يزداد الوضع بين وزارة الصحة والأطباء المقيمين تأزما، خاصة عقب تنفيذ تهديدات مقاطعة المناوبات بالكامل ما جعل المستشفيات خاوية على عروشها، فلا علاج ولا فحوصات للمرضى ولا تكفل بالحالات المستعجلة. وفي الوقت الذي بادرت فيه الوزارة الوصية لعقد اجتماع آخر مع ممثلي المقيمين لمواصلة الحوار للتكفل بمطالبهم، قوبلت هذه الأخيرة بالرفض، حيث أصر المقيمون على مواصلة الإضراب المفتوح منذ ستة أشهر كرد فعل على تعنت الوزارة في الاستجابة لمطالبهم. الأزمة في قطاع الصحة تزداد حدة، والقبضة الحديدية بين وزارة الصحة والأطباء المقيمين تزداد شدة، بعد أن نفذ الأطباء تهديدهم بالتوقف عن المناوبات الليلية بداية من يوم الأحد الماضي، حيث أصبحت المستشفيات والمؤسسات الصحية خاوية على عروشها منذ مقاطعة الأطباء المقيمين للمناوبات بشكل نهائي، فيما لم يتمكن الأطباء العاميين من تغطية العجز الكبير للمقيمين عن طريق التسخيرة وفقا لما طلبته منهم وزارة الصحة، نظرا لأن عدد هؤلاء الأطباء العامين ليس كافياً لتغطية معظم المستشفيات. وفي هذا الصدد، قال وزير الصحة والسكان، مختار حسبلاوي، أن أبواب الحوار مفتوحة لكل مهنيي الصحة وللأطباء المقيمين، مشيرا على هامش المصادقة على مشروع قانون الصحة الجديد إلى أن الوزارة التقت بالأطباء المقيمين 14 مرة وهناك لجنة للأخذ بانشغالاتهم. وأشار الوزير، إلى أن الوزارة استدعت الأطباء المقيمين من أجل الحوار لكن الرفض هو ما تلقته مصالحه. ودعا الوزير الجميع للعودة إلى مناصب العمل، مشيرا إلى أن الدولة متكفلة بجميع انشغالات الأطباء المقيمين ومهنيي القطاع على أين يبقى التكفل والعلاج بالمرضى مضموما في القطاعين العام والخاص. من جهتها، كذبت التنسيقية الوطنية المستقلة للأطباء المقيمين ما جاء في تصريح وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، مختار حسبلاوي، حول استدعائهم من أجل الحوار للعودة إلى المناوبات التي قاطعها الأطباء المقيمون الأحد الماضي، مؤكدة أنهم لم يتلقوا أي اتصال من اجل الحوار حول المناوبات. وأوضح الناطق الرسمي باسم التنسيقية المستقلة للأطباء المقيمين الجزائريين، حمزة بوطالب، إن توقيفهم للمناوبات فضح سياسة البريكولاج المنتهج في قطاع الصحة، مستغربا عن اعتماد الدولة على الطلبة المقيمين في تسيير المستشفيات التي فشلت منذ الأحد الماضي في توفير الأطباء من أجل تغطية الاستعجالات فقط في المستشفيات الجامعية الكبرى. ومن جهة أخرى، اعتبر المتحدث أن قطاع الصحة في الجزائر يقوم على الطلبة بدل أن يكون أساسه الأطباء والأخصائيين، ما يعني أن الخدمات الصحية التي تقدم للمرضى تبقى منقوصة بسبب قلة الخبرة ونقص التكوين الذي يحصلون عليه، مطالبا الحكومة بعدم الاختباء وراءهم وضرورة وضع إستراتيجية واضحة للإخراج القطاع من وضعه الحالي. أما بخصوص المصادقة على قانون الصحة الجديد الذي أثار الكثير من الجدل، فقال بوطالب إنه سيكون كارثيا على قطاع الصحة وسيزيد من تفاقم الوضع خاصة في ظل عدم الأخذ بآراء العاملين في المجال. وتتمحور مطالب الأطباء المضربين منذ 6 أشهر حول إلغاء الطابع الإلزامي للخدمة المدنية والحق في الإعفاء من الخدمة الوطنية وتحسين الظروف المهنية والبيداغوجية والحق في الخدمات الاجتماعية. وكانت وزارة الصحة قد استقبلت ممثلين عن النقابة المستقلة للأطباء المقيمين الجزائريين وكان آخر لقاء لهما في 16 أفريل الماضي ولم يتوصل إلى أي نتيجة حيث رفض الأطباء الحلول التي اقترحتها الوصاية والمتمثلة في مراجعة مدة الخدمة المدنية حسب المنطقة وليس إلغاءها، كما رفض ممثلي الأطباء المقيمين منحة التحفيز التي حددت قيمتها بين 20.000 و60.000 دينار حسب المناطق، معربة عن تمسكها بمواصلة حركة الإضراب إلى غاية تلبية جميع المطالب.