الحسن الثاني تواصل مع الموساد وساهم في إرساء الحماية الفرنسية الإسرائيلية على المغرب يستغرب المهتمون بحقوق الإنسان والحريات من شخصيات ومؤسسات وحتى بعض الدول من دعم فرنسا التي تتغنى بالحريات للنظام المغربي في احتلاله للصحراء الغربية، وفي انتهاكه لحقوق الإنسان من خلال حملات القمع والتعذيب الممارسة في حق الأبرياء من الشعب الصحراوي· فباريس لم تكتف بالدعم المادي والعسكري لنظام المخزن، بل دخلت على خط المواجهة مستخدمة طائرات جاغوار المقاتلة ضد الشعب الصحراوي في نهاية العام 7791 وبداية8791 ، وتواصلت سياساتها الدعامة للمغرب من خلال استخدامها للفيتو في مجلس الأمن شهر ماي المنصرم ضد مشروع قرار يطالب بإيجاد آلية لحماية حقوق الإنسان بالأراضي الصحراوية المحتلة، تشابك العلاقة بين الرباط وباريس هو في حقيقة الأمر حسب المتتبعين حلقة من حلقات الحماية الفرنسية على المغرب، والتي تواصلت بأشكال مختلفة رغم الإعلان عن استقلال المغرب يوم 2 مارس 6591· تعود السيطرة الفرنسية على النظام المغربي إلى ما قبيل نفي محمد الخامس، حيث أن أي تحليل يقول تلقائياً أن فرنسا أدركت بذكائها الاستعماري أن الحركات الثورية الرافضة للانتداب الفرنسي على المغرب سوف تزداد قوتها بفعل الاحتضان الشعبي، مما سيؤدي بالسلطان المتعايش مع الاستعمار إلى فقدان مكانته لدى الشعب المغربي لصالح هذه القوى التي بدأت تشكل مقاومات هنا وهناك· ربما يعطيها الحق في إدارة الأمور في البلاد بعد التحرير، لذلك قامت فرنسا سباختلاق'' مسرحية الملك المقاوم للاستعمار لتمنحه نوع الرمزية الثورية فقامت بنفيه حتى يتم ''تدحينه'' في مدغشقر على بعد آلاف الأميال، وبالفعل وجدوا ضالتهم في الحسن الثاني الذي تم تدعيم ولايته للعهد، وقد تواصل الموساد مع هذا الأخير، حسب رواية هيكل في كتابه كلام في السياسة، ومن هنا بالضبط يبدأ إدراك قاعدة الحماية الفرنسية الإسرائيلية على المغرب بعد استقلاله، ولكن قبل هذا جدير بنا العودة إلى الجذور التاريخية لهذه الحماية· السياق التاريخي الداخلي لفرض نظام الحماية على المغرب: اعتبر المغرب مجالا للتنافس الاستعماري بين فرنسا، إسبانيا، إنجلترا، ألمانيا وإيطاليا لتوفير سوق لمنتجاتها والسيطرة على ثروات المغرب، ومبررين ذلك بعجز المغرب عن تسديد الديون ولمساعدته لإنجاز الإصلاحات، وسينتهي هذا التنافس بانفراد فرنساوإسبانيا بالمغرب بعد عقد عدد من الاتفاقيات· شهد المغرب في عهد المولى عبد العزيز تأزم الأوضاع السياسية وضعف السلطان· وظهرت حركات تمردية منها تمرد الريسوني الذي قام باختطاف الأجانب وعينه المولى عبد الحفيظ عاملا على إقليم الفحص· وكذا تمرد بوحمارة الذي اعتبر نفسه الأصلح لحكم المغرب، فسيطر على المناطق الشرقية والشمالية ما بين2091 و9091 · كما عرف المغرب في تلك الفترة تأزم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية (انتشار الجراد- حدوث المجاعة- تزايد حجم القروض الأوربية)·في ظل هذه الظروف تولى المولى عبد الحفيظ مقاليد الحكم بعد عزل المولى عبد العزيز وبويع بيعة مشروطة، غير أنه لم يتمكن من مواجهة الضغوط الأجنبية· وتم في عهده توقيع معاهدة الحماية في03مارس2191· وتضمنت هذه المعاهدة الموقعة من طرف رينو سفير فرنسا والسلطان عبد الحفيظ· بنود وردت في عدة فصول، حيث نص الفصل الأول على إنشاء نظام جديد يسمح بإحداث إصلاحات ترى الحكومة الفرنسية فائدة في إدخالها للتراب المغربي، بينما نص الفصل الثاني على الشروع في الاحتلال العسكري لاستتباب السكينة، وتضمن الفصل الخامس تعيين فرنسا لمقيم عام له كامل الصلاحيات· أسس وأجهزة نظام الحماية بالمغرب وآلياته: ورد في الاتفاق الودي الفرنسي الإنجليزي 4091 ضرورة إشراك إسبانيا في فرض نفوذها على المغرب، ولذلك عقد اتفاق فرنسي إسباني في أكتوبر 4091 يقسم المغرب إلى منطقة نفوذ إسباني (في الشمال والمناطق الجنوبية) ومنطقة النفوذ الفرنسي (في الوسط) وتم في نوفمبر 2191اتفاق فرنسي إسباني لتحديد مناطق النفوذ بين الدولتين ومنطقة طنجة الدولية، والتي تم تحديد طرق تسييرها سنة3291· عين فرنسا الجنرال ليوطي أول مقيم عام بالمغرب (2191-5291) والذي يرجع له الفضل في توطيد دعائم الحماية الفرنسية بالمغرب، بإحداث إدارة مركزية وجهوية ومحلية استعمارية تتحكم في كافة السلطات والاستعانة بالقياد والباشوات· وترك للسلطان سلطات محدودة (دوره الديني وتوقيع الظهائر)· وبعد استقالة ليوطي سنة 2291 تحول نظام الحماية إلى إدارة مباشرة وتوسعت سلطات المقيم العام· أما في المنطقة التي تحتلها اسبانيا فقد تم تعيين مندوبا ساميا للإشراف على تسيير شؤون المنطقة الشمالية (الخليفية)، وكان الخليفة هو الذي يمثل السلطان في المنطقة وعاصمتها تطوان· بينما اعتبرت منطقة طنجة دولية حيث تميزت قبل توقيع معاهدة الحماية، بوضعها الدبلوماسي الخاص، وكذلك أقر مؤتمر الجزيرة الخضراء 6091 وضع نظام خاص لمدينة طنجة، وكان لإنجلترا دور في إقرار نظام دولي لطنجة في مؤتمر باريس 3291 حيث يتم تسييرها من طرف سبع دول (لجنة مراقبة، مدير من الدول السبع له سلطة تنفيذية، مجلس تشريعي···)· ويمثل السلطان المندوب· *فشل المقاومة المسلحة في مواجهة الاستعمار قامت عدة انتفاضات ومقاومات مسلحة لكنها فشلت بسب عدة عوامل من بينها اعتماد القبائل المقاومة وزعماء المقاومة على أسلحة بسيطة وعلى جنود يفتقد معظمهم إلى الخبرة العسكرية· وتوفر الاحتلال على جيش نظامي وأسلحة حديثة· إضافة إلى استعانة الاستعمار ببعض القبائل المغربية لمواجهة المقاومين· واستخدامه الغازات السامة وخاصة في حرب الريف· *بدل التحرر انتفاضة باسم الملك أمام تنامي مطالب التحرر بالمغرب استخدمت فرنسا مكرها، وقررت تنحية الملك محمد الخامس وبعد إعلان نبأ تنحية سلطان المغرب محمد بن يوسف ''الخامس'' وتنصيب محمد بن عرفة كسلطان مزيف، انتفض الشعب المغربي قاطبة ضد الإجراء واستنكروا نفي الملك وتحولت مطالبهم من الحرية والاستقلال إلى المطالبة بعودة الملك محمد الخامس· لذلك اندلعت أحداث مؤلمة وفي بعض الأحيان عفوية ضد الفرنسيين·كما شنت إضرابات عديدة شلت مختلف القطاعات الحيوية لاقتصاد البلاد، ونظمت عمليات للمقاومة أدت إلى استشهاد العديد من الوطنيين أثناء مقاومتهم للاستعمار، أمثال علال بن عبد الله والزرقطوني، وهذه المقاومة لم تتبنى شعار التحرر بل تبنت مططق الولاء للملك المخلوع الذي عين سابقا من قبل الاستعمار، ولهذا أطلق على حركات المقاومة هذه اسم ''ثورة الملك والشعب''· وقد قررت سلطات الحماية إطلاق حملة من الاعتقالات في صفوف المغاربة منذ 01 أوت 2591، ونفي الملك محمد الخامس وولي العهد آنذاك الأمير الحسن الثاني والأمير عبد الله وكافة أفراد العائلة الملكية خارج المغرب يوم 02 أوت3591· حيث اجتمع يوم 02 مارس 3591 بمراكش باشوات المدن المغربية الكبرى إضافة إلى عشرين قائدا، حيث حرروا عريضة تسير في اتجاه سحب الشرعية الدينية عن السلطان محمد بن يوسف كإمام· وبعد رفض السلطان محمد الخامس للإصلاحات التي باشرتها سلطات الحماية وعلى إثر فشل المفاوضات مع المسؤولين الفرنسيين، قرر الجنرال كيوم تنحية سلطان المغرب· وباتفاق مع الحكومة الفرنسية، أبعد محمد بن يوسف عن المغرب يوم 02 أوت 3591 على الساعة الثالثة بعد الزوال، حيث أقل هو وعائلته في طائرة عسكرية باتجاه كورسيكا قبل أن ينقل من جديد، يوم 2 جانفي 4591 إلى مدغشقر· *فرنسا تراوغ وتعيد الملك مقابل الحفاظ على مصالحها انتقدت الحكومة الفرنسية بشدة هذا الإجراء الذي اتخذه كيوم، مما كلفه الإقالة وتعيين فرانسيس لاكوست مكانه سنة 4591· أثناء فترة المنفى التي دامت من 02 أوت 3591 إلى 61 نوفمبر 5591، كان ولي العهد الحسن الثاني مرافقا لمحمد الخامس في كل اللقاءات التي كان يجريها، إذ قام فيها بدور المستشار· كما شارك في كل المفاوضات التي تمت بكورسيكا ومدغشقر وأيضا في النقاشات الرسمية وغير الرسمية، وبعد مد وجزر أعادت فرنسا الملك محمد الخامس إلى المغرب بعد زيادة الضغط الشعبي المغربي، وتزايد لهيب الثورة الجزائرية التي أعلنت تضامنها مع الشعب المغربي، وتنفيذها لهجومات الشمال القسنطيني يوم 02 أوت 5591 أي في الذكرى الثانية لنفي الملك محمد الخامس، وقد خططت فرنسا لضمان مصالحا واستمرار حمايتها من المغرب ولكن بشكل مغاير بعد سحبها لقواتها من المنطقة . قام مبارك البكاي يوم 6 نوفمبر5591، تحت إمارة السلطان محمد الخامس بتشكيل أول حكومة· وكان الهدف الرئيسي لهذه الحكومة هو متابعة المفاوضات مع سلطات الحماية في محاولة لاسترداد السيادة· وأثمرت المفاوضات بتوقيع عقد الاستقلال في يوم 2 مارس 6591 بالكي دورسي· استقلال ونظام توسعي تحت الحماية تواصلت سلطة النظام الملكي الذي أرساه الاستعمار الفرنسي وتم رسم سياسة خارجية بعد ما يوصف بالاستقلال في المملكة المغربية 6591 قامت على: التعاون مع إسرائيل على كل المستويات الأمنية والسياسية· مساعدة يهود المغرب الراغبين في الهجرة إلى فلسطين وتأمين مصالحهم · بقاء المعمرين وملاك الأرضي الفرنسيين، وضمان أمنهم وحماية ممتلكاتهم· تعاون مع فرنسا بما يؤمن المصالح الفرنسية يقابله التزام بمساعدة عسكرية وأمنية· من هذه النقاط تتضح المرجعية الحقيقية التي كانت ومازالت تحكم السياسة الخارجية للمملكة، وعليه لا يمكننا فهم علاقة هذه الأشياء بالمذهب المالكي أو الإسلام بصفة أشمل حسب ما يدعي الكاتب بمرجعية السياسة الخارجية المغربية وخلال هذا العرض سأسرد بعض الحيثيات والأحداث خلال خمسينيات وستينيات القرن التي تؤكد بما لا يدع مجال للشك إنها لم تكن مؤسسه لخدمة وطن أو لشعب مكرم ولا أمة تشاركها نفس القيم والمعتقدات: تعاون الحسن الثاني في تهجير اليهود إلى فلسطين مقابل 02 مليون دولار· أول عربي في التاريخ اعترف بإسرائيل كان الحسن الثاني أثناء ولايته للعهد· إقلاع الطيران الفرنسي من القواعد الجوية المغربية لقصف الثوار الجزائريين بمشاركة من الطيارين المغربيين· مساعدة فرنسا في اختطاف القيادة التاريخية لجبهة التحرير الوطني الجزائرية· شن الحرب 3691على الجزائر فيما يعرف بحرب الرمال وبمساعدة عسكرية إسرائيلية· السماح للموساد الإسرائيلي بالتصنت على القمم العربية المنعقدة في المملكة خلال جلساتها المغلقة منذ ستينيات القرن الماضي مما أدي إلى هزيمة 7691 م· المطالبة بالأرضي الموريتانية وعدم الاعتراف باستقلالها إلا في سنة 1791 عندما بدأ التفكير في تقسيم الصحراء الغربية معها مناصفةً· الاتفاق مع موريتانيا على تقاسم الصحراء الغربية فيما يترك لإسبانيا استغلال الفوسفات والصيد البحري لمدة 52 سنة دون منحه السيادة عليها· شن حرب إبادة على الشعب الصحراوي 6791 حيث تم قصف مخيمات اللاجئين بقنابل النبالم والفسفور الأبيض في مناطق عديدة وهو شعب مسلم مالكي المذهب بالمناسبة· الحسن الثاني كان الوسيط بين السادات والكيان الصهيوني حيث قادت هذه الوساطة إلى زيارة الرئيس المصري إلى فلسطينالمحتلة ومن ثم اتفاق كامب دفيد حيث أنه استضاف أول لقاء بين موفد السادات حسن التهامي والصهيوني موشي ديان 7791· مجزرة 1891م على أثر ما يعرف بمظاهرة الخبز حيث قتل المتظاهرين كما يقتل الذباب· انسحاب المغرب 4891م من منظمة الوحدة الإفريقية على إثر انضمام الجمهورية الصحراوية إليها كعضو كامل العضوية فيها· عقد المؤتمر اليهودي العالمي في المغرب 6891 حيث استقبل ملك المغرب رئيس الوزراء الإسرائيلي شمون بيريز على أرض المملكة ذات المرجعية الإسلامية كما يقول الكاتب· وما محاولتنا من خلال ذكر بعض الأحداث التاريخية إلا لإبراز بعض الملامح التي بنيت عليها السياسات المغربية المنغمسة في التباعية للخارج، والخيانة عن طريق الخداع والمستهينة بالدين، والأخلاق، والعدالة واحتقار الإنسان المغربي المسكين، هذا بالإضافة إلى خرق الالتزامات والتعهدات الدولية هذا تحت غطاء خفي للوبي الصهيوني وأبناء الإقطاع الفرنسي العابثين بمقدرات المغرب شعبه بتأمين من النظام الملكي المريض· * الصحراء الغربية شوكة في حلق المخزن بعد سنوات طويلة من الحرب الظالمة التي زهقت عشرات الألوف من الأرواح والاحتلال الغاشم للصحراء الغربية بسبب نزوات الحسن الثاني في توسيع حدائقه إليها، انصاع الملك إلى الإرادة الدولية وتحت ضربات البوليساريو على جبهات القتال إلى القبول بمشروع متكامل للسلام الذي يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، ونتيجة لهذا الاتفاق تم وقف إطلاق النار 1991م وبدأت المماطلات من الطرف المغربي وأجريت العديد من جولات التفاوض بين الطرفين لم تفض إلى شيء بسبب العراقيل المغربية، وهو ما أدى إلى إطالة عمر الصراع، وجدير بالذكر أن كل قرارات مجلس الأمن وتوصيات الجمعية العامة للأمم المتحدة وكذلك اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار للهيئة توصي سنوياً بضرورة تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية، بالإضافة إلى الفشل الذريع في الحصول على الاعتراف بالسيادة للمغرب، حتى من الذين دعموه عسكرياً وسياسياً من خلف الكواليس· السياسة الخارجية للمملكة صفة بلا موصوف، تجاسرت فيه الأكاذيب على الحقائق، ومرجعية المذهب المالكي إنما يمكن أن يكون تسويفاً فأما واقع الحال فلا تنعت به إلا توهماً أو إيهاماً أثبتت السنوات الأخيرة أن المغرب والإصلاحات الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة مجرد تسويق لسلعة تالفة من ذا الذي سيشتري التلف إلا إذا كان أحمق أو معتوه؟