المؤمن الحق هو الذي يتمتع بقلب سليم، لا يعرف إلا الحب في الله ولا يحمل حقداً ولا حسداً لأحد يأخذ بيد صاحبه إلى الطريق الموصل لمرضاة الله، وإذا رضي الله عن عبده صار عبداً ربانياً محفوفاً برعاية الله وعنايته. والإنسان يصل إلى هذه المرتبة بإصلاح نفسه وصلاح قلبه بقراءة القرآن وإخلاء البطن وقيام الليل والتضرع عند السحر وأكل الحلال. قال الله تعالى: »ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق«. قال ابن مسعود رضي الله عنه: إن بعض الناس أصابتهم قترة في قلوبهم فأنزل الله هذه الآية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »إن لله أواني ألا وهي القلوب وأقربها إلى الله مارق وصفا وصلب«. قال أبو عبدالله الترمذي: الرقة خشية الله تعالى، والصفاء للإخوان في الله، والصلابة في الدين. قال تعالى: »كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون«. فالمسلم لو تعثر قدمه في الطريق لا يقنط من رحمة الله فرحمته واسعة وفرجه قريب والله أفرح بتوبة عبده المؤمن«. فالمسلم التائب هو الذي يسعى لإصلاح نفسه، ففي صلاحها سعادته، حيث يمشي بين الناس وهو مطمئن القلب راض عن نفسه وعن حظه في الدنيا لذلك تجده لا يتبرم ولا يسخط إذا تعرض لاختبار من مولاه بل هو يرفع يديه ويتوجه إلى الله بكليته أن يعينه وأن يفرج عنه والحق سبحانه وتعالى لا يرد يديه صفرا خائبتين فبابه مفتوح لكل طالب. المسلم الذي يتمتع بقدر من الصلاح والورع يشعر كأنه حيزت له الدنيا بحذافيرها لأن الله معه ومن كان الله معه كفاه. قال تعالى: »وهو معكم أينما كنتم«. استمعت إلى أحد الدعاة، وهو يحكي قصة رجل تعرض لشدة حيث شعر بألم في صدره فذهب إلى أطباء القلب فقرروا ضرورة أن يسافر إلى بلد أوروبي ليعمل العملية وكان هذا الرجل مقتدرا من الناحية المادية فوافق الأطباء وأخذ يعد نفسه للسفر، وذات يوم وهو سائر في الطريق وجد امرأة تقف على صندوق القمامة تبحث عن الصالح من الطعام لتأخذه كي تطعم أبناءها فاقترب منها وقال ماذا تعملين يا أمي فأخبرته خبرها فقال لها تعالي وأخذ بيدها وذهب إلى الجزار القريب من المكان وطلب منه أن يعطيها بعض كيلوات من اللحم وقال لها اذهبي وأطعمي أولادك، وتركها وذهب إلى المنزل كي يستكمل عملية الإعداد للسفر وطلب من أبنائه أن يأخذ قسطا من الراحة فتركوه ينام وبعد أن استيقظ وجد نفسه لا يشعر بألم في صدره كالسابق فبدأ يتحرك وطلب من أولاده أن يجهزوا الغداء لأنه يريد أن يأكل، وأخذ يأكل حتى شبع وقال لأولاده إنني أشعر براحة في صدري لم أشعر بها من قبل، أشعر بأنني شباب فذهب إلى الطبيب وطلب أن يكشف عليه، فقال له الطبيب بعد فحصه ماذا عملت؟ أنت بخير ولا حاجة للسفر، فالتزم الصمت وبكت عيناه وصار يكثر من عمل الخير ما عاش في الحياة.