشكل مطروح، وبالتالي لابد من تعميم هذا المبدأ على جميع الأدمغة الوطنية، سواء المحلية أو المغتربة، ورئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة يولي عناية خاصة في برنامجه الرئاسي للعهدة الثالثة الحالية لهذه النقطة بالذات، إيمانا منه بقدرات العنصر البشري الجزائري، وحرصا منه أيضا على تنشئة نخبة جزائرية تنطبق مع سياسة الطموحة ونظرته السديدة في تقوية مؤسسات الدولة بما يحقق لها اكتفاءا ذاتيا واقتصادا قويا بعيد عن المحروقات، يكون عماده الإطار الوطني الكفء. * أنتم كأحد رواد الحركة الطلابية في الجزائر، هل لمستم وسجلتم تقدم أو تطور فيما يخص ظروف المعيشة والبيداغوجية للطالب الجزائري داخل أسوار الجامعة؟ - بكل صراحة وبالفعل الميداني تم تسجيل تقدم ملموس طال كل الظروف المتصلة بحياة شريحة الطلبة وبأوضاعهم الاجتماعية داخل الجامعة من إيواء وإطعام ونقل وتوفير وسائل البيداغوجية، وفيما يخص أيضا الذين تخرجوا، لأن هناك مجهودات كبيرة تبذل في التشغيل، ولو أننا مازلنا ننشئ مناصب اجتماعية وهي مظاهر موجودة حتى في العالم المتقدم، إلا أنها يمكنها أن تتحول إلى مناصب عمل دائمة بما يعود على الفائدة على الاقتصاد الوطني، وما على الطلبة الآن إلا أن يحاولوا الرفع من مستواهم والابتعاد عن كل ما يمكن أن يؤثر على مسيرتهم الدراسية ويعرقل اندماجهم المهني في المستقبل، مع الحرص على تنشئة أنفسهم تنشئة سياسية اجتماعية وثقافية راقية. * لكن هناك اتهامات لتنظيمات طلابية بتعاطيها للسياسة تحت غطاء تعليمي وارتباطها بأحزاب سياسية؟ - أولاً، الجامعة في تسييرها يجب أن تكون الفضاء المثالي وأن تعطي القيم المثالية في استعمال السبل الديمقراطية، وما يلاحظ من نقائص هو غياب النوادي الثقافية والرياضية والتي كانت في السابق موجودة داخل الحرم الجامعي، وهو شيء غريب جدًا. ثانيا، حان الوقت لكي نبدأ في المطالبة بالابتعاد عن الاتهامات والفوبيا من تسييس الطالب وتسييس التنظيمات، حتى في أعرق الديمقراطيات العالمية توجد تنظيمات طلابية مرتبطة هيكليا وعضوياً بأحزاب سياسية وليس معنويا فقط، وهنا في بلادنا نفس الشيء كل الفعاليات الطلابية مرتبطة سياسيا، لكن نغض الطرف ونقول لا يجب أن نسيّس، أقول لا، بل لابد من فتح فضاء لممارسة الطالب اتجاهاته السياسية، فإن لم تتم تلك الحوارات السياسية داخل الجامعة فستتم في أماكن لا يمكن مراقبتها. * نترك لكم كلمة مسك الختام.. - ما أوصي به الشباب الجزائري، أنه لا يجب الاستسلام لعقلية الانهزامية، والمثابرة من أجل غدٍ مشرق والابتعاد عن الطرق الملتوية والسبل القصيرة غير الشرعية، والثقة في قدراتهم وقدرات بلادهم والأمم على قدر أحلامها.