بعدما كانت الطبيعة في وقت سابق يُستنجد بها للترفيه والتمتّع بزرقة سمائها وسحر جمالها الخلاب، خاصة إذا تعلق الأمر بمكان ساحلي امتزجت شواطئه بروعة صخور أبدع فيها الخالق في خلقه، والحديث هنا عن شاطئ السيدة الرومانية بسيدي غيلاس، الذي نسي وأهمل بفعل فاعل، فاغتنم الجناة هذه الظروف لتحويله إلى مسرح لرمي بقايا دجاج تالفة في أكياس وبطريقة عشوائية حطّمت صورة الشاطئ وضربتها في الصميم، وهو ما لاحظته السياسي خلال زيارتها التفقدية الى هذا الشاطئ المنسي. يشهد شاطئ السيدة الرومانية ببلدية سيدي غيلاس الساحلية بولاية تيبازة وضعا بيئيا كارثيا وذلك بعد تحوله إلى مكب للنفايات التي أصبحت تشوه منظره العام وقضت على ملامحه كشاطئ وكمكان للاستجمام من كل الجوانب بدءا بالرمي العشوائي للنفايات ومخلفات المصانع ومخلفات الدواجن إلى فرض الحيوانات الضالة والمنحرفين منطقهم وسيطرتهم عليه وجعله منطقة محرمة على الأشخاص والمارة، وهو الأمر الذي لاحظناه خلال تواجدنا بالشاطئ الذي يواجه اليوم وضعا مزريا وينبئ بكارثة بيئية حتمية. موسم اصطياف بنكهة العفن والروائح الكريهة بشاطئ سيدي غيلاس أول ما يشد انتباه الوافد لبلدية سيدي غيلاس الساحلية هي شواطئها الخلابة ومناظرها الطبيعية الجميلة التي تتوفر على طول شريطها الساحلي والذي يؤهلها لتكون قطبا بالدرجة الأولى، ومع توفر هذه الأخيرة على هذه المؤهلات، يبقى الإهمال وعلامات التسيب تعبث بسحر الطبيعة وهو ما وقفنا عليه عند شاطئ السيدة الرومانية بذات البلدية الساحلية أين تحول هذا الأخير إلى فضاء مفتوح لشتى أنواع القاذورات والصور التي تعكس جمالياته، أصبح شاطئ السيدة الرومانية بسيدي غيلاس مكبا مفتوحا للنفايات بمختلف أنواعها، إذ تنبعث منه على بعد كيلومتر واحد روائح الجيفة والحيوانات النافقة، وهو ما لاحظناه خلال تواجدنا بالمنطقة حيث الرائحة تحبس الأنفاس من على بعد أمتار من الشاطئ أين رائحة الجيفة تعبق بالمكان وتلوث الجو بأكمله، فلا يكاد يوجد بعين المكان فضاء منعش يبعث بالراحة، فكل المظاهر التي تلف الشاطئ هي مظاهر التشوه والنفايات والإهمال وذلك لتصرفات بعض مربي الدواجن والماشية الذين حولوا المكان إلى مكب خاص لرمي نفاياتهم بعين المكان حيث أصبح ملاذهم الوحيد للتخلص من الحيوانات الميتة وبقايا الدجاج وأحشائها، وهو ما لاحظناه أثناء تواجدنا بالمكان، أين شد انتباهنا تلك الشاحنات بدون انقطاع تفد إلى الشاطئ وتلقي بأطنان النفايات من مخلفات الدواجن والماشية في أرجائه، حيث لمحنا أكوام الريش وبقايا الدجاج وعظام الماشية تملأ المكان والتي بلغت من التعفن درجات كبيرة بفعل الحرارة، وقد أطلعنا أحد المواطنين بأنه يشاهد يوميا مربيي الدجاج والحيوانات وهم يلقون بمخلفاتهم على ضفاف الشاطئ ليضيف بأن المكان أصبح لا يطاق من وراء تصرفات هؤلاء. أصابع الاتهام وجهها المواطنون إلى أصحاب المذابح المتواجدة بالمدينة، بانتهاكهم لحرمة البيئة والمحيط، مع تسجيل سكوت غير مفهوم من طرف السلطات المحلية، أم أنهم ينتظرون تحوّله إلى شاطئ لأقدام وريش الدجاج؟ ما يؤكد أن موسم الاصطياف هناك سيكون ممزوجا بروائح قذرة، فكانت الديدان شاهدة على وقع مشهد مقزز بعنوان الطبيعة تستغيث فهل من مستجيب؟ . هي جريمة بيئية اعتبرها السكان ذنب لا يغتفر في حق المحيط، موجهين رسالة مستعجلة للسلطات المحلية والأمنية بضرورة التحقيق في الحادثة قبل الدخول في مرحلة العلاج، مطالبين بتكثيف الدوريات الأمنية وإلقاء القبض على الفاعلين بشعار ترموا الجاج!!! ، للوقوف ضد كل محاولة لتشويه صورة الشاطئ. ونحن نواصل جولتنا بعرض الشاطئ، تفاجأنا برأس بقرة مرمي في عرض الشاطئ وكأنه يتحدث عن فاعل آخر (جزار) أراد أن يكون لفعله نكهة أخرى غير الدجاج، وكل المؤشرات والمعطيات توحي بأن هناك مؤامرة تحاك لتحطيم المناظر الخلابة المحيطة بشاطئ السيدة الرومانية بسيدي غيلاس، بهدف التخلص من الأمعاء والأحشاء بأي طريقة حتى وإن كان ذلك على حساب الطبيعة. وفي كل الأحوال، الأمور أصبحت خطيرة ولا تقبل التأخير، والسكوت عن هذه التجاوزات سيبعث بنوع من الارتياح والاطمئنان في نفوس الجناة، باختصار حرمة الطبيعة انتهكت والحفاظ عليها مسؤولية الجميع ، حسبما أعرب عنه أحد المواطنين الذين التقت بهم السياسي خلال جولتها الاستطلاعية. مخلفات المصانع والمنازل تطوق عرض الشاطئ ولم يقتصر الأمر على رمي مخلفات الدواجن وبقايا الحيوانات فحسب، بل امتد إلى الرمي العشوائي للنفايات المنزلية ونفايات المصانع وهو ما لفت انتباهنا لدى تواجدنا بالمكان حيث لمحنا توافد شاحنات بصدد تفريغ حمولاتها من النفايات الصلبة والكرتون، وقد أطلعنا أحد شباب المنطقة بأن الشاطئ تحول، منذ فترة، إلى مجال مفتوح للرمي العشوائي ليضيف المتحدث بأنه طالما شاهد مثل هذه التصرفات التي جعلت الشاطئ يبدو كما هو عليه، وأثناء تواجدنا بشاطئ السيدة الرومانية ، شاهدنا نفايات لآلات كهرومنزلية مما يدل على أن المواطنين القاطنين بالجوار جعلوا من المكان مكبا للنفايات لتقول إحدى المواطنات التي التقينا بها بالقرب من الشاطئ، بأن السكان أيضا يقومون بإلقاء نفاياتهم من العتاد بالمكان. من جهتهم، يتعمد بعض الذين يلقون بنفاياتهم من الكرتون والأوراق والأكياس حرقها وإضرام النيران في جوانب الشاطئ وهو ما لاحظناه أثناء تواجدنا بعين المكان. ..والحيوانات الضالة تفرض منطقها وقد تحول الشاطئ، بفعل ما يقوم به بعض مربيي المواشي والدواجن، إلى مسرح للحيوانات الضالة، على غرار الذئاب والكلاب وذلك من أجل النبش والبحث عن الدجاج وعظام الحيوانات، فأثناء تواجدنا بالمكان، واجهنا صعوبات في التنقل بسبب الكلاب المسعورة التي كانت تملأ المكان وتتربص بالمارة أثناء بحثها عن الطعام والتي فرضت حظر التجوال حيث كانت تصول وتجول بالجهة العليا للشاطئ وعلى الطريق المؤدي للشاطئ أين تركن الشاحنات المحملة بالنفايات التي تفرغ بقايا الدجاج والحيوانات الميتة وغيرها من النفايات المنزلية، وتهدد الكلاب الضالة مستعملي الطرقات بانتشارها الملفت وتنقلها عبر أرجاء الشاطئ، وهو ما أطلعنا عليه يوسف، الذي يعمل بجوار الشاطئ، حيث أخبرنا بأنه يتنقل دائما عبر طريق الشاطئ لدى توجهه إلى مقر عمله ليضيف بأنه طالما تعترض طريقه الكلاب الضالة كما حدثت هجومات على الأشخاص من طرف الكلاب على مستوى طريق الشاطئ، ويضيف مواطن آخر بأن طريق الشاطئ أصبح خطيرا بفعل التهديد الدائم من طرف الكلاب التي انتشرت مؤخرا. من جهة أخرى، اشتكى أصحاب المشاتل والمزارعين الذين يزاولون نشاطاتهم بالقرب من الشاطئ من انتشار الكلاب وهو ما أطلعنا عليه منير ليقول بأن هذه الأخيرة طالما قامت بتخريب مزرعته ليضيف بأنه في صراع دائم معها لإبعادها عن مزرعته ومغروساته. هكذا تحول شاطئ السيدة الرومانية إلى ملاذ للمنحرفين بالجهة السفلى للشاطئ وتحديدا على ضفافه، توجد بضع أشجار متشابكة ببعضها البعض يختبئ فيها عشرات الشباب المنحرفين الذين حولوا الشاطئ إلى مكان مشبوه وأحكموا قبضتهم عليه وذلك لممارساتهم السيئة من تعاطي للكحول والمخدرات وغيرها من الأفعال المشينة والمخلة بالصالح العام والتي حرمت على العائلات ارتياد الشاطئ بسبب هذه التصرفات ولانتشارهم الملفت، ومع توفره على مناظر خلابة وساحرة تؤهله ليكون قطبا هاما للعائلات، فالمكان أصبح للكثيرين مشبوها وخطيرا وموحشا، إضافة على هذا، فإن هؤلاء الشباب ساهموا في تشويهه وتلويثه بتصرفاتهم غير اللائقة حيث أنه أثناء تواجدنا بالشاطئ، لمحنا مئات زجاجات الكحول تطفو بمياه الشاطئ ناهيك عن الزجاجات المكسرة والمبعثرة على رماله كما يغرق الشاطئ، بسبب هؤلاء الشباب الطائش، بفوضى عارمة حيث قاموا بحرق الأشجار وتقطيعها والإلقاء بها بالبحر والتي تعفنت بدورها وغيرت مياه البحر وجعلت روائح قذرة تنبعث منه على نطاق واسع، وإضافة إلى تلويث الشاطئ، حرم هؤلاء الشباب الشاطئ على أهالي المنطقة من أشخاص وعائلات بتصرفاتهم وهو ما أطلعتنا عليه إحدى المواطنات القاطنة بسيدي غيلاس حيث أخبرتنا بأن المكان أصبح لا يليق كفضاء عائلي لتضيف المتحدثة بأنه كان بالأمس القريب قبلة العائلات من مختلف المناطق ويشاطرها الرأي مواطن آخر ويضيف في السياق ذاته، بأن الشاطئ أصبح حاليا مهجورا وغير صالح للراحة والاستجمام بسبب ما آل إليه من تصرفات المواطنين ليضيف بأن طريق الشاطئ أصبح غير آمن للاعتداءات التي تحدث على مستواه من طرف بعض الشباب الذين اغتنموا تواجد الشاطئ بعزلة عن العمران وبعده عن الأنظار. سكان سيدي غيلاس يطالبون بإعادة الإعتبار للشاطئ وفي ظل هذا الوضع، تأسف الكثير من قاطني بلدية سيدي غيلاس التابعة لولاية تيبازة، لما يحدث من تجاوزات في حق هذه الواجهة البحرية التي تحوّلت إلى مفرغة عمومية حقيقية دون أي تحرك للسلطات المحلية. وفي ذات السياق، أكد العديد من المواطنين أن ذات الواجهة البحرية هي غاية في الجمال والروعة وقبلة للكثير من قاطني الولاية وكذا الزوار والسياح خلال فصل الصيف، غير أن الإهمال الذي طالها بسبب الرمي العشوائي لمختلف أنواع النفايات شوه وجهها الخلاّب، أين باتت تنتشر بها الروائح الكريهة التي تمتد على بعد أمتار والحشرات الضارة بالمكان، الوضع الذي حرم على الكثير من المواطنين من النزول للشاطئ للتمتع بزرقته وهوائه العليل، دون أي تحرك من قبل المصالح المعنية، حسب ذات المتحدثين. وفي نفس السياق، أشار بعض المواطنين إلى أنهم تقدموا بعدة شكاوى لدى مصالح بلدية سيدي غيلاس من أجل القيام بعمليات تنظيف واسعة، والحد من هذه التجاوزات القائمة على مستوى شاطئ السيدة الرومانية الذي بات مكانا للقاذورات والأوساخ، غير أنهم تلقوا الوعود فقط التي لم تتحقق إلى غاية الساعة، مشيرين إلى أنه في ظل عدم تحرّك المصالح المعنية منذ مدة، أكد الكثير من قاطني المنطقة أنهم يرغبون في القيام بعمليات تطوعية، تنظيفية، غير أن عدم حوزتهم على الإمكانيات اللازمة خاصة الشاحنات، أعاق هذه العملية. ومن جهتها، جمعية حماية المستهلك لتيبازة أكدت خلال اتصال هاتفي ل السياسي ، أنها ستقوم بتحرير مراسلة وبعثها لرئيس بلدية سيدي غيلاس، من أجل وضع حد لهذه التجاوزات والقيام بعمليات تنظيف واسعة وفي أقرب الآجال.